حكم إسقاط الجنين

الكاتب: مروى قويدر -
حكم إسقاط الجنين

حكم إسقاط الجنين.

 

 

الجنين:

 

اهتَمّت الشريعة الإسلاميّة بالإنسان وتفاصيل حياته اهتِماماً كبيراً، وجاءَ هذا الاهتمامُ عاماً شاملاً، حتّى شمل جَميع مَراحل حياة الإنسان ابتداءً من ثُبوت وجوده في بطن أمه؛ حيث ثبت في تلك المَرحلة حقّ الجنين في الحياة، وعدم جواز الاعتداء عليه قبل ولادته، إن ثبت بحسب المُعطيات العلميّة والشرعية تمام خلقته وسلامته صحياً، ما دام في بطن أمه، وحتى بَعدَ ولادته حياً سليماً؛ حيثُ أثبتت الشريعة له حقّه في الرضاعة الصحية التامة، والحضانة، والتربية والتنشئة الصالحة، وغيرها الكثير من مظاهر الاهتمام بالإنسان والحقوق المادية والمعنوية، فما المقصود بإسقاط الجنين؟ وما حكمه الشرعي؟

 

مراحل تكون الجنين:

 

يَمرّ الجَنين وهو في بطن أمّه بعدة مراحل ورد ذكرها في القرآن الكريم، وذلك في قول الله سبحانه وتعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ). يتبين من الآية الكريمة أنّ مراحل الجنين في بطن أمه هي:

  • النطفة: يُقصَد بها الأمشاج أي؛ التي تتكوّن من الخليط بين الحيوان المنوي من الرجل وبويضة المرأة، وشكلها مثل قطرة الماء على الرّغمِ من حدوث تكاثر لخلاياها بشكل مضاعف، ثم تعلق هذه النطفة بسماكة بطانة الرحم لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل تكون الجنين.
  • العلقة: تُعتبر هذه العلقة ثاني مراحل تكوّن الجنين في بطن أمه؛ ويكون فيها الجنين مُعلّقاً على جدار الرحم، ومرحلة العلقة تبدأ من بداية الأسبوع الثاني من الحمل، وتستمرّ حتى نهاية الأسبوع الثالث من وقت التلقيح، وفي هذه الفترة من عمر الجنين يبدأ القلب بالخفقان.
  • المضغة: حيث تظهر الكُتل البدنيّة للجنين على هيئة أثر أسنان، ويكون هذا في نهاية الشهر الأول، وفي داخل المضغة تبدأ الأجهزة الداخليّة للجنين بالظهور مثل القلب والرئتين، وغيرها مثل وحدات الجهاز البولي التناسلي، ومُولّدات الغضروف والعضلات، ويَتشكّل الجهاز العصبي إلى أن يصل عُمر الجنين إلى الأربعين يوماً؛ فتكون جميع الأجهزة قد تخلّقت باستثناء أجزاء لم تتخلق في سطحها، وهنا تمر المضغة بمرحلتين؛ الأولى: المضغة غير المخلّقة، وفيها تتصوّر أعضاء الجنين من غير أن تظهر، والثانية: المضغة المخلّقة؛ حيث تتخلّق الأعضاء والأجهزة، وتنتهي مدة المرحلة الثالثة من مراحل تكوّن الجنين قبيل نهاية الأسبوع السادس، لتَنتقل إلى مَرحلةٍ أخرى من مراحل التخليق.
  • تكوّن العظام واللحم: حيث تبدأ الكتل البدنية في تكوين العظام، وكساء اللحم للعظم، وتنتهي هذه المرحلة في الأسبوع الثامن.
  • النشأة الأخرى: هي آخر المَراحل التي يَمرّ بها تكون الجنين، وتبدأ بعد عمليّة تكوّن اللحم على العظم، وتتميّز هذه المرحلة عن المراحل الأخرى بخصائص منها: تطور أجهزة الجنين وأعضائه ونموها، ونفخ الروح يكون في هذه المرحلة، وتبدأ حياة الجنين كإنسان كامل، فيُكتب رزقه، وعمله وأجله، وإن كان شقيّاً أم سعيد

 

حكم إسقاط الجنين:

 

قسّم الفقهاء الإجهاض إلى قسمين؛ الإجهاض قبل نفخ الروح، والإجهاض بعد نفخ الروح، وبناءً على هذا التقسيم بيّنوا الحُكم الشرعي في الإجهاض؛ فاتفقوا على أنّ نفخ الروح يكون بعد مئةٍ وعشرين يوماً من الحمل، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يومًا ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربع كلِماتٍ: بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملِهُ وشقيٌّ أو سعيدٌ، فوالَّذي لا إلَهَ غيرُهُ إنَّ أحدَكُم ليَعملُ بعملِ أَهْلِ الجنَّةِ حتَّى ما يَكونُ بينَهُ وبينَها إلَّا ذِراعٌ فيسبقُ عليهِ الكتابُ فيعمل بعملِ أَهْلِ النَّارِ فيدخلُها، وإنَّ أحدَكُم ليعملُ بعملِ أَهْلِ النَّارِ حتَّى ما يَكونَ بينَهُ وبينَها إلَّا ذراعٌ ثمَّ يسبِقُ عليهِ الكتابُ فيعمَل بعملِ أَهْلِ الجنَّةِ فيدخُلُها واتفقوا على أنّ الإجهاض بعد نفخ الروح في الجنين حرامٌ شرعاً على الإطلاق، إلاّ في حالة الضرورة الطبية التي تستدعي وجود خطر على حياة الأم.


بالنسبة للإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين، فقد كان محل خلاف بين أصحاب المذاهب الفقهية، بل وبين أصحاب المذهب الواحد، وتفصيل ذلك على النحو الآتي:

  • ذهب المالكيّة والإمام الغزالي من الشافعية، وبعض الحنفية إلى أنّ الإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين حرام مطلقاً؛ فلا تجوز الجناية على الجنين في أي مرحلة من مراحل تكونه، مستدلين على قولهم بإنسانيّة الجنين وحقه في الحياة.
  • ذهب فقهاء الحنابلة إلى أنّه يحرم الإجهاض من مرحلة المضغة، أمّا إن حدث الإجهاض قبل مرحلة المضغة أي في مَرحلة النطفة أو مرحلة العلقة فلا شيء فيه.
  • ذَهب فقهاء الشافعية إلى ما ذهب إليه فقهاء الحنابلة إلى جواز إسقاط الجنين قبل الاثنين والأربعين يوماً الأولى.
  • ذهب بعض فقهاء الحنفية إلى موافقة ما ذهب إليه فقهاء الشافعية وفقهاء الحنابلة، من جواز إسقاط الجنين قبل مرحلة المضغة
شارك المقالة:
58 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook