حكم الأمير محمد بن عائض في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
حكم الأمير محمد بن عائض في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية

حكم الأمير محمد بن عائض في منطقة عسير في المملكة العربية السعودية.

 
تولى الأمير محمد بن عائض الحكم بعد وفاة والده الأمير عائض بن مرعي، فقد عهد إليه والده بالأمر في عسير في حياته، وعندما توفي تمت البيعة لمحمد دون تردد . 
اهتم الأمير محمد بادئ ذي بدء - نتيجة للاستقرار الداخلي، وعدم وجود تهديد خارجي يذكر - بالإصلاحات الداخلية التنموية، فأمر بحفر الآبار والاستصلاح الزراعي وتنمية البساتين الوارفة وإيصال المياه إلى المزارع بطرق منظمة وبناء الحصون والقلاع والقصور الشاهقة  
جهز الأمير محمد حملة على المخلاف السليماني عندما بلغه أن أمير أبو عريش قد أعلن العصيان عليه، ووصلت الحملة إلى أبو عريش وتمكن من ضمها إلى سلطته، وعين عليها أميرًا من الأشراف يثق في إخلاصه  
 
لم تطل مدة الاستقرار الداخلي كثيرًا، إذ ثار رجال ألمع على محمد بن عائض؛ وذلك لانحرافه عن سيرة والده في العدل ومنع الجور، وكانت الثورة في شعبان 1285 / 1868م، وقد استطاع محمد بن عائض إخماد الثورة بالقوة  
 
أدرك الأمير محمد بن عائض خطورة وجود الحاميات العثمانية في المخلاف السليماني؛ لأنهم وراء ثورة ألمع، إضافة إلى محاولة إثارة المشكلات ضده، والأمر الأهم هو استنجاد أهالي المخلاف السليماني بالأمير محمد ضد الشريف علي بن حيدر؛ لذا قرر التوجه بقواته صوب أبي عريش لإخراج الحاميات العثمانية منها خصوصًا بعد أن أصبح أميرًا مرهوب الجانب، وأصبح الأمن في بلاده مستتبًا، والاستقرار على أحسن ما يكون، ونجح أولاً في الاستيلاء على أبي عريش، ثم جازان، فباجل، وأخيرًا الحديدة حيث قام بحصارها، واستطاع خلال أيام إكمال استعداداته وترتيباته  ،  وأخيرًا تمكنت قوات الأمير محمد بن عائض من دخول الحديدة، واستولوا على بعض الحصون داخلها  ،  على أن الحاميات العثمانية الموجودة فيها والمزودة بالمدافع والأسلحة المتطورة تمكنت من المقاومة حتى وصلت الإمدادات من الحجاز بحملتين كبيرتين أجبرتا قوات عسير على التراجع إلى بلادهم  
 
أدركت الدولة العثمانية أن وجود محمد بن عائض في عسير يشكل تهديدًا خطيرًا لها في كل من الحجاز واليمن؛ لذا قررت إرسال قوة كبيرة انقسمت إلى ثلاثة أقسام لتسلك طرقًا مختلفة بغية تشتيت قوته، حيث اتجه قسم إلى بيشة في طريقه إلى عسير، واتجه قسم ثانٍ سالكًا طريق غامد وزهران، وثالث - وهو الأهم - استغل طريق القنفذة فمحايل فتهامة عسير، ونجح الأخير في الاستيلاء على حلي بن يعقوب حيث قدم شيخها عمر بن عبدالله الكناني للحملة خدمات كبيرة، وقد استخدم بوصفه دليلاً للحملة في وقت عجزت فيه عن إيجاد أي خلل بين صفوف قوات الأمير محمد بن عائض  
 
ونتيجة للفارق الكبير في التسليح والتنظيم والإعداد ووصول الإمدادات، تمكنت القوات العثمانية من هزيمة قبائل ألمع ثم سلكوا طريق عقبة الصماء إلى السودة  ،  وبدؤوا في التقدم نحو مواقع الأمير محمد بن عائض وقواته حيث أجبرته على التراجع إلى عاصمته السقا، وقد سبق أن رتبها ترتيبًا جيدًا وحصنها بالسلاح والرجال والمواد الغذائية، ما جعل القوات العثمانية عاجزة عن إلحاق أي ضرر بها، وكاد النصر يتحقق لقوات عسير لولا احتراق حصن مسمار الذي يعد المستودع الرئيس للأسلحة والذخيرة العسيرية  ،  فانسحب الأمير محمد ورجاله إلى الحفير، ثم ريدة مركز المقاومة لآل عائض وذات الموقع الحصين في تهامة   
 
أدرك قائد الجيش العثماني مناعة ريدة وحصانتها فحاول المناورة بالصلح وكاد الأمير محمد يوافق على العرض لولا علمه بعدم احترامهم العهود والمواثيق، فأرسل أخاه سعيدًا، وفعلاً صدق حدس الأمير، فقد اعتقلوا سعيد بن عائض ثم اتجهوا لمحاصرة ريدة، ولم يحققوا أي تقدم إلا بعد خديعة خلاف القائدين العثمانيين رديف باشا ومختار باشا، فقد أوهم مختار باشا كل من معه بأنه منسحب إلى إستانبول بعد خلافه مع رديف باشا، ولكنه في الواقع ذهب إلى القنفذة ومنها إلى الشقيق ثم مربة ومنها إلى غرب ريدة، وفي ذلك الوقت وصل فرمان من السلطان العثماني يعطي للأمير محمد وأسرته الأمان والمحافظة على أملاكه وخيوله وحصونه فوافق الأمير محمد في بداية الأمر، غير أن وصول إمدادات عسيرية جعلته يصر على المقاومة، إلا أن بعض أهل عسير - بعد أن دبَّ الوهن والضعف في نفوسهم - اتصلوا خفية بالجيش العثماني فاستسلم عدد من الحصون؛ لذا كتب الأمير محمد إلى أحمد مختار باشا بموافقته على الصلح والأمان، إلا أن محمد رديف باشا لم يلتفت إلى الأمان المعطى من السلطان ولا إلى الأمان المعطى من أحمد مختار باشا، فألحق الضرر بالسقا واتجه إلى ريدة وأمر باعتقال الأمير محمد بن عائض وكبار عسير، فلما أحس آل عائض ومن معهم بالغدر والخيانة قرروا المقاومة فقتل الأمير محمد بن عائض في تلك الحملة ومعه عدد كبير من آل عائض وزعماء قبائل عسير، وأسرت مجموعة كبيرة أرسلوا إلى إستانبول حيث وصلوها أوائل ربيع الآخر من عام 1289هـ / 1872م  
شارك المقالة:
52 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook