إنّ دين الإسلام هو دينٌ وسطيٌ لا يدعو إلّا إلى فضيلة، ولا ينهى إلّا عن أمرٍ فيه ضرر بالناس إمّا على الأفراد أو الجماعات، وهو دين الاعتدال، فقد حارب الإسلام الغلوّ والتطرُّف بجميع صوره وأشكاله، فإذا جاء الأمر بتحريم أمرٍ من الأمور أو فعلٍ من الأفعال فإن ذلك التحريم يكون منضبطاً بعللٍ وأسباب، ولا يمكن أن يكون التحريم عبثيّاً، وقد أبدع الله سبحانه وتعالى في خلق السماوات والأرض وما فيهنّ من جبالٍ وأشجار ودوابّ، كما أبدع في خلق الإنسان وتصويره على نحوٍ يعجز الناس عن تقليده أو الإتيان بمثله، قال تعالى: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)، كما أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل في كلِّ نفسٍ بشريةٍ خلقها جوانب إبداعية، فمن الناس من يُبدع في علمٍ معيّن، ومنهم من يبدع في تطوير أو اختراع أمرٍ من الأمور، ومنهم من يُبدع في أشياء وأمور أخرى كالرَّسم مثلاً أو التمثيل أو الغناء أو غير ذلك مما أعطى الله الإنسان من جوانب إبداعية، فهل ممارسة بعض تلك النشاطات الإبداعية -كالرسم مثلاً- منهيٌ عنها في الإسلام؟ وما هو حكم الرَّسم شرعاً؟
لم يترك الفقهاء مسألةً من المسائل التي تهمُّ الناس وتتعلق بحياتهم وتعاملاتهم حتّى بيّنوا حكمها الشرعي، وقد ذكر الفقهاء بعض الأحكام العامة للرسم بناءً على ما ورد من نصوص شرعيّة تتعلق به، أو أنّهم بَنوا أحكامهم على اجتهادات فقهيّة أخرى لمسائل تُشبه مسألة الرسم، وفيما يلي بيان ما ذكره العلماء في حكم الرسم:
حكم الرسم إجمالاً عند الفقهاء:
أمّا النتيجة التي يُمكن الوصول إليها بشأن حكم الرسم إجمالاً حسب ما رأى الفقهاء فهي على النحو الآتي:
موسوعة موضوع