تعد الزّكاة ركناً من أركان الإسلام، الذي يحقّق التكافل الاجتماعي بين الأفراد، مما يُوطّد العطف والمودة والرّحمة والإيثار بينهم، ويزيل الحقد والبُغض والكراهية من بينهم، وتجدر الإشارة إلى أنّه لا بدّ من إقامة جميع أركان الإسلام لتتحقّق إقامة الدين كاملاً، حيث قال الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ، شهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتَاءِ الزكاةِ، وحجِّ البيتِ، وصومِ رمضانَ)، وبالزكاة ينال الغني البركة في أمواله، ويلبي الفقير حاجاته ومتطلباته، فالزكاة تحقّق الطهارة لمال الغني، ولنفوس الفقراء بنزع الحقد تجاه الأغنياء، ليفوز المُزكّي في الحياة الدنيا والآخرة، وممّا يدل على أهمية الزكاة قرنها في كثير من المواضع في القرآن الكريم بالصلاة، منها قول الله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، وفي المقابل فإنّ عدم أداء الزكاة يتسبّب للمسلم بالكثير من المُهلكات في الدنيا والآخرة.
تُعرّف الأسهم بأنّها الصكوك القابلة للتداول، فكلّ سهم يمثّل حصةً من حصص شركةٍ ما، فمجموع جميع الأسهم يمثّل رأس مال الشركة، وقد تكون الأسهم نقديةً أو عينيةً، وتختلف زكاة الأسهم باختلاف حقيقتها، فإن تَملّك شخصٌ ما الأسهم بنية الاستمرار والتملّك، وكان يأخذ العائد السنوي منها، فتكون الزكاة على الربح المُتعلّق بها دون رأس المال، وذلك إن بلغت النصاب ومرّ على شرائها سنةً كاملةً، وتُخرج الزكاة بمقدار ربع العُشر، وأمّا إن كان القصد من الأسهم البيع والشراء فقط، فتُعامل معاملة عروض التجارة؛ أي أنّ الزكاة واجبة في الأسهم مع الربح الناتج منها بمقدار ربع العُشر، وذلك بشرط بلوغها لنصاب أحد النقدين، ومرور سنةٍ عليها من حين البدء باستثمارها وتداولها، مع الحرص على أنّ الزكاة للأسهم السوقية تكون بالنظر إلى قيمة السهم وقت وجوب الزكاة فيه.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الأسهم تختلف باختلاف نوعية الأموال التي تعمل بها الشركة، فالشركات الزراعية التي يكون استثمارها بالحبوب والثمار وغيرها ممّا يُكال ويُدخّر، فتُزكّى زكاة الحبوب والثمار بتحقّق شروطها، فقد يكون استثمار الشركات الزراعية ببهيمة الأنعام، فتكون زكاتها زكاة بهيمة الأنعام بشروطها، وإن كانت الشركات الزراعية تتعامل بغير الحبوب والثمار والأنعام كعروض التجارة وأموالٍ أخرى، فتُزكّى زكاة النقود بإخراج ربع العُشر منها، وإن كانت الشركات صناعية، مثل شركات الأدوية والكهرباء والإسمنت ونحوها، فتزّكى بإخراج ربع العُشر من صافي الأرباح، وذلك إن بلغت الأرباح النصاب المحدّد شرعاً، وحال حول على امتلاك الأرباح، مثل العقارات المخصّصة للإيجار التي تجب زكاتها بالعائد منها وليس بذاتها، وإن كانت الشركات تجارية، مثل شركات الاستيراد والتصدير وشركات المضاربة، وشركات التحويلات وأي شركاتٍ أخرى تتعامل بالبيع والشراء الجائز شرعاً، فزكاتها زكاة عروض التجارة، أي أنّ الزكاة تجب في رأس المال والأرباح، بإخراج ربع العُشر، وذلك بعد بلوغ النصاب وحولان الحول.
بيّن العلماء العديد من الأحكام المتعلّقة بالأسهم، وفيما يأتي بيان البعض منها:
موسوعة موضوع