ثمرات بر الوالذين.

الكاتب: حنان حوشان -
ثمرات بر الوالذين.

ثمرات بر الوالذين.

 

االأمر ببرّ الوالدين

 

جاء أمر الله تعالى بالإحسان إلى الوالدين، وقد خصّ بالذكر البرّ عند كبرهما، لأنّه الوقت الذي يشعر فيه الوالدان بالضعف، وقلّة الحيلة، ويحتاجان من يهتم بأمرهما، ويعتني بهما، ولقد فصّل الله سبحانه بعض الأوامر التي يجب على المسلم أن يحذر منها، ويأخذها بعين اعتباره مع والديه، فقال: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)، وذلك لأنّه قد يصاحب مكوث الوالدين مدةً طويلةً عند ابنهما الملل والضجر، ويبدأ الاستثقال من وجودهما، وإظهار ذلك بالغضب، أو الشتم، وغير ذلك، فلذلك جاء الأمر من الله سبحانه ألّا يُصدر الإنسان أيّ فعلٍ يدلّ على ضجره، وملله منهما، ولو كان بلفظ التأفف منهما، أو نهرهما على شيءٍ بدا منهما، وفي ذلك تمام البرّ، ولقد زاد الله تعالى بعد ذلك الأمر بالتواضع لهما، والدعاء لهما بالرحمة مستذكراً فضلهما السابق عليه وهو صغيرٌ، لا حيلة له ولا قوة، فقال الله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).

 

بر الوالدين بعد الموت

 

من كرم الله تعالى أن فتح الباب أمام الناس أن يبرّوا آبائهم حتى بعد وفاتهم، وذلك لأهمية وعظيم شأن البرّ عند الله سبحانه، ولقد جاءت الوصيّة جليةً في كتابه الكريم في برّ الوالدين، إذ قال: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ)،ولقد سُئل النبيّ -عليه السلام- عن برّ الوالدين بعد الوفاة، هل لا يزال إليه سبيل؟ فأجاب بالإيجاب، وقال: (الصَّلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهما من بعدِهما، وصلةُ الرَّحِمِ الَّتي لا تُوصَلُ إلَّا بهما، وإكرامُ صديقِهما)،فكلّ ما ورد في الحديث عن النبيّ -عليه السلام- يكون وجهاً من أوجه برّ الوالدين بعد وفاتهما، وقد سأل صحابيٌّ النبيّ في جواز أن يتصدّق عن والدته المتوفية، فوافق له على ذلك، وقد زاد العلماء جواز أداء الحجّ والعمرة عمّن تُوفي من الوالدين، وممّا ذُكر صريحاً عن النبيّ -عليه السلام- من أعمال البرّ التي لا تزال تزيد من حسناته بعد وفاته، ولدٌ صالحٌ يدعو له، ففي ذلك تنبيهٌ على عظيم فضل الدعاء للوالدين بعد وفاتهما، وحتى إنّ فضل الدعاء يكاد يزيد على فضل الصدقة، أو الحجّ، أوالعمرة إن كانا نافلتين.

 

برّ الوالدين أحياءً

كثيرةٌ هي أشكال البرّ التي يستطيع أن يقدّمه الابن لوالديه وهم أحياءً، فيما يأتي ذكرٌ لبعض أشكال البرّ للوالدين في حياتهما:

  • الدعاء لهما، وهو من أولى الأولويات التي يجب على المرء أن يقدّمها لوالديه، فيدعو لهما بالرحمة، والمغفرة، والبركة في الصحّة، والرزق، والدين، بل وأن يتحيّن الأوقات التي يظنّ أنّ الإجابة فيها أقرب، فيدعو لهما بالخير والصلاح.
  • الصدقة عنهما، ومن ذلك إيقاف وقفٍ عنهما؛ كبناء مسجدٍ، أو حفر بئرٍ، أو طباعة منشوراتٍ إسلاميةٍ.
  • الترفيه عنهما، وإدخال السرور إلى قلبيهما، وقد يكون ذلك برحلةٍ، أو غداءٍ، أو ما شابه، فإنّ ذلك يضفي عليهما سعادةً كبيرةً.
  • تبجيلهما وتوقيرهما، فقد يكون ذلك بتقبيل الرأس، أو اليد، وهو من أحد حقوقهما على ابنهما، فيجب أن يحرص على التواضع أمامهما، واحترامهما ما استطاع.
  • شكرهما، ومدحهما، والثناء عليهما، فهما كانا السبب في كثيرٍ من نجاحات الابن بتوفير النصح، والمال، والدعم المادي، والمعنوي له، فمن واجبه تجاه والديه أن يكون شاكراً لهما، ذاكراً لإحسانهما.
  • إظهار الاهتمام بالوالدين، والسعي والمبادرة إلى قضاء حوائجهما.
  • مشاورتهما في الأمور الخاصة؛ كالزواج، أو السفر، أو الدراسة، والعمل.
  • حسن الاستماع إليهما، وإظهار البهجة، وإشعارهما بالتفاعل، والحضور أثناء ذلك، بتحريك الرأس، والنظر المباشر إليهما.
  • إهدائهما الهدايا، وحسن التواصل معها، سواءً بالتزاور، أو بالمكالمات إن عزّ التزاور، فلا يجوز للابن أن ينقطع عن والديه دون مبررٍ حقيقيٍّ لذلك.

 

ثمرات برّ الوالدين

يجني المرء ببره لوالديه الكثير من الأجور والفضائل في الدنيا والآخرة، فيما يأتي ذكرٌ لجانبٍ من ثمرات برّ الوالدين في الدارين:

  • العمل بوصيّة الله تعالى، ونيل الأجر بامتثال أوامره، فالله تعالى أوصى عباده أن يبرّوا آبائهم، ويحسنوا إليهم، فقال الله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَوَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
  • الاقتداء بسنن الأنبياء من قبل، فقد عُرفوا ببرّهم لآبائهم، وإحسانهم إليهم، وهم بذلك قدوةً للمؤمنين من بعدهم، فقد قال الله تعالى في نبيّه يحيى عليه السلام: (وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا*وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا).
  • رضا الله تعالى، فإنّ رضا الله سبحانه من رضا الوالدين، فعلى المسلم أن يتحرّى برّ والديه، ورضاهما بحثاً عن رضا الله سبحانه، وما يدلّ على ذلك قول النبيّ عليه السلام: (رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، و سخطُهُ في سخطِهما).
  • الفوز بدعائهما المستجاب، فإنّ النبيّ -عليه السلام- أخبر بأنّ دعاء الوالد لولده مستجابٌ، فإن كان الولد بارّاً بوالديه، قاضياً لحوائجهما، كان أقرب من دعائهما له بالخير، والصلاح، والتوفيق، وكلّ مسرّةٍ يريدها وينشدها.
  • نيل البركة في الرزق، والعمر، والسعة في العمر، وقد دلّ على فضل ذلك حديثٌ عن النبيّ عليه السلام، إذ قال: (من سَرَّهُ أن يُبسطَ له في رزقِه، أو يُنسأَ له في أَثَرِهِ، فليَصِلْ رحِمَه)،والمقصود ببسط الرزق أيّ البركة فيه، والمقصود بينسأ في أثره أي يمدّ في أجله، ولقد فسّر العلماء المدّ في الأجل على ثلاثة أشكالٍ، وهي:
    • البركة في الأوقات، والإنجازات، والتوفيق للطاعات.
    • إضافة عمرٍ حقيقيٍّ على عمره الأصلي، وذلك بإخبار الملائكة الموكول لها هذا الأمر، وما ذلك بمعجِزٍ على الله سبحانه.
    • زيادةٌ على شكل ذكرٍ، وحياةٍ له بالسمعة الحسنة بعد وفاته، فكأنّه لم يمت، لطيب ذكره.

 

شارك المقالة:
111 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook