المحتوى

تقسيط الأسهم في البرنامج الوطني

الكاتب: يزن النابلسي -

تقسيط الأسهم في البرنامج الوطني

 

السؤال
 
ماحكم تقسيط الأسهم في برنامج وطني المقدم من شركة الراجحي المصرفية للاستثمار؟ وجزاك الله خيرا.
 
 
الجواب
 
الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإذا كان المقصود من تقسيط الأسهم هو الانتفاع من خلال المتاجرة بها أو الاحتفاظ بها للحصول على الأرباح الموزعة فلا حرج في ذلك، فبيع التقسيط جائز باتفاق الفقهاء.
أما إذا كان المقصود هو بيعها للحصول على النقد من خلال المصرف فهذا هو التورق المصرفي، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة بمنعه؛ لأنه تحايل على الربا.
لأن حقيقة المعاملة هي أن يحصل العميل من المصرف على مئة على أن يدفع له مئة وعشرين مؤجلة، وهذا هو الربا، وقد سئل الإمام مالك _رحمه الله_ عن الرجل يبيع السلعة بمئة دينار إلى أجل، فإذا وجب البيع قال المبتاع (أي المشتري) للبائع: بعها لي بنقد فإني لا أبصر البيع، فقال مالك: لا خير، ونهى عنه.[1]
وهذا صريح في تحريم الإمام مالك لهذه المعاملة.
كما نص فقهاء الحنفية على منع صورة قريبة من التورق المصرفي، فقد ذكروا ما لو قال رجل لكفيله: تعيّن لي حريراً، بمعنى أن المأمور يشتري حريراً نيابة عن الآمر بثمن آجل ويكفله بالثمن، ثم يبيعه في السوق نقداً، ويحضر النقد للآمر.
فقالوا: إن هذا العمل محرم، والزيادة في الثمن المؤجل لا يتحملها الآمر، بل يتحملها الكفيل المأمور.[2]
ففي كلتا الصورتين نجد أن المأمور ينوب عن الآمر في توفير النقد من خلال شراء سلعة بأجل ثم بيعها نقداً لطرف ثالث، وهذا يقتضي تحريم التورق المصرفي عند الحنفية. وهناك من الفقهاء المعاصرين من يرى جواز التورق المصرفي بناء على أنه بيع وشراء، وقد أحل الله البيع وحرم الربا، لكن الراجح هو قول المالكية والحنفية وما أخذ به المجمع من منعها؛ لأن البيع يجب أن يكون محققاً لمقصوده، وهو الانتفاع بالمبيع إما بالاستهلاك أو بالمتاجرة وبيعه بربح، أما بيعه بخسارة فهو حيلة على حصول النقد الحاضر مقابل زيادة في الذمة من جنسه، وهذا هو ربا النسيئة، فالعبرة بالحقائق والمعاني لا بالصور والمباني، ولهذا حذر النبي _صلى الله وعليه وسلم_ من الحيل، وقال: "لا ترتكبوا ما ارتكبت يهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل."
فلو كان مجرد البيع والشراء كافياً في الحكم بالجواز لما كان لتحريم الحيل معنى؛ لأن كل أنواع الحيل في ظاهرها بيع وشراء، فدل على اعتبار حقيقة المعاملة دون صورتها الظاهرة، فإن كانت حقيقتها نقداً حاضراً يقبضه أحد الطرفين من الآخر مقابل دين له في ذمته بزيادة من جنسه، كان ذلك هو ربا النسيئة، ولا عبرة بكيفية الوصول لهذه النتيجة؛ لأنها محرمة على كل حال.
ويدل لذلك أيضاً قوله _صلى الله عليه وسلم_: "إذا تبايعتم بالعينة (وفي رواية بالعين) وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"، رواه أحمد وأبو داود وهو حديث صحيح.
والعينة من العين، وهو النقد، كما فسر في الرواية الأخرى، والمقصود هو البيع الذي يحصل منه المبتاع على النقد الحاضر بزيادة في الذمة، كما نص على ذلك شراح الحديث وأئمة اللغة، فالحديث نص في منع كل بيع يكون ذريعة للنقد الحاضر بزيادة في الذمة، وهذا يشمل كل أنواع الحيل للحصول على النقد، سواء كانت العينة الثنائية أو الثلاثية أو التورق المنظم أو غيرها.
فالواجب على المسلم اتقاء الحرام بشتى صوره ومظاهره، والبعد عن الربا شكلاً ومضموناً، إلا إذا كان في حالة اضطرار ولم يجد من يساعده ولا من يقرضه بغير ربا، فالضرورات تبيح المحظورات. والله الهادي إلى سواء السبيل.
 
المرجع موقع المسلم
شارك المقالة:
24 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook