حج التمتع

الكاتب: مروى قويدر -
حج التمتع

حج التمتع.

 

 

مفهوم حج التَّمتُّع:

 

يُعرف حج التمتع بأنه الإحرام بالعُمرة في أشهر الحج، وبعد التحلل منها يُحرم المسلم للحج، وقد ذكر العُلماء أنّ سبب تسميته بهذا الاسم يرجع إلى أسبابٍ كثيرة، ولكنّ أشهرها سببين، وهُما ما يأتي:

  • السبب الأول: الأصل أن يحرم المسلم من ميقاته بالعُمرة، ثُم يرجع إليه ليُحرم بالحجّ، ولكنّه بالتمتع يُحرم بهما مرّة واحدة، فيكون بذلك قد تمتّع بإسقاط أحد السفرين عنه، ولذلك جُعل الدمّ جابراً لما فاته، ولذلك لا يجب الدم على الحاجّ المتمتّع الذي يسكن مكّة؛ لأنّ السفر أو الميقات ليسا واجبين في حقّه، فهو يُحرم من بيته.
  • السبب الثاني: الحاجّ المُتمتّع يتمتّع بالنساء والطيب وبكلّ ما لا يجوز للمُحرم فعله في وقتِ الحل بين العُمرة والحجّ، قال -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ)، وتدلّ الآية على أن هُناك تمتّعاً بينهما، والتمتّع في لُغة العرب يُطلق على التلذذ والانتفاع بالشيء.

وقد ثبتت مشروعية هذا النُسك من الحجّ في القُرآن الكريم وفي والسُنّة النبويّة، قال -تعالى- في القرآن: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)، ومن السُنّة ما ورد عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَن أَهَلَّ بعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بالحَجِّ)، وقد نقل إجماع الأمّة على مشروعيّته كلّاً من ابن المُنذر، وابن عبد البر، وقال الإمام النووي: "وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتع والقران".

 

أحكام حج التمتع:

 

أركان حج التمتع

 

الحاجّ المُتمتّع يجمع بين أعمال العُمرة والحجّ بإحرامين؛ فيكون الأوّل من ميقاته بقصد العُمرة، ويكون الثاني من مكّة بقصد الحجّ، فتشتمل أركانه على أركان العُمرة والحجّ معاً، فبعد الإحرام يجب عليه الطواف والسعي للعُمرة، وبعد الإحرام الثاني تجب عليه أعمال الحجّ جميعها؛ كالحاّج المفرد.

 

شروط حج التمتع

 

يختصّ حجّ التمتّع بعدةِ شروط، ومن ذلك ما يأتي:

  • الجمع بين العُمرة والحجّ في نفس العام وفي نفس السفر.
  • تقديم العُمرة على الحجّ، أو القيام بها أو ببعضها في أشهر الحج.
  • الإحرام بالحجّ بعد التحلل من العُمرة.
  • كون الحاجّ غير مُقيم في مكّة.

 

كيفية حج التمتع

 

المتمتّع له صورتين فالأوّل: يسوق الهدي معه، والثاني: لا يسوق الهدي معه، أمّا الأول فيكون حجّه كحجّ القارن؛ فعند وصوله إلى مكّة يطوف ويسعى، ولا يتحلل من عُمرته، ويبقى مُحرماً إلى يوم التروية؛ فيُحرم بالحجّ ثُم ينحر هديه في يوم النحر، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إنِّي لوِ استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أسُقْ الهديَ ولجعلتُها عُمرةً)، وهذا يُبين أن التحلل يكون بشرط إفراد العُمرة وسوق الهدي، وإذا أراد المُتمتع سوق الهدي، فإنه يُحرم ثُم يسوقه معه، ويبتدأ حج التمتُع من لحظة الإحرام من الميقات للعُمرة، وعند وصول المتمتّع إلى مكّة يطوف ويسعى، ثُم يحلق أو يُقصّر ويكون بذلك قد تحلل من عُمرته، ويقطع التلبية عند بدءه بالطواف، ويبقى مُتحللاً وهو في مكة، وفي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة الذي يُسمى بيوم التروية، يُحرم من المسجد الحرام وهو الأفضل، ويجوز له أن يُحرم من الحرم؛ لأنه يُعامل مُعاملة المُقيم في مكّة، ويفعل كما يفعل الحاجّ المفرد.


والأفضل للمتمتّع أن يُحرم قبل يوم التروية؛ تخفيفاً للمشقّة عليه، وليسرع في أداء النُسك، ويكون عليه دمّ التمتع؛ فإذا حلق في يوم النحر فقد تحلل من إحرامه بالحجّ والعُمرة؛ لأنّ ذلك يكون كالسلام من الصلاة، وليس على أهل مكّة عند جُمهور الفقهاء من شافعية ومالكية وحنابلة تمتّع أو قِران، وإنّما لهم فقط الإفراد، وذهب الحنفية إلى كراهة القران لأهل مكة فقط.

 

بطلان التمتع

 

يبطُل التمتّع عند الحنفية في حال عودة الحاجّ إلى بلده ولم يكن قد ساق الهدي معه، وعند مُحمد من الحنفية يبطل حجّه حتّى ولو ساق الهدي، وذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى عدم بُطلان تمتّعه بعودته إلى أهله بعد أداءه للعُمرة؛ لأنّ سوقه للهدي معه يمنعه من التحلل، وقد ذهب الإمام مالك إلى أنّ التمتّع يبطل إن رجع الحاجّ إلى بلده أو أبعد منه، وإلّا فلا يبطل، وذهب الشافعيّ إلى القول بالبُطلان في حال رجوع الحاجّ إلى الميقات، وأما أحمد بن حنبل فيرى أنّ السفر مسافة القصر بين العُمرة والحج من مُبطلات التمتّع.

 

هدي التمتع:

 

لهدي التمتّع الكثير من المسائل وبيانها فيما يأتي:

  • حكم الأكل من هدي التمتع: اختلف الفُقهاء في حُكم أكل المُهدي من هديه، فذهب جُمهور الفقهاء من الحنفيّة، والمالكيَّة، والحنابلة إلى جواز أكل المُهدي من هديه، وقد صرّح الحنفية باستحباب ذلك، وأجازوا أن يُهدى منه للأغنياء، في حين يرى الشافعية بعدم جواز أكل المُهدي من هديه.
  • وقت الذبح: اختلف الفُقهاء في الوقت الذي يذبح فيه الحاجّ المُتمتّع هديه، وبيان أقوالهم فيما يأتي:
    • الجمهور: يبدأ وقت الذبح يوم النحر ، وبيّن الحنابلة أنّه يكون بعد طُلوع الشمس وصلاة العيد أو بقدر ذلك، ورأى المالكيّة أن يكون ذلك بعد رمي جمرة العقبة، وأمّا الحنفية فيرون أن يكون في يوم النحر دون تخصيص وقت معيّن.
    • الشافعيّة: يجوز ذبح الهدي في وقتين؛ أمّا الأول فيكون بعد الانتهاء من العُمرة وهو وقت جواز، أمّا الثاني فيكون بعد الإحرام بالحجّ وهو وقت وجوب.
  • من لم يجد الهدي:يجب على الحاجّ المُتمتّع الذي لا يجد الهدي أن يصوم ثلاثة أيّام في الحجّ، ويكون يوم عرفة هو آخر هذه الأيّام الثلاثة، ثُم يصوم سبعة أيّام عند رُجوعه إلى بلده، ويجوز له صيامُها في مكّة بعد انتهاءه من الحجّ، ويكون ذلك إذا علم بعدم قدرته على الذبح، حتّى وإن كان قادراً على ذلك في بلده؛ لأنّ الذبح هو أحد الواجبات التي تختصّ بوقتٍ معيّن، وما كان وجوبه مؤقتاً اعتبرت القدرة عليه في موضعه، ولا يُشترط التتابع في الصيام، وإنما يُسنّ ذلك، وفي حال عدم صيام الحاجّ الأيام الثلاثة في الحج، يجوز له أن يصومها بعد ذلك باتّفاق فُقهاء المذاهب، ومن بدأ في الصيام ثُم قدر على الهدي لا يجب عليه ذبح الهدي؛ فالإنتقال من الصوم إلى الهدي يكون برغبته؛ لأنّه شرع في الصيام لعدم قُدرته على الهدي.
  • حالات سُقوط الهدي: يسقط الهدي عن الحاج المُتمتع في عدة حالات، ومن ذلك ما يأتي:
    • الحالة الأولى: كون الحاجّ من حاضريّ المسجد الحرام، لقوله -تعالى-: (ذلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)، وقد اختلف الفُقهاء في بيانهم لمعنى حاضريّ المسجد الحرام؛ فذهب المالكيّة إلى أنهم أهل مكة فقط، وذهب الحنفية إلى أنّهم من يسكنون بعد المواقيت إلى مكة، وذهب الحنابلة والشافعية إلى أنّهم أهل الحرم، ومن كان بينه وبين الحرم أقل من مسافة القصر؛ لأنّ كلمة المسجد الحرام تُطلق أحياناً على الحرم كُلّه، ومن كان يسكن في أقل من مسافة القصر فهو كالحاضر، ومن كان من خارج مكة وأراد الإقامة فحكمُه كالحاضر.
    • الحالة الثانية: كون الشخص لم يؤدي العُمرة في أشهر الحج، أو كان اعتمر قبلها، أو أنه لم يعتمر، ففي هذه االحالة يجب أنّ يكون حجّه إفراداً وليس تمتُّعاً وإن كان قد نوى التمتّع.
    • الحالة الثالثة: كون الشخص قد فصل بين العُمرة والحج بالسفر إلى بلده؛ لأنّه في هذه الحالة يكون قد خرج من تمتّعه، وإن عاد إلى الحجّ ولم يعتمر فإنّه لا يكون مُتمتعاً، وهو قول أصحاب المذاهب الأربعة، ولكنهم اختلفوا في مسافة السفر التي يسقط بها دمّ التمتع؛ فقال الحنفية: رجوعه بعد أداءه للعُمرة في أشهر الحج إلى المكان الذي جاء منه، ويرى المالكيّة سقوط دم التمتّع برجوعه بعد أداءه للعُمرة إلى بلده، او قطعه مسافة تساوي المسافة لبلده، وذهب الحنابلة إلى أنّ السفر عن مكة مسافة القصر أو الخروج إلى الميقات، وبيّن الشافعيّة أنّ رجوعه إلى ميقاته الذي أحرم منه يسقط عنه دم التمتّع.
شارك المقالة:
95 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook