تبقى الأخلاق حاجةً ملحةً في حياة الإنسان حين يتعامل مع أخيه المسلم، سواء أكان يراه لمرةٍ واحدةٍ، فيقضي كلّ منهما حاجة الآخر، أو حتى إن كانا أخوةً، أو أصحاباً يلتقيان بين الحين والآخر، والسبب في الحاجة إلى الأخلاق أنّ الإنسان بطبيعته يميل لقضاء حاجته، وإشباع غرائزه، مهما كان الثمن، فإن افتقر الإنسان إلى الأخلاق، مال بطبعه إلى الأنانية والأثرة، أمّا إن هذّبها بأخلاقه؛ كان كريماً محباً لغيره، ومعاوناً إياه في قضاء حوائجه، وإذا كان الإنسان منفرداً أو بين أفراد المجتمع، فهو محتاجٌ إلى أخلاقٍ تضبط حركاته وسكناته، فإنّ الحاجة إلى الأخلاق على مستوى المجتمع أعزّ وأولى، فإنه إن تنازل المرء عن أخلاقه، فصار كاذباً محتالاً وسارقاً، وغير ذلك، تفشت دناءة الأخلاق تلك بين جمعٍ كبيرٍ من الناس، وأوشكت الحياة أن تستحيل في ذلك المجتمع، فإنّ المجتمع عددٌ من الناس، إن حسُنت أخلاقهم سعدوا واطمأنوا جميعاً بتعاملاتهم وعلاقاتهم الدنيوية بعمومها، وإن تفشى سوء الخلق، صار من الصعب أن يعيش المرء مطمئناً على نفسه وأهله وماله، من السرقة والغش والاعتداء، وغير ذلك.
أولى الإسلام اهتماماً كبيراً في خلق المسلم، وأوصى بجميل الأخلاق في القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، ومن ذلك وصية النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حيث قال: (خالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حَسنٍ)، وأول الأخلاق الحسنة؛ كف الأذى عن الناس، فيأمن الناس جانب المرء أذا استيقنوا حسن خلقه، والأعلى من ذلك درجة، أن يعفو المرء عمن أساء إليه، فلا يكتفِ بكف أذاه عن الناس، بل يعفو عن من ألقى عليه أذاه، ومعاملة الناس بالإحسان القولي والفعلي، والأمثلة على درجات حسن الخلق كثيرةٌ جداً: فقد يكون حسن الخلق ببشاشة الوجه، ولطف الكلام، وقد يكون بالقول الجميل اللطيف؛ الذي يؤنس الناس ويدخل عليهم السرور، وقد يكون في المزاح الصادق المتوازن
يظهر اهتمام الإسلام في الأخلاق الرفيعة على العديد من الأصعدة، وفيما يأتي بيان ذلك
قد يحتاج المرء إلى أمورٍ تعينه لتكون سبباً في تجمّله بأجمل الأخلاق، وفيما يأتي بيان ذلك: