لقد خلق الله سبحانه وتعالى الزمن وفضل بعضه على بعض، فجعل خير أيام الأسبوع يوم الجمعة، وجعل خير الأيام أيام عشر ذي الحجة، وخير الشهور شهر رمضان، وخير لياليه العشر الأواخر، وخير العشر الأواخر ليلة القدر.
أخي المبارك:
للعشر الأواخر من رمضان فضائل كثيرة من أهمها أن فيها ليلة القدر التي ورد في فضلها ما يلي:
• نزول القرآن الكريم فيها، قال الله -تعالى-: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ? [القدر: 1].
• تقدير الأرزاق، والآجال فيها.
• تحقّق البركة والخير فيها، بالإضافة إلى نزول جبريل والملائكة، ممّا يحقّق السكينة والبركات فيها، كما جاء وصف تلك الليلة بالبركة، في قوله تعالى: ? إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ ? [الدخان: 2].
• تحقّق السلام والطمأنينة فيها، ودرء العقاب والعذاب عمَّن أقامها بالطاعة قال الله تعالى: ? سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ? [القدر: 5].
• غفران الذنوب والمعاصي.
• إدراك الخير كلّه بقيامها وفعل الطاعات فيها، قال النبيّ محمد صلى الله عليه وسلم-: (أتاكُم رَمضانُ شَهرٌ مبارَك، فرَضَ اللَّهُ عزَّ وجَلَّ عليكُم صيامَه، تُفَتَّحُ فيهِ أبوابُ السَّماءِ، وتغَلَّقُ فيهِ أبوابُ الجحيمِ، وتُغَلُّ فيهِ مَرَدَةُ الشَّياطينِ، للَّهِ فيهِ ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شَهرٍ، مَن حُرِمَ خيرَها فقد حُرِمَ).
• أن الله سمى بها سورة من سور القرآن.
أيُّها الماجد:
لقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يجتهد في التعبد لله في عمره كله ويجتهد أكثر وأكثر في رمضان ثم يضاعف جهده صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها-، إذ قالت: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يعتَكفُ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ)؛ رواه الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله.
كما ثبت عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ)؛ رواه البخاري.
إن ثواب ليلة القدر خير من عبادة ثلاث وثمانين عامًا، وإن المسلم مأمور بتحريها والتماسها والعمل فيها بسائر الطاعات والقربات فقد صح عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما يلي:
عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: (تَحرُّوا لَيلةَ القَدْرِ في الوَتْر من العَشرِ الأواخِرِ من رمضانَ)؛ رواه البخاريُّ.
وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضِيَ اللهُ عنهُ قال: خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّمَ فقال: (إنِّي أُريتُ ليلةَ القَدْرِ، وإنِّي نُسِّيتُها - أو أُنسيتُها - فالْتمِسوها في العَشرِ الأواخرِ من كلِّ وَتر). رواه البخاريُّ.
وعن ابنِ عبَّاس رضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّمَ قال: (الْتمِسوها في العَشر الأواخِر من رمضانَ؛ لَيلةَ القَدْر في تاسعةٍ تَبقَى، في سابعةٍ تَبقَى، في خامسةٍ تَبْقَى)؛ رواه البخاريُّ.
أيُّها الحبيب:
إن التاجر الناجح يغتنم الفرص المتاحة ليعظّم أرباحَه و يضاعفها ضعفًا أو ضعفين أو بجزء من الضعف، وأن ليلة القدر فرصة عظيمة تتضاعف فيها الحسنات والأعمال بنسبة تزيد عن 30000 % و هناك تحري نتيجته 100 % بإذن الله وهو الاجتهاد في العشر كلها وهناك تحري نتيجته 50% ويحدث عند الاجتهاد في ليال الوتر وهناك تحري نتيجته فقط 10% ويحدث عند الاجتهاد في ليلة واحدة.
ويجدر بالمؤمن أن يغتنمها إذا بلَّغه الله إياها ليضاعف حسناتِه، فقد لا تعود هذه الفرصة مرة أخرى، ولعلي أسلط الضوء على الخطوات العملية لتحري ليلة القدر والتماسها، وأهم الأعمال التي نحرص على أدائها في ليلة القدر في ضوء ما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة رضي الله عنهم وسلفنا الصالح ومن ذلك:
• اعزم من الآن على استثمار هذه الليالي العشر الفاضلة كاملة لضمان إدراك ليلة القدر.
• عدل جدولك اليومي من مغرب يوم الاثنين القادم إلى نهاية الشهر.
• حدد الأهداف التي تريد تحقيقها في الليال العشر ومن ذلك:
? شهود الصلوات المفروضة مع الجماعة وأداء النوافل كاملة.
? تلاوة القرآن الكريم والحرص على ختم القرآن على الأقل ختمة واحدة.
? القيام إيمانًا واحتسابًا مع الإمام حتى ينصرف.
? التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والحوقلة والصلاة والسلام على النبي محمد صلى وكثرة الاستغفار وخاصة في الأسحار.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.