هو اللون الذي يمتص جميع الأشعة الساقطة عليه دون أن يعكس جزءاً منها، وهو اللون الذي غالباً ما يُعرف بافتقاره إلى أيّ درجةٍ من درجات السطوع، ويعتبر اللون الأسود الدرجة الداكنة من درجات اللون الرمادي، كما يُشار إليه بأنّه اللون المخالف تماماً للون الأبيض، وعادةً ما يتسبب اللون الأسود في جعل الألوان الأخرى تبدو أكثر إشراقاً إذا ما وُجدت بجانبه، وفي حال استخدام اللون الأسود بشكلٍ كبير في المنزل فإنّه عادةً ما يجعل الغرف تبدو أصغر ممّا هي عليه، كما أنّ استخدام اللون الأسود كثيراً في المنزل من شأنه أن يجعله يبدو مظلماً إلى درجةٍ كبيرة، كما يُستخدم اللون الأسود في معظم الدول على أنّه لون الحداد، فهو اللون الذي يتمّ ارتداؤه في الجنازات.
وفي بدايات الحضارة الغربيّة كان الناس يميّزون بين الشخص الجيد والسيئ من خلاله؛ بارتداء الشخص الجيد اللون الأبيض، وارتداء الشخص السيئ للون الأسود، وقد كان اللون الأسود عند الإغريق والرومان قديماً لون يدل على عدم وجود جانبٍ من جوانب الوديّة على الإطلاق، أمّا في الصين فيعتبر اللون الأسود لون الأطفال المفضل هناك، ويذكر أنّ اللون الأسود يتميّز بحضوره القوي في بعض الأعياد والمناسبات كعيد الهالوين الذي يُمزج فيه اللون الأسود مع اللون البرتقالي في أغلب الأمور الخاصة به.
للألوان تأثير كبير على النفس وعلى الاستجابة العضوية أيضاً، فقد أثبتت الدراسات أنّ بعض الألوان قادرة على تهدئة النفس، وبعضها الآخر قادرة على فتح الشهيّة، وبعض الألوان تنشّط الاستجابة والعمليات الحسية والجسدية لدى الناس، لهذا يجب أن نكون حذرين في اختيار الألوان المحيطة بنا، سواء في لون الملابس أم طلاء الأظافر أم طلاء الجدران، وفيما يأتي بعض دلالات اللون الأسود في استعمالات الحياة المختلفة:
في علم الفيزياء توجد إشكالية حول اعتبار اللون الأسود من ضمن الألوان فعلياً، فتعريف اللون في علم الفيزياء هو ما ينتج عن امتصاص الأشعة أو الموجات الضوئيّة، وانعكاس جزءٍ منها فقط، والجزء المنعكس يكون هو المسؤول عن رؤية لونٍ ما، فعندما نرى قميصاً لونه أحمر فهذا يعني أنّ الجسم قد امتص جميع الموجات الضوئيّة، وعكس الموجات ذات الطول الموجي الخاص باللون الأحمر، واعتبار اللون الأسود لوناً حقيقياً يعتمد على طريقة تعريفه حيث إنّه لا يعتبر في الفيزياء ضمن الألوان المادية الحقيقية؛ لأنّ الألوان الفعليّة فقط هي التي تشكّل ألوان الطيف، أمّا باعتبار أنّ اللون الأسود مضاد للون الأبيض فيعود ذلك إلى أنّ العين البشريّة ترى الأجسام بيضاء؛ بسبب عدم امتصاص أيٍّ من الموجات وإنّما عكسها جميعها، في حين أنّ رؤية العين البشرية للون الأسود يعود إلى أن طبيعة الأجسام السوداء تمتص جميع الموجات والأشعة ولا تعكس أيّاً منها، ومن الجدير بالذّكر أنّ العين البشريّة تستطيع أن ترى الموجات الكهرومغناطيسية التي تحمل طولاً موجياً بين 380 و 750 نانومتر.
عادةً ما يتصل اللون الأسود في علم النفس بالأمور المجهولة والسريّة، وهو لون الغموض أيضاً، كما أنّه اللون الذي يساعد الشخص على الوقاية والحماية من الإجهاد العاطفي الذي يمكن أن يتعرّض له، حيث يخلق هذا اللون حاجزاً بينه وبين العالم الخارجي المحيط، فيوفر له الراحة ويخفي نقاط الضعف، وعدم الثقة بالنفس، وعادةً ما يستخدم الأشخاص اللون الأسود بطريقةٍ ما لإخفاء أمرٍ ما عن الآخرين، فمثلاً يستخدم الأشخاص اللباس الأسود كي يظهروا نحيفين، ويعتبر الكثيرون اللون الأسود في علم النفس هو لون الأناقة والرقي، فغالباً ما تختار النساء الأنيقات اللون الأسود لارتدائه، كما قد يعني اللون الأسود السيطرة والتّحكم، وهو لون غير ودّي في علم النفس، فهو لون الخوف والقوة، وهو مصدر لإظهار السلطة، ويُقال في علم النفس الإنساني أنّ محب اللون الأسود هو شخص منطوٍ على نفسه، ومنضبط، ومستقل، وهو صاحب إرادة قوية، وعادةً ما يُقال لمن يريد السفر أن يحمل معه شيئاً لونه أسود ليحميه من الأذى، ومن الطاقة السلبية، فاللون الأسود بحسب البعض هو لون قادر على امتصاص الطاقة السلبية.
كما يعتبر اللون الأسود في علم النفس أنّه لون يعبر عن نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة، فيوصف بأنّه لون النهايات والبدايات، ومن الأمثلة على ذلك ميل المراهقين إلى ارتداء اللون الأسود في بداية مرحلة المراهقة، كدليلٍ على نهاية مرحلة الطفولة وبداية مرحلة جديدة في حياتهم، وهذا بحدّ ذاته ليس أمراً يدعو إلى القلق، وإنّما يصبح كذلك في حال استمروا في ارتداء اللون الأسود فترةً طويلة من الزمن مع استبعاد أيّ ألوانٍ أخرى، فطغيان اللون الأسود قد يُسبّب حدوث الاكتئاب، كما من الممكن أن يُؤدّي إلى حدوث تقلّبات مزاجيّة وخلق بيئةٍ سيئة إلى حدٍّ ما، لذلك عادةً ما يُنصح باستخدام اللون الأسود جنباً إلى جنب مع ألوانٍ أخرى تمتلك درجة واضحة من السطوع، ومن المصطلحات الإيجابية التي يشير إليها اللون الأسود الحماية، والراحة، والقوة، والإرادة، والتطور، والبدايات الجديدة، أمّا المصطلحات السلبية التي يشير إليها فتضم الخجل، والاكتئاب، والتشاؤم، والسريّة، والغموض، والسيطرة والتحكم، والحزن.
ارتبط اللون الأسود بالصفات السلبية، وبالموت عبر التاريخ، إلّا أنّ لهذا اللون صفات مميزة تجعله لوناً إيجابياً، فعلى الرغم من أنّ اللون الأسود عند معظم الثقافات والشعوب القديمة كان لون الموت، ولون السوء كما عند اليونان والرومان، إلّا أنّه عند المصريين القدماء يُعتبر لون الحياة، وقد كان اللون الأسود هو لون التربة الغرينيّة في مصر، والتي تُسقى من نهر النيل، وهي تربة خصبة تعتبر مصدر النمو والحياة، وكان اللون الأسود يعبر عن إله التحنيط وهو إله أنوبيس، والذي لم يكن يحمل أيّ معنى من معاني الشر، بل على العكس كان الإله أنوبيس عند المصريين القدامى يحمي الموتى من الشر الذي سوف يلحق بهم، كما كان الإله أنوبيس أي إله التحنيط يدعو للمحافظة على الناس، وتحنيط أجسادهم ليعودوا للحياة مرةً أخرى يوماً ما.
ومن الأمور الأخرى التي كان للون الأسود أثرٌ إيجابيٌ فيها هي اختراع الحبر الأسود، حيث كان أول اختراع للحبر الأسود في الهند والصين، ففي الصين اخترع الحبر الأسود شخص يُدعى تين لشيو، من خلال استخدام خشب الصنوبر والزيوت المستخدمة في إضاءة المصابيح، وفي الهند اختُرع الحبر الأسود من خلال استخدام العظام المحروقة مع مادة القطران وموادٍ أخرى، أمّا أثر الحبر الأسود الإيجابي فقد انعكس على وضوح عملية القراءة، فإنّ التباين الشديد بين اللون الأسود للحبر واللون الأبيض للورق هو ما جعل عملية القراءة واضحةً جداً، كما يعتبر اللون الأسود لون الأناقة