يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على نبيّه محمد عليه الصلاة والسلام، وحياً بواسطة جبريل عليه السلام، والمحفوظ في الصدور، والمكتوب في المصاحف، وهو المصدر الرئيسي للتشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة، ومن الجدير بالذكر أن للقرآن الكريم أثرٌ عظيمٌ على النفوس، فهو شفاءٌ لأمراض القلوب؛ كالشك، والحقد، والغلّ، والحسد، والرياء، والنفاق، والحسد، فقد قال الله تعالى: (يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِّكُم وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدورِ وَهُدًى وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ)، كما إنه يهدي للأخلاق والصفات الفاضلة: كالإحسان إلى ذوي القربى والمساكين، وبر الوالدين، والعدل في المعاملات.
بيّن أهل العلم أن القرآن الكريم لم يُكتب منقوطاً في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- والصحابة رضي الله عنهم، ويرجع السبب في ذلك إلى كثرة اعتمادهم على التلقّي والسماع، وعدم اعتمادهم على المصاحف في القراءة، بالإضافة إلى حرصهم على المحافظة على صورة الكلمة صالحة لكلّ ما ثبت من أوجه القراءات، كما رُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "جرّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء"، وقد اختلف المؤرّخون في تنقيط الكلمات في اللغة العربية، حيث ذهب بعضهم إلى أن العرب كانوا يعرفون تنقيط الأحرف قبل الإسلام ليتمكّنوا من تمييز الأحرف المتشابهة، ولكنّهم تركوا التنقيط عند كتابة المصحف للأسباب التي سبق ذكرها.
وقال بعضهم الآخر إن التنقيط لم يكن معروفاً قبل أبي الأسود الدّؤَلي، فهو أوّل من نقّط الحروف، وأوّل من نقّط المصحف الشريف، وهو تابعيّ جليل من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم اشتهر التنقيط في عهد عبد الملك بن مروان وأمر بتنقيط القرآن الكريم، وذلك بعد اتّساع الرقعة الجغرافية للدولة الإسلامية، ودخول الكثير من الأعاجم في الإسلام واختلاطهم بالعرب، مما أدّى إلى ظهور اللّبس والإشكال في قراءة المصحف، وقد كلّف عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف الثقفي بمهمّة تنقيط القرآن الكريم، فاستعان الحجّاج بعالمين من خيرة علماء المسلمين، ومن تلامذة أبي الأسود الدؤلي، وهما: يحيى بن يعمر العدواني، ونصر بن عاصم الليثي، الذين اشتهرا بالصلاح، والورع، وسعة العلم في اللغة العربية والقراءات، فوضعا النقاط على الحروف المتشابهة من نقطةٍ إلى ثلاثة.
اسمه ظالم بن عمرو الدُّؤَلي، وقيل الديلي، وُلد في عهد النبوّة، وقرأ القرآن الكريم على عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وروى الحديث عن أبيّ بن كعب، وعمر بن الخطاب، وأبي ذر الغفاري، والزبير بن العوام، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم، وروى عنه الحديث عمر مولى غفرة، وابن بريدة، ويحيى بن يعمر، وقيل إن أبا الأسود الدؤلي قاتل مع علي بن أبي طالب -كرّم الله وجهه- في معركة الجمل، وكان من أكمل الناس رأياً وعقلاً، وفي أحد الأيّام سمع علي -رضي الله عنه- لحناً فأمره بوضع شيءٍ من النحو، فكان أوّل من تكلّم في النحو.
وقيل إن سبب وضع علم النحو يرجع إلى قصةٍ حدثت مع أبي الأسود، حيث قالت ابنته: "ما أشد الحر"! فقال لها: "الحصباء بالرمضاء"، فقالت: "إنما تعجّبت من شدته"، فقال: "أوقد لحن الناس"؟ فذهب إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وأخبره بالأمر، فأعطاه أصولاً بنا منها، وعمل بعده عليها، وأخذ عنه الخليل بن أحمد الفراهيدي، ورُوي عن أبي الأسود أنه قال: "دخلْتُ على علي، فرأيته مطرقاً، فقلت: فيم تتفكّر يا أمير المؤمنين"؟ قال: "سمعت ببلدكم لحناً فأردت أن أضع كتابا في أصول العربية"، فقلت: "إن فعلت هذا أحييتنا، فأتيته بعد أيام، فألقى إليّ صحيفةً فيها: الكلام كلّه اسمٌ، وفعلٌ، وحرفٌ، فالاسم ما أنبأ عن المسمّى، والفعل ما أنبأ عن حركة المسمّى، والحرف ما أنبأ عن معنى ليس باسمٍ ولا فعلٍ، ثم قال لي: زده وتتبّعه، فجمعت أشياء ثم عرضتها عليه".
إن القرآن الكريم منهج حياة للمسلمين، وسبيل عزّتهم، وطريقهم إلى النصر، وقد خصّ الله -تعالى- كتابه العظيم بالعديد من الخصائص، وفيما يأتي بيان بعضها:
اختلف أهل اللغة في سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم، حيث ذهب الإمام الأشعري -رحمه الله- إلى أن كلمة قرآن مشتقة من الفعل (قرن) بمعنى ضمّ الشيء إلى شيءٍ آخر، وأن سبب تسمية القرآن بهذا الاسم ترجع إلى أنه مكوّنٌ من سورٍ وآياتٍ يضمّ بعضها بعضاً، وقيل إن كلمة القرآن مشتقّة من القرء بمعنى الجمع، لأن القرآن الكريم يجمع أنواع العلوم، ويجمع ثمرات الكتب السماوية كلّها، وذهب الإمام الشافعي -رحمه الله- إلى أن كلمة القرآن اسم علمٍ على كتاب الله، وليست مشتقّة، كما إن الإنجيل اسمٌ للتنزيل الذي نزل على عيسى عليه السلام، والتوراة اسمٌ للكتاب الذي أُنزل على موسى عليه السلام.
موسوعة موضوع