حكم الإمام فيصل بن تركي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
حكم الإمام فيصل بن تركي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية

حكم الإمام فيصل بن تركي في منطقة القصيم في المملكة العربية السعودية.

 
تسارعت الأحداث في غير صالح القوات المصرية الموجودة في بلاد نجد، ومنها القصيم التي كانت خلال هذه الفترة في قلب الأحداث. فقد أدى نشاط محمد علي باشا التوسعي إلى تخوف الدول الأوروبية مما دعاها إلى التشاور فيما بينها في عقد مؤتمر لبحث هذه التطورات، وهو ما عرف بمؤتمر لندن الذي أسفر عن توقيع معاهدة لندن في عام 1256هـ / 1840م وكان من أهم بنودها إرغام محمد علي باشا على الانسحاب من جميع البلاد التي استولى عليها، ومنها الجزيرة العربية. ونتيجة لذلك طلب من خورشيد باشا العودة إلى مصر، فقام بجمع الدواب من الأهالي لنقل أمتعته ولوازمه العسكرية بالإضافة إلى جنوده، فاستجاب له بعضهم وامتنع بعضهم الآخر. ومن الأعمال التي قام بها خورشيد في هذه الفترة تجهيز حملات عسكرية سريعة إلى بعض بلاد نجد والأحساء، كما قام بتعيين بعض الأمراء على البلدان، كما أرسل رجالاً من المغاربة والعرب الذين معه يخرصون الزروع في الصيف من أهل الوشم والمحمل حيث زاد عليهم في الخرص الرُّبع وأرسل إليه رجالاً وأخذوا ربع الخرص والزيادة مع الزكاة، أما أهل القصيم فلم يؤخذ منهم إلا الثمن من زرعهم، أما أهل سدير فلم يَزِدْ عليهم في الخرص، ولكنه أخذ منهم الثلث  
 
وفي شهر ربيع الأول من سنة 1256هـ / 1840م غادر خورشيد باشا ثرمداء وأبقى بعض المقربين له وكذلك مدافعه وأسلحته هناك، ثم نـزل عين ابن قنور المعروفة في السر، وطلب من بكير آغا رئيس العسكر الذي في شقراء أن يتبعه بعسكره، فركب من شقراء في الثاني عشر من ربيع الآخر قاصدًا خورشيد، كما طلب خورشيد من البصيلي وعسكره المتمركزين في الزلفي القدوم عليه فانتقلوا إلى المذنب ثم رحل منه إلى السر. ثم انتقل خورشيد إلى الرس ونـزل الشنانة قرب الرس وطلب من عربان حرب وغيرهم دواب تحمل العساكر والأسلحة التي في ثرمداء. وفي مقر إقامته في الشنانة أرسل خورشيد باشا إلى الأمير خالد بن سعود   يدعوه للقدوم إليه. وبعد أن أقام عنده بضعة أيام رحل إلى بريدة ومنها ذهب إلى عنيزة وأقام فيها أيامًا، ثم غادرها إلى الرياض، كما قدم عليه أمير بريدة عبد العزيز آل أبي عليان وعبد الله بن رشيد بسبب مشكلة حصلت بينهما لم يتم حلها. وبحلول منتصف جمادى الأولى رحلت جميع القوات المصرية من ثرمداء إلى القصيم حيث كانت آخر محطة لها في بلاد نجد ومنها ارتحل خورشيد باشا إلى مصر  
 
من التطورات التي حدثت في منطقة القصيم في عهد الأمير خالد بن سعود وقعة بقعا بين أهل القصيم ومن حالفهم من عنـزة وبين ابن رشيد وأتباعه من شمر وحرب، وكان ذلك في الثاني من شهر جمادى الأولى سنة 1257هـ / 1841م. وقد أسهبت مصادر تاريخ نجد في تفاصيل هذه الوقعة حيث تبين أن أسبابها لها جذور سابقة  ،  عندما قدم كل من عبد الله بلن رشيد أمير جبل شمر وعبد العزيز آل أبي عليان أمير بريدة على الأمير خالد بن سعود في الرياض وما حصل بينهما من نـزاع لم يتم حله بل عاد كل منهما إلى بلده يحضر نفسه وقومه لأخذ ما يراه حقًا له. فقد أغار غازي بن ضبيان رئيس الدهامشة في القصيم على جماعة ابن طوالة من شمر وهم نازلون في الشعيبات، الماء المعروف في جبل شمر، فأخذهم ومعهم جمال كثيرة لأهل الجبل، فركب عبد الله بن رشيد بجنوده وأغار على غازي فأخذ منهم جمالاً كثيرة فغضب لهم أمير بريدة وعزم على حرب ابن رشيد بتعضيد من أهل القصيم، حيث قام أمير عنيزة يحيى السليم بجنود كثيرة وقام أمير بريدة عبد العزيز آل أبو عليان على رأس أهل بريدة وعامة أهل القصيم، وقد قدر عدد أهل القصيم المتمركزين في بقعا نحو ستمئة جمل ومعهم القبائل الموالية لهم من عنـزة، ثم سار الجميع وأغاروا على وجعان الرأس من شمر فأخذوا منهم أموالاً كثيرة من الإبل والأثاث والأغنام، ثم اقترح أمير عنيزة على أمير بريدة الاكتفاء بذلك والرجوع، لكن أمير بريدة لم يوافقه وأقسم أنه لن يرجع حتى يقاتل ابن رشيد في حائل، فسارت تلك الجموع وقصدوا جبل شمر ونـزلوا في بقعا، وهي قرية من قرى جبل شمر تابعة لإمارة حائل، فخرج إليه أهلها فأمسكهم عنده، ونـزلت عربانه على ساعدة، الماء المعروف عند بقعا، فلما علم بهم عبد الله بن رشيد أمر فرسانه وجنوده بقيادة أخيه عبيد بن رشيد أن يقصدوا أهل القصيم الموجودين على ماء ساعدة، فهاجموهم قبل طلوع الفجر وحصل بين الطرفين قتال عنيف لكن لم ترجح فيه كفة طرف على الآخر. ولما طال الوقت دون نتيجة واضحة قرر قادة الحملة؛ وبخاصة يحيى السليم أمير عنيزة وعبد العزيز آل أبو عليان أمير بريدة كسر هذا الركود بحملة سريعة على الأقدام اختاروا لها أشجع الرجال، وعند اقترابهم من معسكر ابن رشيد قابلهم عبد الله بن رشيد وباقي جنوده، فارتبك أهل القصيم وفضلوا التراجع فلحق بهم بقية الجيش وانسحبوا بأهلهم. استغل ابن رشيد الفرصة فأرسل خلفهم خيالته فأخذوا الإبل والأغنام وتركوا يحيى السليم ومن معه في مكانهم. وعندما رأى أمير بريدة عبد العزيز آل أبو عليان أن الكفة تسير في غير صالحهم قرر الانسحاب ووجدوا ركاب يحيى ومن معه فاستخدموها. أما يحيى فقد ثبت لقتال ابن رشيد وأخيه عبيد وأتباعهم وصبروا حتى ارتفاع النهار، وأدركهم العطش خصوصًا أنهم في جمرة القيظ، فكرّ عليهم ابن رشيد وجيشه وقتلوهم إلا من هرب إلى الشعاب والجبال وقبضوا على يحيى فقتلوه انتقامًا من مقتل أحد رجالهم. وبذلك انتهت هذه المعركة بهزيمة أهل القصيم ومقتل كثير من الأعيان وتجارهم الذين اشتركوا في هذه الحرب دون اقتناع منهم، وقد قتل من أهل بريدة نحو 70 رجلاً منهم ابن لعبد العزيز، وحمد بن عدوان، وابن شايع ومن أهل عنيزة نحو 80 رجلاً منهم يحيى السليم أمير عنيزة، وأحمد بن فهيد الفضلي وأخوه، وقيل إن عدد الذين قتلوا من أهل القصيم في هذه الوقعة بلغ نحوًا من ثلاثمئة رجل وأخذ منهم كثير من السلاح والركاب   وكان عبد الله أخو يحيى السليم عند الأمير خالد بن سعود في الرياض، ولما حدثت هذه المعركة وقتل أخوه ذهب إلى عنيزة وصار أميرًا فيها. أما عبد العزيز آل أبو عليان أمير بريدة فقد تشاور مع أعيان القصيم على المسير ثانية لقتال ابن رشيد ثأرًا لهزيمتهم، وقد كتبوا بذلك إلى جميع بلدان القصيم وأعلنوا النفير العام والخاص فبرزوا خارج بلدانهم واستلحقوا جميع رجالهم حتى بلغ عددهم قريبًا من أربعة آلاف رجل وساروا قاصدين جبل شمر في شهر ذي القعدة سنة 1257هـ / 1842م، فوصلوا إلى الكهفة لكنهم لم يحصلوا على طائل فرجعوا إلى بلادهم. وبذلك أسدل الستار على أعنف معركة شهدتها منطقة القصيم وانتهت بهزيمتهم وتعزيز موقف أمير جبل شمر عبد الله بن رشيد  
 
شارك المقالة:
60 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook