خلف الكواليس

الكاتب: المدير -
خلف الكواليس
"خلف الكواليس




تصلنا أحيانًا بعض المقاطع لطالب يختم القرآن، أو لبرنامج دعوي أسلم خلاله عدد من الجاليات، ومعظمنا للأسف يمر عليها مرور الكرام؛ فالبعض يغلق المقطع ولا يكمله، وأفضلنا حالًا يتأثر عاطفيًّا لدقائق معدودة ثم ينتهي الأمر.

 

اسمحوا لي أن أحكي لكم بعضًا مما يحدث خلف الكواليس ومما لمسته من خلال تعاملي مع إخوتي الأفاضل العاملين في مجال التحفيظ ومكاتب الدعوة، والذين أفخر بمجرد معرفتي لهم؛ حيث شرفني الله بمعرفتهم، وهم ممن اختارهم لخدمة هذا الدين وإعلاء كلمته، أحب الصالحين...

 

بعض هذه الدُّور والمكاتب كانت حلمًا فقط في قلب رجل قد لا يملك من متاع الدنيا إلا قوتَ يومه، ولكن بفضل الله تحولت إلى دار أو مكتب يعد من أفضل المكاتب على مستوى المملكة، وعندما تسمع قصصهم وكيف تيسرت الأرض ثم حديد وإسمنت الأساسات، ثم البلك، ثم التكييف، ثم الأثاث، ثم التجهيزات الكهربائية، ثم الإلكترونية - تجد أن جسمك يقشعر مما تراه من توفيق وتيسير رب العالمين.

 

مقطع الخاتم لكتاب الله، وراءه مجهود سنين من الجهد والكد (دوام يومي، تعيين مدرسين، حل مشاكل الطلاب، تأمين رواتب المعلمين، تخطيط البرامج، رحلات ترفيه في وقت الإجازات، رحلات العمرة، حضور وغياب)، كل ذلك على حساب وقتهم وجهدهم، وفي بعض الأحيان على حساب الأوقات التي يقضونها مع عائلاتهم؛ فمثلًا المدعو (خ.م) لا يطيب له الاتصال بي للتشاور في موضوع يخص الحلقات إلا يوم الخميس مساءً، والناس في الاستراحات والبر، أعاتبه دومًا ولكن في داخلي أعذره؛ فهؤلاء الرجال قد حملوا الهم وأصبح شغلهم الشاغل؛ يـأكل ويشرب وينام معهم.

 

كمثال آخر، البرنامج الدعوي الذي يسلم به عدد من الفلبينيين، يحتاج أولًا إلى دعوتهم للحضور بطريقة ترغبهم في الحضور، نقلهم من سكنهم، وبعضهم يتجشم إيصالهم بسيارته الخاصة، التنسيق للمواصلات من عدة مواقع، تأمين الوجبات، ووجبات الغداء والعشاء، تأمين لجنة حكام، تأمين الجوائز؛ عمل مضنٍ قد لا نقوم به مقابل رواتب مغرية، كل ذلك وعدد كبير منهم من المحتسبين، بل يدفع من دخله المتواضع.

 

ما ذكرته مجرد مثال بسيط لا يمثل إلا جزءًا يسيرًا من أنشطة هذه المؤسسات الدعوية، وقس عليها باقي المنشآت الدعوية؛ كالهيئات العالمية سواء كانت إغاثية أو مهتمة بالمشاريع الدعوية؛ كبناء المساجد، وحفر الآبار، وبناء مراكز تحفيظ القرآن، والمراكز الدعوية.

يؤلمني كثيرًا ما أستشعره من حرج بعضهم وهو يحاول إيجاد دعم لبعض برامجهم، والجهد الذي يبذلونه لتأمين الدعم، وهو إضافة للعبء الذي يقومون به.

 

ولطالما تناقشت معهم بأنهم هم أصحاب الفضل بعد الله سبحانه وتعالى؛ حيث إنهم يقومون بتقديم هدايا ميسرة للمتبرعين؛ إذ ما عليه سوى أن يقوم بتحويلٍ عبر الشاشة لا يستغرق سوى عدة دقائق، أو يكلف مندوبه أو المحاسب بالتحويل، بينما يشاركهم - بإذن الله - أجر مجهود مضنٍ قاموا به ولا زالوا عبر أشهر بل سنوات.


"
شارك المقالة:
28 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook