حدوث الحمل المديد

الكاتب: د. ايمان شبارة -
حدوث الحمل المديد.

حدوث الحمل المديد.

من المعروف أن مدة الحمل الطبيعية وسطياً 280 يوماً أي ما يعادل تسعة أشهر شمسية وعشرة أيام أو عشرة أشهر قمرية أو أربعين أسبوعاً.

ويقال إن الحمل مديد prolonged or post ـterm pregnancy إذا طال بقاء الجنين الحي ضمن الرحم مدة أكثر من مدة الحمل الطبيعي أي اثنين وأربعين أسبوعاً (294 يوماً) أو أكثر بدءاً من تاريخ أول يوم لآخر طمث.

وكي يُقال عن حمل إنه مديد يجب تحديد تاريخ آخر طمث بدقة وبالتالي تحديد بداية الحمل الحقيقية.

وتتجلى أهمية ذلك في تزايد الأخطار المحدقة بالجنين وبالحامل كلما طالت مدة مكث الجنين داخل الرحم عن الفترة الطبيعية.

ويجب الانتباه إلى أن 10% من الحمول المديدة لا تكون كذلك حقيقةً بل ظاهرياً إما:

 ـ لخطأ في تحديد بداية الحمل الحقيقية؛ كأن يحدث انقطاع الطمث لسبب ما قبل بدء الحمل بدورة طمثية أو أكثر.

 ـ وإما لخطأ في تحديد موعد آخر طمث.

تأثيرات الحمل المديد في الجنين وفي الوليد

إن لتأخر الولادة عن موعدها المرتقب وتطاول فترة الحمل مخاطر تتجلى بأشكال مختلفة وتؤدي إلى مشاكل ومصاعب تؤثر في صحة الجنين وفي سير الولادة فقد يستمر الجنين أحياناً في النمو والكبر ويزداد وزنه وطوله  ـوبالتالي حجمه  ـ عن المقبول مما يؤدي إلى تزايد صعوبة الولادة وتعرقلها وحدوث ما يسمى بعسر الولادة الآلية (الميكانيكية).

وقد يحدث العكس فترى حالات يتوقف فيها نمو الجنين بسبب التغيرات التراجعية التي تحدث في المشيمة في نهاية فترة الحمل وحدوث ما يسمى بشيخوخة المشيمة وما ينجم عن ذلك من نقص التبادل الغذائي والغازي بين الأم والجنين يؤدي إلى ولادة طفل هزيل ناقص النمو، أو قد يؤدي قصور المشيمة هذا إلى وفاة الجنين داخل الرحم.

وقد بينت الإحصائيات أن نحو 25% من الحمول تنتهي عفوياً في الأسبوع الثاني والأربعين للحمل و12% في الأسبوع الثالث والأربعين و3% في الأسبوع الرابع والأربعين. فهل يمكن الانتظار؟

من المؤكد أن الجنين الذي يمضي أكثر من اثنين وأربعين أسبوعاً في رحم أمه يواجه مخاطر متزايدة قد تصل إلى درجة الموت قبل المخاض أو في أثنائه أو بعد الولادة مباشرة. لذلك من الأسلم توليد كل جنين مكث في الرحم اثنين وأربعين أسبوعاً من دون حدوث مخاض عفوي.

أهم المشاكل الجنينية في أثناء الحمل المديد:

1 ـ تألم الجنين خلال المخاض: إذ يشيع حدوث التباطؤات المتغيرة في مخطط قلب الجنين مع عودة بطيئة نحو النظم الطبيعي وهجمات التباطؤ في النظم مع فقدان التبدلات بين ضربة وضربة وقد ترى تباطؤات متأخرة .

2 ـ استنشاق العقي: يحدث حين وجود عقي كثيف وهي متلازمة خطرة تؤثر في حياة الجنين.

3 ـ رضوض الجنين الولادية: ولاسيما حين وجود جنين عرطل خلال الولادة الطبيعية المهبلية، وأهم المضاعفات انعضال الكتفين مما يؤدي إلى شلل الضفيرة العضدية أو كسر العضد أو الترقوة أو اختناق شديد مع أذية عصبية، وقد تحدث أورام دموية رأسية وكسور في الجمجمة وقد تكون النتيجة موت الجنين.

تأثير الحمل المديد في الحامل

تتعرض الحامل لمخاطر ومضاعفات بسبب عسرات الولادة الحركية والميكانيكة وما تؤدي إليه من رضوض ولادية لدى الأم حين محاولة الولادة المهبلية أو تعريضها للولادة القيصرية.

الأسباب

ما تزال أسباب الحمل المديد مجهولة ويلاحظ أنه يميل إلى التكرار عند من سبق لها أن حملت حملاً مديداً. وهناك حالات تعزى إلى قصور خمائري في المشيمة كعوز (السلفاتاز) المشيمية، أو إلى تشوهات جنينية كغياب الجمجمة وغياب نخامى الجنين ونقص التنسج الكظري الجنيني. كما لوحظ تأخر موعد الولادة في من كن يتناولن حبوب منع الحمل في كثير من الحمول؛ علماً أن الحالات المجهولة السبب تعد الجزء الأكبر من حالات الحمل المديد.

التشخيص

لتشخيص الحمل المديد فضلاً عن تحديد موعد آخر طمث وسائل أخرى كالتصوير الشعاعي الذي يفتش فيه عن نقاط التعظم التي تعطي فكرة عن عمر الجنين، والتصوير بالأمواج فوق الصوتية (الصدى) الذي يقدر جيداً سن الحمل وعمر الجنين وذلك بقياس طول المضغة وأقطار الرأس والصدر أو طول عظم الفخذ وغيرها من المقاسات.

وهناك أيضاً فحوص مخبرية عديدة للسائل الأمنيوسي بعد بزله عن طريق البطن  تنبئ جيداً عن درجة نضج الجنين مثل تحري الخلايا الظهارية المتوسفة من الجنين، وتحري عيار (الكرياتنين) أو تركيز البولة الدموية في السائل الأمنيوسي وعيار نسبة (الليستين/سفينغوميلين .(L/S

ما العمل إذا تأخرت الولادة عن موعدها المرتقب؟

تسبب حالات الحمل المديد القلق والمعاناة للمرأة وذويها، كما أن الطبيب نفسه يتعرض للضغوط من قبل هؤلاء الأشخاص لإنهاء الحمل في الموعد الذي حدده للحامل  خلال المراجعات السابقة له.

لذلك على الطبيب إفهام الحامل دائماً بأن موعد الولادة المعطى هو تقريبي وتأكيد كلمة تقريبي.

والخطة المتبعة في تدبير الحمل المديد هي الصبر أولاً وعدم التسرع كما يفعل بعض الأطباء بتوليد كل حامل عند نهاية الأسبوع الأربعين وذلك بتحريض المخاض الذي غالباً ما يخفق وينتهي بالعملية القيصرية.

يفضل إذاً التريث حتى الأسبوع /42/ مع المراقبة المشددة للأم والجنين يومياً تقريباً وذلك بإجراء بعض الاختبارات كاختبار الشدة واللاشدةcontraction stress test & nonstress test  والمشعر الفيزيائي الحيوي biophysical profile وعد حركات الجنين والمراقبة الإلكترونية لضربات قلب الجنين وتقلصات الرحم .

وإذا لم يحدث المخاض العفوي يحرض دوائياً بمحرضات المخاض المعروفة مع مراقبة دقات قلب الجنين في أثناء ذلك، وغالباً ما تستجيب الرحم وتحدث تقلصات منتظمة تنتهي بولادة الجنين.

أما إذا لم تستجب الرحم للتحريض فتكرر المحاولة بعد ثلاثة أيام وغالباً ما ينجح التحريض بعد الإخفاق السابق.

وإذا لوحظ اضطراب ضربات قلب الجنين في أثناء التحريض يلجأ على الفور إلى إنهاء الحمل بالعملية القيصرية لأن هذا دليل على تألم الجنين.

ولعل خير ختام هو التذكير بالقاعدة الذهبية في فن التوليد وهي: «الانتظار والمراقبة وعدم اللجوء إلى ما ليس له استطباب».

شارك المقالة:
86 مشاهدة
المراجع +

arab-ency.com.sy

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook