تمزق الاغشية المبكر وتمزق الاغشية قبل الأوان

الكاتب: د. ايمان شبارة -
تمزق الاغشية المبكر وتمزق الاغشية قبل الأوان.

تمزق الاغشية المبكر وتمزق الاغشية قبل الأوان.

تمزق الأغشية الباكر (PROM) premature rupture of membranes هو تمزق الأغشية قبل حدوث المخاض، أما تمزق الأغشية قبل الأوان (Preterm)  فهو انبثاق الأغشية قبل الأسبوع 37 من الحمل.

الشيوع  ـ عوامل الخطورة  ـ الأسباب

يظهر تمزق الأغشية في تمام الحمل في 8% من الحمول تقريباً، وتراوح خطورة تكرار حدوث تمزق الأغشية الباكر بين 16% و 32%.

 قد يحدث تمزق الأغشية في تمام الحمل نتيجة ضعف فيزيولوجي تدريجي في الأغشية مترافق والقوى الضاغطة الناتجة من التقلصات الرحمية، وقد تعمل بعض العوامل منفردة أو مجتمعة لتسبب تمزق الأغشية قبل الأوان. فالنساء اللواتي في سوابقهن قصة ولادة مبكرة (وخاصةً إذا كانت ناتجة من تمزق أغشية)، أو قصة مخاض مبكر، والنساء اللواتي يكون عنق الرحم لديهن قصيراً (أقل من 50ملم) أو لديهن تقلصات رحمية فعالة في الحمل الحالي؛ يكنَّ جميعهن ذوات خطورة عالية لحصول تمزق الأغشية الباكر. ومن العوامل التي قد تترافق وخطورة عالية لحدوث تمزق في الأغشية قبل الأوان يذكر سوء الحالة الاقتصادية والاجتماعية، والنزف في الثلث الثاني أوالثالث للحمل، ونقص مشعر الوزن، ونقص التغذية وخاصةً النحاس وڤيتامين C، وأمراض النسيج الضام، والحامل المدخنة، والخزعة المخروطية وتطويق عنق الرحم، والأمراض الرئوية في أثناء الحمل، وفرط تمدد العضلة الرحمية، والبزل الأمنيوسي. ويترافق الخمج الأمنيوسي عادةً وتمزقاً باكراً في الأغشية وخاصةً عندما يكون عمر الحمل صغيراً، وقد يكون تمزق الأغشية مجهول السبب.

التشخيص

تشخص معظم حالات تمزق الأغشية بالاعتماد على القصة المرضية والفحص السريري. يجرى الفحص السريري بطريقة عقيمة للإقلال من احتمال حدوث الخمج. يجب الامتناع عن إجراء المس المهبلي لتسببه بالخمج وقلة فائدته في إعطاء معلومات إضافية على الفحص بمنظار المهبل؛ إلا إذا كانت المريضة في حالة مخاض فعال أو توقع حدوث الولادة قريباً. يمكّن الفحص بمنظار المهبل من كشف التهاب عنق الرحم، وانسدال السرر أو الأعضاء الجنينية، وتقييم اتساع عنق الرحم وامّحائه والحصول على عينات مناسبة للزرع. يتم تشخيص تمزق الأغشية برؤية السائل الأمنيوسي يتدفق عبر القناة العنقية. وفي حالة الشك بالتشخيص يتم تقييم درجة الحموضة في الرتج الخلفي للمهبل أو جدرانه الجانبية، فحموضة المفرزات المهبلية الطبيعية تراوح بين 4.5 ـ6 فيما تكون بين 7.1 ـ7.2 حين وجود السائل الأمنيوسي. قد تظهر نتائج إيجابية كاذبة حين وجود الدم أو المني أو المطهرات القلوية، أو التهاب المهبل الجرثومي. وقد تكون النتائج سلبية كاذبة حين تسرب السائل المديد وقلة كمية السائل المتبقية. ويمكن الحصول على معلومات إضافية بأخذ مسحة من الرتج الخلفي للمهبل مع الابتعاد عن المخاط العنقي وتركه ليجف على الصفيحة المجهرية، ووجود التسرخس بالفحص المجهري يرجح تشخيص تمزق الأغشية. وقد يفيد تقدير كمية السائل الأمنيوسي بالأمواج فوق الصوتية في توثيق شح السائل الأمنيوسي لكنه ليس مشخصاً. وعند عدم كفاية القصة السريرية والفحص الفيزيائي في تأكيد التشخيص يمكن حقن صبغة الكارمن ضمن الرحم وعبر البطن (1مل في 9مل سيروم ملحي معقم مع المراقبة بالأمواج فوق الصوتية) ثم تحري خروج السائل الأزرق من المهبل.

المضاعفات

يحدث الخمج الأمنيوسي intraamniotic infection في نحو 13 ـ60% من حالات انبثاق الأغشية قبل الأوان، ويحدث الخمج بعد الولادة في2 ـ13% من الحالات. ترتفع نسبة الأخماج كلما قل عمر الحمل, وعند إجراء الفحص النسائي بالمس المهبلي. ويزداد احتمال حدوث الخمج الجنيني حين حدوث الخمج الوالدي، ويؤدي الإنتان وانضغاط السرر داخل الرحم إلى العديد من أشكال المراضة والوفيات حول الولادة سواء أكان تمزق الأغشية بتمام الحمل أم قبله.

تمزق الأغشية الباكر اختلاط يحدث في ثلث الولادات  الباكرة قبل الأوان، وينتج منه الولادة المبكرة بعد فترة قصيرة من تمزق الأغشية, وبغض النظر عن الأعراض السريرية تحدث الولادة لدى المريضة عادة في أسبوع واحد من تمزق الأغشية قبل الأوان وذلك في غياب العلاج الداعم، وتطول فترة الكمون (الفترة الفاصلة بين حدوث انبثاق الأغشية وبدء المخاض) كلما صغر عمر الحمل.

تزداد حالات المجيئات المعيبة حين تمزق الأغشية قبل الأوان، ويحصل انفكاك المشيمة في 4 ـ12% من الحمول. تكون المضاعفات الوالدية أقل شيوعاً في أغلب الحالات، وتنجم معظم المخاطر الجنينية عن الخداج. يعد القصور التنفسي المضاعفة الأكثر شيوعاً في الولادة المبكرة، وتشمل الأشكال الأخرى للمراضة الخمج، ونزف داخل البطينات، والتهاب القولون النخري.

يؤدي حدوث الخمج داخل الرحم حين تمزق الأغشية قبل الأوان إلى ضعف التطور العصبي، وعندما يكون سن الحمل صغيراً يترافق بزيادة احتمال حصول أذية في المادة البيضاء الدماغية (أقل من 0.001) وذلك بعد الانتباه لفترة الكمون، وتطبيق الستيروئيدات، وعمر الحمل، ونقص الوزن حين الولادة. ومع ذلك لا يوجد حالياً دليل كاف يثبت أن إنهاء الحمل بعد حدوث تمزق الأغشية يقلل من نسبة حدوث هذه المخاطر.

يستعيد السائل الأمنيوسي حجمه الطبيعي بالعلاج المحافظ في 2.8 ـ13% من مريضات تمزق الأغشية. تعد حالات حدوث تسرب السائل الأمنيوسي بعد عمليات البزل أفضل إنذاراً منها حين حصول تمزق الأغشية العفوي؛ إذ تلتحم الأغشية من جديد في معظم الحالات، ويتوقف تسرب السائل الأمنيوسي ويعود إلى حجمه الطبيعي.

التدبير

لا يمكن التوصل لطريقة معتمدة للوقاية من تمزق الأغشية الباكر لأنه قد يحدث في غياب عوامل مسببة معروفة، ولذلك يهدف التدبير إلى علاج مرحلة ما بعد حصول التمزق.

يكمن أهم خطر لتمزق الأغشية في تمام الحمل في حدوث الإنتان الأمنيوسي الذي قد ترتفع نسبة حدوثه بازدياد مدة تمزق الأغشية، وتتمثل الخطورة على الجنين بانضغاط السرر والإنتان الصاعد.

هناك بعض الجدل حول المقاربة النموذجية للتشخيص والمعالجة. يعتمد التدبير عادة على تقدير عمر الحمل، ومقارنة الخطر النسبي للولادة المبكرة بالإنتان داخل الرحم، وانفكاك المشيمة الباكر، وانضغاط السرر حين تطبيق العلاج المحافظ.

يجب تحديد عمر الحمل وحالة الجنين العامة والمجيء لكل الحوامل حين تشخيص تمزق الأغشية، وإن وجود علامات واضحة للإنتان أو تألم الجنين أو بدء تطور المخاض أو انفكاك المشيمة الباكر يستوجب إنهاء الحمل وذلك مهما كان عمر الحمل، أما في غياب ذلك  ـوخاصةً عند تمزق الأغشية قبل الأوان ـ فيمكن أن يكون لتطبيق العلاج المحافظ عظيم الأثر في النتائج في الأم والجنين. لذلك من الضروري إجراء الاستشارة الطبية الدقيقة وتقييم عمر الحمل، وإدراك المخاطر الوالدية والجنينية حين تدبير حالات تمزق الأغشية وشرحها.

يقترح عادة إنهاء الحمل حين تمزق الأغشية الباكر بتمام الحمل لإنقاص نسبة حدوث الإنتان الأمنيوسي مع إمكانية منح الوقت الكافي لتطور الطور الكامن للمخاض. إن هذا الإجراء يقلل من الفترة التي تفصل بين تمزق الأغشية والولادة، ويخفض نسبة حدوث الإنتان الأمنيوسي والمراضة بعد الولادة والحاجة للعلاج بالصادات من دون زيادة نسبة القيصريات أو الإنتانات عند الولدان. يجب إعطاء العلاج للوقاية من الإنتان بالعقديات عند اتخاذ القرار بإنهاء الحمل وذلك في مدة 4 ساعات قبل الولادة على الأقل. ويعتمد ذلك على نتائج الزرع السابق أو على وجود عوامل خطورة في غياب الزرع. قد يختلف الوقت الذي يعد الأفضل لإنهاء الحمل حين وجود تمزق أغشية قبل الأوان باختلاف المراكز الطبية؛ وذلك بسبب اختلاف المعايير التي تعتمدها فيما يتعلق بعمر الحمل وبحالة الجنين المناسبين لإنهاء الحمل.

ينصح بإنهاء الحمل عند تمزق الأغشية بعمر 34 أسبوعاً أو أكثر؛ وذلك بسبب ارتفاع نسبة الإنتان الأمنيوسي وعدم جدوى تطبيق الستيروئيدات لإنضاج رئتي الجنين بعد هذا العمر الحملي.

تقل نسبة المضاعفات القاتلة للخدَّج حين إتمام 32 ـ33 أسبوعاً حملياً، وخاصة بعد التأكد من نضج رئتي الجنين بدراسة عينة من السائل الأمنيوسي تؤخذ عبر المهبل أو بالبزل الأمنيوسي، فإذا تم التأكد من نضج رئتي الجنين يكون التوجه نحو تحريض المخاض، وقد يكون العلاج المحافظ مفيداً عند عدم نضج الرئتين. لم تثبت فعالية إعطاء الستيروئيدات مع تمزق الأغشية بعمر 32 ـ33 أسبوعاً لتسريع النضج الرئوي ومع ذلك ينصح بعضهم بإعطائها.

عند تمزق الأغشية بين 24 ـ31 أسبوعاً يجب تطبيق العلاج المحافظ مالم يكن هناك مضاد استطباب والدي أو جنيني حتى الوصول إلى 33 أسبوعاً حملياً. يفيد استعمال الصادات في إطالة فترة الكمون، واستعمال الستيروئيدات في إنقاص المراضة المرتبطة بالخداج والإنتان.

يتوجب إجراء الاستشارة الطبية في النساء اللواتي يعانين تمزق الأغشية قبل فترة قابلية الجنين للحياة، وتزويد الأهل بالمعلومات الأكثر حداثة عن هذا الموضوع. يجب أن تشمل الاستشارة تقييماً لنتائج الحمل المتوقعة للموازنة بين خطر الولادة المبكرة والخداج وبين العلاج المحافظ لإطالة عمر الحمل, وتحديد إمكانية المراقبة التوليدية والعناية بعد الولادة لمحصول الحمل بالرغم من التحسن في نسب  المراضة والوفيات والتقدم في مجال الرعاية حول الولادة.

يعتمد العلاج المحافظ عامة على الراحة في السرير، والامتناع عن الفعالية الحوضية من أجل منح الفرصة لإعادة تجمع السائل الأمنيوسي. يجب تقييم المريضات دورياً للكشف المبكر عن علامات الإنتان أو انفكاك المشيمة أو انضغاط السرر أو بدء تطور المخاض. وللتأكد من سلامة الجنين يمكن مراقبة دقات قلبه ومراقبة الفعالية الرحمية لكشف انضغاط الحبل السري الخفي والتقلصات الرحمية غير المؤلمة. لا يوجد إجماع حول تواتر عملية التقييم ، لكن يجب أن تتضمن الخطة المتبعة التصوير الحوضي بالأمواج فوق الصوتية والمتكرر لمراقبة حجم السائل الأمنيوسي ودقات قلب الجنين.

يشير ارتفاع درجة الحرارة أكثر من 38 درجة مئوية إلى الإنتان على الرغم من تأكيد بعض الباحثين أن ارتفاع الحرارة مع المضض الرحمي، وتسرع قلب الأم والجنين هي علامات أكثر نوعية للإنتان الوالدي. يعد ارتفاع تعداد الكريات البيض بدون وجود دليل سريري على الإنتان علامة غير نوعية وخاصةً عند تطبيق الستيروئيدات.

يترافق شح السائل الأمنيوسي (مشعر السائل الأمنيوسي AFI > 5 ، أو قياس الجيب العمودي الأعظمي أقل من 2سم بوساطة التصوير بالأمواج فوق الصوتية) وفترة كمون أقل للولادة وزيادة خطورة المراضة عند الرضع متضمنة القصور التنفسي, ولكنه لا يزيد من نسبة الإنتان الوالدي أو الجنيني بعد تمزق الأغشية. يعد شح السائل الأمنيوسي مؤشراً سيئاً في جميع الحالات.

يشير العديد من الباحثين إلى أهمية التصوير بالأمواج فوق الصوتية بالطريق المهبلي في تقييم طول عنق الرحم للتنبؤ بطول فترة الكمون في أثناء العلاج المحافظ لتمزق الأغشية. وقد أقر بعضهم أن قصر عنق الرحم بعد التمزق يرتبط بقصر فترة الكمون.

أشارت العديد من الدراسات العالمية إلى فعالية إعطاء الستيروئيدات في سرعة النضج الرئوي الجنيني  بغض النظر عن حدوث تمزق في الأغشية ، ونصحت مؤسسة الصحة العامة بتطبيق شوط علاجي مفرد من الستيروئيدات عند تمزق الأغشية قبل الأسبوع الحملي 32 في حال غياب الانتان الأمنيوسي.

ينصح بإعطاء الصادات لمدة أسبوع واحد، ويتضمن ذلك مشاركة الأمبسللين أو الأموكسيسللين مع الأريترومايسين وريدياً أو فموياً عند علاج تمزق الأغشية الباكر قبل الأوان وخاصةً عندما يكون عمر الحمل صغيراً من أجل تخفيض نسبة الإنتان وإطالة فترة الكمون وبذلك الإقلال من نسبة المراضة المرتبطة بالخداج.

حين حدوث تمزق الأغشية مع توقع قابلية الجنين للحياة يجب إعطاء الصادات للوقاية من الإنتان بالعقديات في أثناء المخاض في المريضات الحاملات لمجموعة العقديات، أو عدم وجود زروع جرثومية سابقة لمنع الانتقال العمودي للإنتان.

تشير الدراسات التي تنصح باستعمال الستيروئيدات والصادات الوقائية بعد حصول تمزق الأغشية قبل الأوان إلى حدوث تراجع كبير في نسبة القصور التنفسي والمراضة والوفيات ما حول الولادة.

تتم حاليا مناقشة فعالية إعطاء الأدوية الموقفة للمخاض من أجل السماح بتطبيق الصادات والستيروئيدات في مريضة تمزق الأغشية قبل الأوان التي تشكو من تقلصات رحمية، وهكذا لا يمكن إعطاء توصيات محددة حول هذا الموضوع.

إن حدوث تمزق الأغشية في مرحلة يكون فيها الجنين قابلاً للحياة يتطلب الاستشفاء من أجل الراحة في السرير مع الامتناع عن الجماع، وينصح بالمراقبة الحثيثة والمستمرة للحامل والجنين بسبب احتمال تطور الإنتان الأمنيوسي المفاجئ أو انضغاط السرر، مع الإشارة إلى أن العلاج في المنزل لم يقدم الحماية الطبية الكافية.

يمكن تلخيص التدبير بالتوصيات التالية المبنية على الدليل العلمي المثبت:

1 ـ في حال تمزق الأغشية في المريضة بتمام الحمل يجب تحريض المخاض للإقلال من خطر حدوث الإنتان الأمنيوسي.

2 ـ حين تمزق الأغشية قبل 32 أسبوعاً حملياً تجب المراقبة حتى إتمام 33 أسبوعاً في حال عدم وجود مضاد استطباب والدي أو جنيني.

3 ـ ينصح بإعطاء العلاج الوريدي بالأمبسللين مع الاريترومايسين لمدة 48 ساعة؛ ثم إعطاء الأموكسيسللين مع الاريترومايسين فموياً لمدة 5 أيام في أثناء تطبيق العلاج المحافظ لتمزق الأغشية قبل الأوان لإطالة فترة الحمل وإنقاص نسبة حدوث الإنتانات والمراضة المرتبطة بالخداج.

4 ـ يجب العلاج بالصادات في كل حالات تمزق الأغشية مع قابلية الجنين للحياة؛ وذلك حين وجود مريضات حملة  للعقديات أو في النساء اللواتي ليس لديهن نتائج زروع جرثومية سابقة.

5 ـ حين حدوث تمزق الأغشية قبل 32 أسبوعاً يجب إعطاء الستيروئيدات للإقلال من خطورة القصور التنفسي وما يتلوه من مراضة ووفيات عند الخدج.

شارك المقالة:
150 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook