نَسب حفصة رضي الله عنها ومولدها
هي أمّ المؤمنين حفصة بنت عُمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبدالله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وُلِدت -رضي الله عنها- في مكّة المُكرَّمة، عندما كانت قريش تبني الكعبة، وذلك قبل بعثة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بخمس سنوات، في السنة الثامنة عشرة قبل الهجرة. وأُمّها هي زينب بنت مظعون؛ أُخت عثمان بن مظعون، وهي من السابقين إلى الإسلام في مكّة، أمّا أخوها فهو عبدالله بن عُمر -رضي الله عنه-، والذي كان يصغُرها بستِّ سنوات، وكان من إخوانها أيضاً عبدالرحمن الأكبر، وهم جميعاً أبناء زينب بنت مظعون.
زواج حفصة من خنيس السهمي
تزوّجت حفصة من خُنيس بن حُذافة بن قيس السهميّ، وبقيت معه حتى مات عنها بعد هجرتهما إلى المدينة، وكان ذلك عند عودة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من غزوة بدر، وهو الزوج الأوّل لها، وكان الرجل الوحيد من قبيلة بني سهم الذي حضر مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- غزوة بدر، كما أنّه كان من أصحاب الهجرتَين*.
زواج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حفصة
ترمّلت حفصة بعد موت زوجها خنيس، وعرض عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- زواجها على كلٍّ من أبي بكر، وعُثمان، فرفضا الزواج بها، وشكا -رضي الله عنه- ذلك للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فأخبره النبيّ بأنّ حفصة سيتزوّجها من هو خيرٌ من عثمان، ويتزوّج عثمان من هي خيرٌ منها؛ فكان زواجها منه -عليه الصلاة السلام، وهو خيرٌ من عثمان، وعندما التقى أبو بكر وعُمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- بعد ذلك، أخبره أبو بكر أنّ النبيّ كان قد ذكرَ زواجها أمامه، فخشي أن يُفشي سِرّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، ولو تركها الرسول -عليه الصلاة والسلام- لكان تزوّجها، وكان زواج النبيّ منها في السنة الثالثة للهجرة، وأصدقَها أربعمئة درهم.
إكرام النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لحفصة
كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عادلاً بين زوجاته، حتّى أنّه إذا أراد الخروج في غزوة، أو سفر، كان يجري قُرعة بين زوجاته، والتي تقع عليها القرعة تخرج معه، وفي إحدى الغزوات خرج اسم حفصة في القرعة، فخرجت معه، وكانت في خيمتها أثناء المعركة، حتى إذا انتهت المعركة ذهبت لتسقي العطشى، وتداوي الجرحى، وتُخفّف من ألم المُصابين، فلمّا رأى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ذلك، أعطاها ثمانين وسقاً* من القمح؛ إكراماً لها، واعترافاً بفَضلها.
حياة حفصة بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم
كانت حفصة -رضي الله عنها- تعيش في حياة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كما تحبّ وتتمنّى، وقد حفظت عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعض الأحاديث، والأقوال التي كان يُوجّهها لها ولأُمّته، وكانت تتّبعها كما هي، وعندما تُوفّي النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بَكت عليه بُكاءً شديداً، ولَزِمت بيتها، وكانت لا تخرج منه إلّا إلى الحجّ، والتزمت بطاعة الله وبالعبادة، والصدقة على الفقراء والمساكين.
بقيت حفصة موضع احترام وتقدير من قِبل الخليفتَين؛ أبي بكر، وأبيها عُمر بن الخطاب؛ إكراماً لها، ووفاءً للنبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فكانت حرمتُها واحترامها من حُرمة واحترام بيت النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، كما أنّ حجرتها كانت مكاناً لحِفظ الرقاع والألواح التي كُتِب عليها القُرآن الكريم؛ تُحافظ عليها وتحميها، وعندما جُمِع القرآن في عهد الخليفة أبي بكر بعد إصرار عمر بن الخطّاب على ذلك، اعتمد الصحابة على النُّسَخ التي عندها في ضَبط المصحف الكريم، ومراجعته.
مَروِيّات حفصة وتلاميذها رضي الله عنها
رَوت حفصة -رضي الله عنها- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عدداً من الأحاديث التي بلغ عددها في الكُتب الستّة ثمانية وعشرين حديثاً؛ فاتّفق البخاريّ ومُسلم على رواية أربعة أحاديث عنها، وانفرد الإمام مُسلم برواية ستّة أحاديث عنها، ولها في كتاب بقيّ بن مخلد مُسند باسمها يحتوي على ستّين حديثاً، وقد روى عدد من الصحابة والتابعين الأحاديث عنها أيضاً، كأخيها عبدالله بن عمر، وابنه حمزة، وحارثة بن وهب، والمطلب بن أبي وداعة، وأم مبشر الأنصارية، وعبدالله بن صفوان، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام، والحسيب بن رافع، وسوار الخزاعي -رضي الله عنهم جميعاً-، وعددٌ غيرهم.
محُتوى مَروِيّات حفصة رضي الله عنها
رَوت حفصة بعض الأحاديث في عدد من الأبواب، وفيما يأتي بيانٌ لبعضها:
ويُلاحَظ أنّ أغلب ما رَوته السيّدة حفصة -رضي الله عنها- كان في وصفها لأفعال النبيّ، والتي اشتركت في نَقلها نساء النبيّ -رضي الله عنهنّ-، وكانت لها مجموعة من الأحاديث التي اختصّت بروايتها دون باقي نساء المؤمنين، كحديث ابن الصائد، وخروج الدجّال، ورُقية النملة، والدوابّ التي يُباح قتلها.
كان لأمّ المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- الكثير من المناقب، ومنها ما يأتي:
تُوفِّيت السيّدة حفصة -رضي الله عنها- في شهر شعبان من السنة الخامسة والأربعين للهجرة، في عهد معاوية بن أبي سُفيان -رضي الله عنه-، وكان تبلغ من العمر حين وفاتها ستّين عاماً، ويُشار إلى أنّ أباها عُمر بن الخطاب كان قد أوصى لها بعد موته، فأدّت الوصيّة إلى أخيها عبدالله بما أوصى لها والدها الفاروق، كما أوصته بصدقة يتصدّق بها؛ فكان مالاً قد أوقفته -رضي الله عنها-، وكان مروان بن الحكم هو الذي صلّى عليها وهو يومئذٍ والي المدينة، كما روى ذلك الزُهري عن سالم عن أبيه، ورَوت مولاة لآل عُمر أنّها رأت نَعشاً على سرير السيّدة حفصة، إذ صلّى عليها في المكان الذي تُوضَع فيه الجنائز، وروى المقبري عن أبيه أنّه رأى مروان بين أبي هريرة وأبي سعيد أمام جنازة حفصة، ورأى مروان وأبا هريرة يتناوبون على حَمل نَعشها -رضي الله عنها-؛ فحمل مروان نَعشها من بين عموديه من دار بني حزم إلى دار المُغيرة بن شعبة، وحَمله أبو هريرة من دار المُغيرة إلى القبر، وكان ممّن نزل في قبرها عبدالله وعاصم ابنا عُمر، وثلاثة من أبناء أخيها عبدالله بن عُمر، هم: سالم، وعبدالله، وحمزة -رضي الله عنهم-.
موسوعة موضوع