حاجز اليأس

الكاتب: المدير -
حاجز اليأس
"حاجز اليأس

 

الحياة في عالمنا العربي مريرة، فيها أحداث كثيرة، والعين تنظر قريرة، تخشى عبوسًا قمطريرًا، فهذه هي الحياة، رغم كل التفاصيل التي فيها، والتي تمر بكل إنسان على وجه الأرض، فإن أغلب هذه التفاصيل والأحداث هي ظروف صعبة خارجة عن طاقة الإنسان، ولا يستطيع تحملها، وتكون أمامه أشبه بحاجز سميك، وهو حاجز اليأس، الذي يعتبر المعوِّق الأكبر الذي يعتري الإنسان ويجعله يشعر بالإحباط من أبسط الظروف، ويوقفه في منتصف الطريق في محطة الضياع التي لا تقدُّم بعدها ولا وصول، هذا في حالة استسلم الإنسان له وجعله داءً يستفحل على حياته ويدمرها.

 

فعندما تشعر يا إنسان أنك تصطدم بحاجز اليأس تذكر دائمًا أن الحياة لا تدوم لأحد، وهي - كما قالوا -: لو دامت لغيرك ما وصلت إليك، ففي بعض الأحيان تشعر أنك تملِك كل شيء، وفي أحيان أخرى تجد نفسك فاقدًا لكل شيء؛ لأنك في الأصل لا تملك حتى نفسك؛ فـ: ? كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ? [القصص: 88]؛ أي: وجه الله العلي القدير.

 

وكذلك عليك ألا تأمَنَ لمكر الدنيا؛ ففي لحظة ما تعطيك كل نِعَم الحياة، وفي لحظة أخرى تعكس لك وجهها بعبوس، وتعطيك نقمها بكل بساطة.

 

فمِن الضروري عليك يا إنسان في كل مكان وزمان أن تتجاوز حاجز اليأس وظروفه القاهرة، وألا تقفَ مكتوف الأيدي تريد من الحياة أن تهَبَك ما تشاء، فمهما كان الحاجز الذي أمامك سميكًا وصعبًا تجاوزه فإن الإرادة القوية هي التي تحطِّم أي حاجز يواجهك، فسِرْ في الحياة ولا تتردد ولا تقف؛ فالحياة لا تقفُ لموت أحد؛ لأن كل الأحداث التي يمر بها كلُّ إنسان هي القدر المحتوم الذي رغم كل شيء يجب أن تحدث؛ فهذا ما كتبه اللهُ لنا.

 

فماذا تنتظرُ مِن الدنيا أن تعطيك؟ هل تنتظر - كما قال عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم -: ((بادروا بالأعمال سبعًا؛ هل تنتظرون إلا فقرًا مُنسيًا، أو غنًى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرَمًا مفندًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدجال؛ فشر غائب ينتظر، أو الساعة؛ فالساعةُ أدهى وأمرُّ))؟!

 

فعِشْ حياتك كيفما تكون، واعبُدِ الله فيها أينما تكون؛ لأن اللهَ خلَقنا لغاية سامية، وهي عبادة الله، فاجعل الدنيا قاربًا، والنجاة فيها هو التوكل على الله، وحسن الظن بالله؛ لأن مَن توكل على الله كفاه، ومَن أحسن الظن بالله كان الله عند حسن ظنه، وعليك أيضًا أن تأخذ الأمور ببساطة، فلا تعكر صفو الماء الذي تسير فيه لتعيق طريق اتجاه القارب الذي تركب فيه، واجعَلْ شراع قاربك الكفاح، والإرادة القوية، والإيمان بكل ما كتبه الله من خير وشرٍّ.

 

وإيمانُك بالله وبرحمته التي وسعت كل شيء كفيلٌ بأن يضمن لك نور الطريق، ويكون لك حبل نجاة من أمواج البحر التي تعترض قاربك، وهي الأحداثُ والعوارض في الحياة.

والآية القرآنية الآتية هي الإثبات بأن الله بالغ أمره، وأن نورَ الله وحده هو الطريق لكل القانطين والمحبطين والمذنبين.

قال تعالى: ? قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ? [الزمر: 53].

 

وأخيرًا أقول لكل إنسان مرت به حواجز يأس في ماضيه، وجعلته يتألم من ماضيه، مع نهاية العام الحالي: اطوِ صفحةَ الماضي بكل أوجاعه، وكن كما قالوا: خُذْ من التاريخ عِبرة، ولا تسكُبْ عليه عَبرة؛ فالماضي هو تاريخك الذي كُتب بكل ما فيه، فإن كنت فيه مذنبًا في حق الله فتُبْ، وإن كنت مخطئًا في حق إنسان فاعتذِرْ، وإن كنت مظلومًا فارمِ أحمالَك على الله، وإن كنت فاقدًا فالله يعوِّضك العِوَض الجميل، وإن كنت مريضًا فالله وحده يشفيك، وإن كنت فقيرًا فالله يُغنيك، عليك فقط بالتوكل على الله، والتفاؤل بالخير، والإكثار من الاستغفار؛ ففيه القرار والاختيار، ومعه تصل إلى حسن الدار، في الدنيا والآخرة.


"
شارك المقالة:
18 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook