إلى الشرق من نفود السِّر ونفود الطُّرْفِيَّة وصَعَافِيق تبدأ في الظهور حافة جبلية أخرى هي حافة الجِلة، وتكون في أبرز صورة لها على امتداد الشُّمَاسِيَّة وتوابعها، وإلى الجنوب الشرقي من جال الشُّمَاسِيَّة بعد جبل الرُّوَيْكِب تتخذ الحافة اسمًا محليًا آخر هو (جال الرُّوَيْكِبَة أو الرُّكَيْبَانِيَّة) الذي يستمر حتى تندفن الحافة برمال نفود المَواصِل في منطقة الرياض عند دائرة عرض 25 َ 25 ْ شمالاً.

 

ورمال نفود المَواصِل تصل بين نفود المَلْحَاء ونفود السِّر، وقد تكون شغلت منخفضًا كان يمر من خلاله أحد الأودية التابعة الذي أوجد فجوة خلال الحافة، وإلى الجنوب من نفود المَواصِل تظهر الحافة مرة أخرى ولكن باسم جديد هو (جال الجلة) الذي سرعان ما يتغير إلى جال جِلة العِشَار جنوب دائرة عرض 00 َ 25 ْ شمالاً بعد فجوة أوجدتها الشعاب التي تعبر الحافة، وتستمر هذه الحافة في اتجاهها الأول نفسه نحو الجنوب الشرقي حتى دائرة عرض 00 َ 24 ْ شمالاً  

 

- عروق الرمال:

 

إلى الشرق والشمال الشرقي من صفراء الأَسْيَاح وصفراء المسْتِوي تتراكم رواسب رملية هائلة تتكون من نُفُود المَظْهُور، أو عِرْق المَظْهُور، ونُفُود الثُّوَيْرَات التي يتحول اسمها بعد دائرة عرض 27 َ 25 ْ شمالاً عند رُمْحين أُشِيْقر إلى عُرَيْق البُلْدَان الذي يستمر في الاتجاه من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي وينتهي عند دائرة عرض 00 َ 25 ْ شمالاً، كما أننا نجد هناك كثبانًا رملية أخرى بصدد الامتداد والاتصال مع الكثبان الرملية الكبيرة وذلك مثل: نُفُود المَلْحَاء في جنوب صفراء المِسْتِوي ويتصل بنُفُود السِّر عبر عروق المَواصِل، ونُفُود قُنَيْفِذَة إلى الشرق من جِلة العِشَار، وهو يستمر في اتجاهه نحو الجنوب الشرقي حتى جنوب المزاحمية تقريبًا إذ إن نهايته الجنوبية الشرقية غير واضحة، فهو في تمدد مستمر، ويقع إلى الغرب من جبال طُوَيْق جنوب وادي بِرْك نُفُود الدِّحِي الذي يمتد جنوبًا حتى قرب وَادِي الدَّوَاسِر.

 

أ) نُفُود الثُّوَيْرَات وعُرَيق البُلْدَان: 

 

بعد نهاية نُفُود المَظْهُور تبدأ نُفُود الثُّوَيْرَات التي يبلغ طولها 250كم، منها 126كم تمثلها نُفُود عُرَيْق البُلْدَان التي تطلق على الجزء الجنوبي من نُفُود الثُّوَيْرَات ابتداءً من دَرْب أبَا الصَّلابِيخ المسفلت الذي يربط بين حَمَادَة الغَاط وأم حَزْم عند دائرة عرض 50 َ 25 ْ شمالاً، وعرض نُفُود الثُّوَيْرَات يتناقص باطراد نحو الجنوب فيبلغ أقصاه 70كم في الشمال عند دائرة عرض 50 َ 26 ْ شمالاً، وعند مدينة الزُّلْفِي يبلغ 22كم فقط، ويستمر نحو الجنوب بعرض لا يزيد متوسطه على 10كم فقط، وأقل عرض لنُفُود الثُّوَيْرَات وامتدادها عُرَيْق البُلْدَان هو 2كم فقط إلى الشمال الشرقي من مدينة أُشَيْقِر بنحو 6كم وذلك في عُرَيْق البُلْدَان. ومساحة نُفُود الثُّوَيْرَات هي 4855كم  ، منها 800كم  تخص عُرَيْق البُلْدَان. وتسمية نُفُود الثُّوَيْرَات قديمة، ولاتزال توجد في شمال مدينة الزُّلْفِي قرية تسمى الثُّوَيْر، ذكر ذلك العبودي  ،  أما عُرَيْق البُلْدَان فاسمه القديم هو الرَّغَام، والرَّغَام دقاق الرمل ومنه أرغمته إذا ألصقت خده بالرغام  

 

وفي نُفُود الثُّوَيْرَات توجد أفضل أشكال الكثبان القبابية، إذ يوجد نمط من القباب المنفردة التي تحيط بها خِبَبٌ خالية من الرمال التي جرت تذريتها، وفي هذه الخبب توجد بعض التلال الرملية الطولية الصغيرة التي تمتاز بتعرجها وانخفاضها، وهي تفصل الخبب بعضها عن بعض، ومعظمها رمال متحركة يتم تشكيلها من حين إلى آخر. وقد يمتد عدد من القباب المتجاورة لتشكل قبة مركبة مستطيلة يمكن أن يُطْلَقَ عليها الجبل الرملي. ويراوح قطر الكثيب الرملي القبابي بين 1000 و 1500م، وارتفاعها بين 100 و 150م فوق مستوى الأراضي المجاورة، أما القبة المركبة فقد يصل طولها إلى خمسة كيلومترات وعرضها إلى 1.5 كم، وتقترب الكثبان الرملية القبابية من الشكل الدائري في الظروف المثالية، ولكنها بشكل عام تجنح نحو الشكل البيضوي أو المستطيل، وفي الجزء الشمالي من نُفُود الثُّوَيْرَات يوجد مصدر كبير للرمال، ولذلك نجد أن الكميات المرسَّبة من الرمال تزيد على الكميات المنقولة، وقد يكون وادي الرُّمَة وما يجذبه من طمي ورواسب من القاعدة المتبلورة في الغرب مصدرًا لهذه الكميات من الرمال.

 

وإن أفضل نمو لهذه الكثبان الرملية القبابية وما يحيط بها من خبب خالية من الرمال عدا قليل منها يوجد في نُفُود الثُّوَيْرَات شمال الزُّلْفِي، إذ تزيد الكميات الرملية القادمة إلى هذه الأراضي في قدرة الرياح على نقلها إلى أجزاء أخرى، فجميع الكثبان الرملية هنا - بشكل عام - هي قباب منفردة، والجزء الجنوبي من نُفُود الثُّوَيْرَات ضيق لا يتعدى عرضه 22كم واسمه عُرَيْق البُلْدَان، وقد تحددت حافته الشمالية الشرقية بوجود جبال طُوَيْق، ويتناقص حجم الكثبان الرملية القبابية نحو الطرف الجنوبي الشرقي لنُفُود الثُّوَيْرَات وذلك لقلة الرمال المتوافرة الكافية لبناء كثبان رملية قبابية ضخمة؛ فالكثبان الرملية القبابية في عُرَيْق البُلْدَان ليست بمثل النمو والوضوح الموجود في نُفُود الثُّوَيْرَات، ولون الرمال في نُفُود الثُّوَيْرَات ونُفُود عُرَيْق البُلْدَان ذهبي مشوب بحمرة؛ وذلك بسبب ما تكتسيه حبيبات الرمل من أكاسيد الحديد، ويراوح حجم حبيبات الرمل بين متوسط وناعم، واستدارة هذه الحبيبات - في كثير من الأحوال - ممتازة، وتنمو بعض النباتات على هذه الرمال ما يساعد على استقرارها. وفي مواسم الأمطار قد يبلغ العمق المتشبع بالأمطار عددًا من الأمتار، وقرب الزُّلْفِي يستغل الناس ما بين الرمال في الزراعة نتيجة وفرة المياه من الرمال المجاورة للآبار الضحلة التي يحفرونها  

 

ب) نُفُود المَلْحَاء: 

 

تقع نُفُود المَلْحَاء بين نُفُود عُرَيْق البُلْدَان من الشرق ونُفُود السِّر من الغرب، إلى الشمال من طريق شَقْرَاء - الدَّوَادِمِي نحو 7كم، وتُعدُّ من التجمعات الرملية الصغيرة نسبيًا على الرغم من أن تكوُّنها تمَّ في الوقت الذي تكوَّنت فيه الرمال الكبيرة إلى شرقه وغربه استقراءً من حجم الكثبان الرملية القبابية وتطورها، وتتصل بنُفُود السِّر عن طريق نُفُود المَواصِل التي كانت تشغل مجرى وادٍ قديم، وعن طريق هذه النفود تتم تغذية نُفُود المَلْحَاء بالرمال من نُفُود السِّر، ويبلغ طول نُفُود المَلْحَاء 60كم، وعرضها ما بين 12كم في الوسط و 8كم في الشمال، ويضيق عرض نُفُود المَلْحَاء بالاتجاه نحو الجنوب حيث لا يتجاوز 3كم عند نهايته الجنوبية، ومساحتها الإجمالية هي 490كم  .

 

ولا تختلف أنواع الكثبان الرملية في نُفُود المَلْحَاء عما هو موجود في نُفُود السِّر أو نُفُود عُرَيْق البُلْدَان؛ وذلك لتشابه نظام الرياح السائد، وتوجد الكثبان الرملية القبابية في نُفُود المَلْحَاء بشكل كبير ولكنها أصغر عمومًا مما هو موجود في الأراضي الرملية الكبيرة مثل: نُفُود السِّر، ونُفُود الثُّوَيْرَات، كما توجد حفر التذرية والخبب والفجوات بين الرمال والتلال الرملية، ولون رمال نُفُود المَلْحَاء تشوبه الحمرة، ويراوح حجم حبيبات الرمل بين الناعم والمتوسط، واستدارتها كاملة  

 

ج) نُفُود قُنَيْفِذَة:

 

تقع نُفُود قُنَيْفِذَة إلى الشرق من نُفُود السِّر، وتمتد من فياض المُغَر عند دائرة عرض 06 َ 25 ْ شمالاً إلى الجنوب من خط الرِّيَاض - مكَّة المكرمة القديم بنحو 10كم، وتمتد نحو الجنوب الشرقي إلى مسافة 150كم، وعند دائرة عرض 00 َ 46 ْ شرقًا يمتد منها لسان نحو الجنوب إلى مسافة 75كم حتى مزارع المَجْذميَّة وهناك يتصل بها عِرْق الخَبْرَاء، كما يمتد منها لسان قبل ذلك هو عِرْق اللُّسَيِّن الذي يتجه نحو الشمال الشرقي متتبعًا منخفضًا سببه أخدود نِسَاح وتشغله بعض الأودية والشعاب، ومساحة نُفُود قُنَيْفِذَة 1805كم  . واسمها القديم هو (رَمْل الوَرِكَة)، وقد يُنْسَبُ إلى ماء الغُزَيْز فيقال: رَمْل الغُزَيْز، قال ياقوت: " هو ماء يقع عن يسار القاصد إلى مكَّة من اليمامة، قال أبو عمرو: الغُزَيْز ماء لبني تميم معروف، قال جرير:

 

 

فهيهات هيهات الغُزَيْز ومن به     وهيهات  خِلٌّ بالغُزَيْز نُواصِله "

ونقل ياقوت عن نصر، قال: " الغُزَيْز ماءٌ قرب اليَمَامَة في قُفّ عند الوَرِكَة لبني عَطَارِد "  

 

وأنواع الكثبان بنُفُود قُنَيْفِذَة معظمها كثبان رملية قبابية، ولكن توجد بعض الكثبان الطولية والعروق في شمال النفود. والكثبان الرملية القبابية في نُفُود قُنَيْفِذَة ضخمة جدًا قد يصل قطرها إلى 2كم، وأقصى ارتفاع لها هو 150م، ولا توجد منخفضات تذرية كبيرة، وإنما توجد على سطوح الكثبان القبابية كثبان هلالية متحركة مرتبة بشكل صفوف متوازية. وتسهم الرياح السائدة من الغرب بترسيب كمية كبيرة من الرمال عند خط طول 00 َ 46 ْ شرقًا غرب حافة طُوَيْق، وتوجد قمم في بعض قباب الكثبان التي قد يكون تشكلها راجعًا إلى رياح متغيرة الاتجاه، فالرياح تحمل من نُفُود قُنَيْفِذَة رمالاً كثيرة نحو الشرق وتقوم بإرسابه في الأودية التي تقطع جبال طُوَيْق على شكل عروق صغيرة. ولون رمال نُفُود قُنَيْفِذَة ذهبي مشوب بحمرة نتيجة اكتساء حبيبات الرمل طبقة رقيقة من أكاسيد الحديد، كما أن حجم الحبيبات يراوح بين الناعم والمتوسط واستدارتها جيدة  

 

د) نُفُود الدِّحِي:

 

تقع نُفُود الدِّحِي إلى الجنوب من نُفُود قُنَيْفِذَة بنحو 60كم فقط، وهي لا تقع مباشرة بعد الحافات السابقة ولكنها تقع إلى الغرب من حافة طُوَيْق. وتبدأ من أمام فريدة الهَيِّرة جنوب حفائر ابن رِدْعَان عند دائرة عرض 12 َ 23 ْ شمالاً، وتحاذي حافة طُوَيْق التي ساعدت على ترسيب رمالها في هذا الموضع ابتداءً من جنوب وادي بِرْك إلى مسافة 216كم حتى مشاش عَسْعَس التي تقع شمال دائرة عرض 30 َ 21 ْ شمالاً بنحو 6كم. ويتزايد عرض نُفُود الدِّحِي كلما اتجهنا جنوبًا، فهو يراوح بين 6 و 12كم في نصفه الشمالي وبين 38 و 42كم في نصفه الجنوبي، علمًا أنه يضيق أحيانًا إلى 2كم فقط كما يحدث عند مشَاش المُلَيْح عند دائرة عرض 38 َ 21 ْ شمالاً، ومساحة نُفُود الدِّحِي هي 4635كم  . ومعظم أنواع الكثبان الرملية في نُفُود الدِّحِي هي من نوع العروق الطولية التي تتجه من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي، ومنها - على سبيل المثال - عِرْق الطَّلْحَات وإلى جنوبه عِرْق مُرَيْصِيْص، وعِرْق مُرَيْخَة، وعِرْق رَمْلان، وعِرْق أبو عشَرَة، وعِرْق غُضَي، وعِرْق الحَقْبَانِي، وعِرْق الحِنْتُوشِي، وعِرْق عَيْرَان، وعِرْق العَسْعَسِيَّة، وعِرْق عَسْعَس. كما أن هناك بعض الكثبان القبابية القليلة مثل: زبائر الرَّوشَن في أقصى شمال نُفُود الدِّحِي، وزبائر الحِفْنَة في وسطه، وزبارة دِحِي في جنوبه، ولا توجد هذه الزبائر إلا في طرفه الغربي  

 

ونُفُود الدِّحِي كانت تُعرف بالدَّبِيل، وقد انتقل هذا الاسم من نُفُود الدِّحِي إلى موقع يقع إلى الشمال الشرقي منه أصبح يُسمَّى سَيْح الدُّبُول، جمع دَبِيل، ذكر ذلك ابن جنيدل وقال: " قال الأصفهاني: فإذا انحدرتَ من العارض مستقبلاً مغيب الشمس وقعتَ في الدَّبِيل، والدَّبِيل رملة بمقابل العارض.ا. ه. واسم نُفُود الدِّحِي الحاضر كان اسمًا لقُفّ يقع إلى جانبه كان يُسمَّى قُفَّ الدِّحِي "  

 

هـ) نُفُود الجَبْهَة:

 

إلى الجنوب من نُفُود الدِّحِي توجد أراضي رملية ناشئة تقع بين عِرْق الوادي في الجنوب ونُفُود الدِّحِي في الشمال، وفي حال نموها شمالاً أو جنوبًا أو تَقدُّم نُفُود الدِّحِي نحو الجنوب فسيتم اتصال نُفُود الدِّحِي بعِرْق الوادي الذي يتصل بالرّبْع الخَالِي، ومن ثَمّ تكتمل صفة الدَّهْنَاء الجديدة التي افترضنا أنها في حالة تكوُّن، ويبلغ طول هذه الأراضي الرملية 40كم وعرضها بين 4 و 10كم، ومساحتها 307كم  . وتمتاز بوجود عروق طولية بها هي: عُرَيْق مُرَّان، وعُرَيْق الدُّفُوف، وعُرَيْق الحَرْمَل، ويمكن إطلاق اسم نُفُود الجَبْهَة عليها؛ لأنها نشأت في أراضي الجَبْهَة التي تقع إلى الغرب من حافة طُوَيْق.

 

و) عِرْق كُتْنَة:

 

يقع عِرْق كُتْنَة إلى الغرب من نُفُود الدِّحِي، وهو أراضٍ رملية صغيرة تقع إلى الجنوب من مجرى وادي الرَّكَا، ويبلغ طولها الشمالي الجنوبي نحو 8كم وعرضها 6كم