دنيا تدور

الكاتب: المدير -
دنيا تدور
"دنيا تدور

 

عجيبةٌ هذه الدنيا الدنيَّة، والأعجب منها نحن!

تتغيَّر ونتغيَّر، تتبدَّلُ ونتبدل، تتقلَّب ونتقلَّب معها، وندور في طيَّاتها كعجلةٍ لا تتوقَّف عن الدوران ولا نتوقَّف.

 

نطاردُ الأحلامَ والآمالَ فيها لاهثين، وحين نصل لمبتغانا ونحقِّق الحلمَ الجميل، نشعر أنَّنا قد ملَكنا الكونَ بما فيه، وحقَّقنا السعادةَ الأزليَّة، فنظنُّ أننا لن نحزن بعد ذلك أبدًا!

 

وما هي إلَّا سويعات قليلة حتى تتبخَّر الفرحةُ العارمة، وتتطاير الأماني والأحلام الجميلة، فنهبط في حُفرة الحزن من جديد، نزولًا نزولًا نحو العُمق؛ حتى نحسب أنَّنا لن نتمكَّن من الصعود بعد ذلك أبدًا، لتفاجئنا الأيام بعدها بصعودٍ مرحليٍّ جديد، عالٍ جدًّا، يُنسينا ذاك الهبوطَ المؤلِم الذي كسَرنا وهشمَنا، فتجبر كسرَنا وتعيدنا للوقوف متماسكين أقوى من السابق بكثير!

 

• ذلك فقط لكي ندرك أنَّ الله عادلٌ، ولنشعر بقيمة النِّعَم التي أنعم الله بها علينا.

 

• ذلك فقط لكي نفهم أنَّ السعادة لا تنحصر في الأشياء المادِّية الزائلة، ولنستيقن أنَّ زهرة السعادة الحقَّة قد تتفتَّح عند أفقَر إنسان على وجه الأرض، وقد تَذبُل وتموت عند أغنى وأعظم إنسان!

 

• ذلك فقط لكي نتعلَّم أنْ نَرضى بقضاء الله، ولنتقبَّل مَنْعه قبل عطائه، ولنشكره عند الشدَّة قبل الرَّخاء.

 

• ذلك فقط لكي لا يَحسُدَ بعضنا بعضًا، ولا يتمنَّى بعضُنا ما عند البعض الآخر، فكلُّنا نَملِك ولا نَملِك، وكلُّنا فاقدٌ لما يَملِك وما قد يَملِك!

 

هكذا تدور بنا عجَلةُ الدنيا، ما بين صعودٍ وهبوط، ما بين همٍّ وانجلاء؛ نتأرجحُ ما بين الحالين، ونسافرُ ما بين هلالين؛ أحدهما مغلَق والآخر مفتوح؛ حتى ندرك في النهاية أنَّنا لن نهنأ أبدًا ولن نملك السعادةَ الأزليَّة إلَّا حين نوقن أنَّنا في رِحلة، وبأنَّا لن نتوقَّف عن الدوران والتقلُّب، إلا حين نرقب المحورَ ونصلح القلب!

 

فقط حين نرقب المحور ونرتكز عليه، باستطاعتنا أن نصِل لأرض الحياة الحقيقيَّة، والمحطَّة الأخيرة للسعادة الأزليَّة؛ حيث الصعود الدائم...


"
شارك المقالة:
23 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook