حكم الفاء الضاد مع تاء الافتعال

الكاتب: رامي -
حكم الفاء الضاد مع تاء الافتعال

حكم الفاء الضاد مع تاء الافتعال :

[حكم الفاء الضاد مع تاء الافتعال]
وإذا/(17-أ) كانت الفاء ضاداً كالافتعال من الضرب، لكن إذا أبدلت طاءً بعد الظاء جاز الفك والإدغام على أن يجعل الطاء ظاء، أو(1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ب: "وبالعكس".

بالعكس فيقال: اطِّلام(1) واظِّلام واظطلام.
وإذا أبدلت طاء بعد الضاد جاز الفك والإدغام على أن يجعل الطاء ضاداً فيقال: اضطراب واضِّراب، وشذا العكس فقيل في اضطجع  اطَّجع(2).
ولو كانت فاء الافتعال صاداً استثقلت سلامة التاء أيضاً؛ لأنَّ الصاد وإن ساوتها في الهمس فإنَّها تضادها بالإطباق والاستعلاء مع تقارب المخرجين، فالتزموا التخفيف بإبدال التاء طاء كاصطبار، أو بجعل التاء صاد كالإصلاح لغة في الاصطلاح(3)، وامتنع إبدال الصاد تاء؛ لأجل صفيرها وترجحها بالاستعلاء والإطباق(4).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ب: "فيقال: اضطلام" وهو تحريف.
(2)قال في المنصف 2/328: فأمَّا ما حُكي عنهم من قولهم: "اطَّجع في اضطجع فشاذ".
(3) ينظر الصحاح واللسان (صلح).
(4) ينظر إبدال هذه الحروف من تاء الافتعال في الكتاب 4/237،  وما بعدها والمنصف 2/324 وما بعدها، وسر الصناعة 1/71، 172 وما بعدها، والخصائص 2/142، والأصول 3/271، ونزهة الطرف ص 156، وشرح الشافية للرضي 3/227، والممتع 1/356، وشرح الكافية الشافية 4/2078، والوجيز ص 50-51، 55،  والارتشاف 1/310.

فصل
من الإعلال الواجب تحريك الفاء الساكنة بحركة العين التي هي ياء أو واو نحو: "يَبِيع" ويقول: "وأصلهما يَبْيِع وَيَقْوُل"(1)، فإنْ جانست الحركة العين كما اتفق في يَبْيِع ويَقْوُل، فلا يزاد على ما فُعل بهما من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ما بين الأقواس "   " ساقط من ب.

 

تحريك ما كان ساكناً وإسكان ما كان متحركاً، وهو المسمى نَقْلاً(1).
فإن لم تكن الحركة مجانسة نقلت ووليها مجانسها بدل العين  نحو: يهاب، ويخاف، ويقيم "أصلهن:" يَهْيَب، ويَخْوَف،   ويُقْوِم" ففعل بهنَّ ما ذكر.
فإنْ كانت الحركة ضمة والعين ياء في غير مفعول(2). أبدلت الضمة كسرة وسلمت الياء في قول سيبويه وعكس ذلك قول الأخفش(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ب: "ثقلا".
(2)مثل: "بيض" أصلها: "بُيْض" فقلبت الضمة كسرة لتسلم الياء. ينظر شرح المفصل لابن يعيش 10/67، والمساعد 4/175.
(3) ينظر في نسبة الرأيين: المرجعان السابقان.

فصل
الإعلال المذكور مستحق لكل فعل ما عدا فعلي التعجب نحو: "ما أجوده، وأجود به"(1). و "يَعْوَر فلان وأعْوَره الله(2). وكذلك ما
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)قال ابن إيَّاز معلِّلاً عدم قلب عين فعلى التعجب: "وإنَّما لم ينقلب لوجهين:
الأول: أنَّه لَمَّا لم ينصرف تصرف الأفعال لم يدخلوه الإعلال بل أجروه - في الصحة - مجرى الأسماء.
والثاني: أنَّهم قصدوا الفرق بين "أفعل" في التعجب وبينه في غيره مِمَّا   كان معتل العين، وكان فعل التعجب أحق بالتصحيح لشبهه بالأسماء، ويدلك على ضعفه في الفعلية ذهاب الأكثرين إلى أنَّه لا يجوز استعمال المصدر معه، وأنه لا يفصل بينه وبين معموله بالجار والمجرور ". شرح تصريف ابن مالك ص  187.
وينظر الإنصاف 1/126 وما بعدها، وشرح الكافية الشافية 4/2138-2140، والتعريف في ضروري التصريف ص 53، والمساعد 4/170، وشفاء العليل  3/1101، وأوضح المسالك 4/357
(2) المراجع السابقة ما عدا الإنصاف. وينظر: شرح الشافية للرضي 3/123.

 

تصرف منه وما يشبهه كَمِعْوَر ومُعْوَرِ.
ويستحق هذا الإعلال أيضاً كل اسم غير جارٍ على فعلٍ مصحح إن وافق الفعل في وزنه وخالفه بزيادته أو بالعكس. فالأول نحو: مَقَام ومُقِيم ومُقَام. أصلهنَّ: مَقْومٌ ومُقْوِم ومُقْوَم. فهنَّ على وزن يَعْلَم ويُعْلِم
ويُعْلَم، وإنَّما حصلت المخالفة بالمزيد قبل الفاء1. وأمَّا عكس ذلك وهو أن يوافقه في الزيادة ويخالفه في الوزن فنحو أن تبني من بَيْعٍ وَقَوْلٍ مثل: تِحْلِئ"فيقال"2: تِبْيِع وتِقْيِل، وأصلهما: تِبْيِع وتِقْوِل، ثُمَّ فُعِلَ بهما ما ذكر؛ لأنَّهما وافقا الفعل في الزيادة؛ لأنَّ التاء "زيادة"3 مشتركة وخالفاه في الوزن؛ لأنَّ "تِفْعِلاً" مفقود في الأفعال4. ولو بُنِي من بيع مثل: تفعُل لقيل على مذهب سيبويه تَبْيُع وعلى مذهب الأخفش تَبْوُع5. فلو كان الاسم موافقاً للفعل في زيادته ووزنه معاً وجب أن يصحح ليمتاز من الفعل، فإنَّ اسوَدَّ مثال لو أعل فقيل فيه أساد، ظُنَّ أنَّه فُعِل وذلك مأمون في نحو مقامٍ وتِبيِع، فإنَّهما قد (17-ب) امتازا من الفعل بالزيادة التي لا تكون فيه وهي الميم، وبالوزن الذي لا يكون فيه وهو تِفْعِل، فلا حاجة إلى الإخلال بالإعلال، فإنَّ في استعماله إجراءً للنظائر على طريقة واحدة فلا يعدل عنه إلاَّ لمانع من خوف لبس أو غيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر شرح الشافية للرضي 3/145-156. وتنظر الكافية الشافية 4/2138 وما بعدها، والتعريف في ضروري  التصريف   ص 53، وشرحه لابن إيَّاز ص 187، والمساعد  4/170، وشفاء العليل3/1101، وأوضح المسالك 4/357.
2 قوله: " فيقال " ساقط من ب.
3 في ب: " زائدة ".
4 ينظر شرح الشافية للرضي 3/156، وشرح الكافية الشافية 4/2140.
5 ينظر شرح الشافية للرضي 3/134، 147-148.

 

فلو كان الاسم منقولاً من فعل نحو: "يَزِِيد" لم يغير عن  ما كان عليه من الإعلال إذا كان فعلاً1.
ومن موانع الإعلال مناسبة ما فيه سببه لما وجب تصحيحه كما فعل في التعجب نحو: ما أجوده فإنَّه صحح حملاً على أفعل، وكالاسم المزيد أوله ميم مكسورةٌ كـ "مِخْيَطٍ، ومِجْوَلٍ"2 فإنَّ فيه ما في مقام من موافقة الفعل من وجه ومخالفته من وجه، فكان هذا يقتضي إعلاله، لكنه أشبه لفظاً ومعنىً المخالف في الوزن والزيادة المستحق للتصحيح وهو مِفْعَال كَمِغْوَارٍ3 ومِهْيَافٍ4 فحمل عليه في التصحيح5.
أمَّا شبهه به في اللفظ فظاهر لأنَّهما لا يختلفان إلاَّ بإشباع فتحة العين.
وأمَّا شبهه به في المعنى فلأن كلا منهما يكون آلةً كمِحْمَلٍ وَمِكْيَالٍ، وصفةً مقصوداً بها المبالغة كمِهْمرٍ6 ومِحْضَارٍ، فَسُوِّيَ بينهما في
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ينظر المساعد 4/172.
2 في الصحاح (جول) 4/1663: "والمِجْوَل ثوبٌ صغيرٌ تجول فيه الجارية. ومنه قول امرئ القيس:
...  ...  ...  ...  ...  ...   إذا ما اسبكرت بين درعٍ ومِجْوَلِ
وربَّما سَمُّوا الترس مِجْوَلاً ".
وعلَّل ابن إيَّاز عدم إعلال مخيط وما شاكله بقوله: "إنَّما صح ذلك؛ لأنَّه محذوف من مخياط... ولو أعل هذا لالتقى ألفان فلم يكن بد من حذف أحدهما فيقال: "مخاط"... وحينئذٍ لا يعلم أهما "مِفْعَال" أو "مِفْعَل"". شرح تصريف ابن مالك ص 188
3 المغوار: كثير الإغارة.
4 المهياف: السريع العطش. الصحاح (هيف) 4/1444
5 قال في الكافية الشافية (شرحها) 4/2141:
ومِفْعَلٌ أُلْحِقَ ب " المِفْعَالِ
في الحُكْمِ كـ "المِقْوَلِ"و"المِقْوَالِ"
6 المهمر: المهذار الذي ينهمر بالكلام. ينظر الصحاح (همر)

 

التصحيح كما فُعِلَ بعَوِر واعورَّ، يَعورُّ ويُعَوَرُّ.
ومن موانع هذا الإعلال اعتلال اللام أو تضعيفها نحو: يَقْوَى وَيَزْوَرُّ1. فلابدَّ من تصحيح هذين النوعين؛ لأنَّ إعلال الأول يلزم منه توالي إعلالين على الوجه الذي لا يغتفر ولا سبيل إليه، وإعلال الثاني يلزم منه التباس مثال بمثال، فإنَّه لو نقلت حركة العين من " ازورَّ " إلى فائه لانقلبت هي ألفاً فاستغنى عن همزة الوصل لتحرك الزاي فقيل: زارَّ، فيتوهم أنَّه فاعل من الزَّرِّ2، فاجتنب لذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ازورَّ عن الشيء أي عدل عنه. الصحاح (زور).
2 الزَّرُّ: بالفتح مصدر زررت القميص أزُرُّه زَرّاً. والزّرَ: الشك والطرد يقال هو يَزرُّ الكتائب بالسيف. والزرُّ أيضاً العض. ينظر الصحاح (زرر) 2/669.

فصل
"و"(1) يجب الإعلال المذكور أيضاً لما اعتلت عينه من مفعول حملاً على فعله، فتسكن عينه وبعده الواو ساكنة، فتحذف هي في قول سيبويه؛ لزيادتها وقربها من الطرف. وتحقق الاستثقال معها، ومذهب الأخفش عكس ذلك(2). فإن كان مفعول من ذوات الواو فلا مزيد على ما ذكرته من النقل والحذف كمَقُول، وإن كان من ذوات الياء ضم إلى ذلك إبدال الضمة كسرة لتسلم الياء كمبيع(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) "الواو": لا توجد في أ.
(2)ينظر الكتاب 4/348، والمنصف 1/282 وما بعدها، وشرح الشافية للرضي 3/147 وما بعدها، والمساعد 4/174.
(3)ينظر المنصف الصفحات السابقة، وشرح الشافية للرضي 3/144، وما بعدها، والمساعد الصفحات السابقة.

 

ومذهب بني تميم تصحيح هذا النوع كمبيوع(1).
ولا يُصحح مفعول من ذوات الواو إلاَّ ما شذَّ من من قول بعضهم في مصون ومذوق: مصوون ومذووق(2)
.ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 المراجع السابقة.
2 المراجع السابقة.

فصل
يجب الإعلال المذكور أيضاً لما اعتلت عينه من مصدر على إفعال أو استفعال حملاً على فعله فتسكن العين حين تنقل حركتها وتنقلب ألفاً لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها؛ فتلتقي مع الألف الزائدة قبل اللام فيُعَامَلاَن معاملة الواوين من مفعول الذي عينه واو ولامه صحيحة، ويعوض من المحذوف (18-أ) هاء التأنيث كإقامة واستقامة وهما في الأصل: إقوام واستقوام، ثُمَّ فُعِلَ لهما من النقل والقلب والحذف والتعويض ما ذكر(1)
وإنَّما تُرِكَ التعويض في مفعول؛ لأنَّه صفة معرضة لأن يقصد بها مذكر ومؤنث، فلو لحقته الهاء تعويضاً أوهمت قصد التأنيث عند إرادة التذكير وذلك منتفٍ من المصدرين المذكورين؛ لانتفاء الوصف بهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ينظر الكتاب 4/348-354، والمنصف 1/291، والمساعد 4/176 وقال المصنف في الكافية الشافية (شرحها 4/2141):

ومد الاستفعال والإفعال      يزال عند نيل ذا الإعلال

وعوض التاء من المد ولا       تحذف إلاَّ بسماع قبلا

 

فصل
لَمَّا كان الباعث على إعلال ما أُعِلَّ طَلَبُ التخفيف وكان الثقل الحاصل بترك هذا الإعلال أهون من غيره لسكون ما قبل حرف العلة تُرِك في كثير مِمَّا يستحقه تنبيهاً على ذلك، وأكثر ما تُرِك في الإفعال مصدراً، والاستفعال "وفروعهما"1 كالإغيال2 والاستحواذ3 حتى رآه أبو زيد الأنصاري مقيساً4، وشذ العمل به مع وجود مانع كقولهم في جمع  فواق5: أفْيِقَة، واللائق به أفْوِقَة، حتى يصح كما صحت نظائره كأجوبة وأسودةٍ؛ لأنَّه موافق الفعل في وزنه وزيادته، لكن السماع لا يرد6.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 في أ: "وفروعها".
2 في الصحاح (غيل) 5/1787: وقد أغالت المرأة ولدها فهي مُغْيَل، وأغيلت - أيضاً - إذا سقت ولدها الغيل. والغيل لبن المرأة الحامل.
3 استحوذ على الشيء أي غلب عليه.
4 قال الجوهري في الصحاح (حوذ) 2/563: " واستحوذ عليه الشيطان أي غلب، وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استراح واستصوب.
وقال أبو سزيد: هذا الباب كله يجوز أن يُتَكَلَّم به على الأصل، تقول العرب: استصاب واستصوب واستجاب واستجوب. وهو قياس مطرد عندهم ".
وصرَّح المصنِّف في التسهيل بأنَّه لا يقاس على ما سمع من هذا القبيل.وأيده في ذلك ابن عقيل في المساعد 4/178
5 الفواق - بضم الفاء وفتحها - ما بين الحلبتين من الوقت.
ينظر الصحاح (فوق) 4/1546.
6 ينظر المساعد 4/179 فقد جاء فيه هذا النص منسوباً للمصنِّف.

شارك المقالة:
235 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook