دواعي عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب وكيفية الاستعداد
يتم تقييم هذه الطريقة العلاجية على المرضى الذين يعانون من أعراضٍ شديدةٍ لمرض الشريان التاجي بعد استنفاذ إمكانيات العلاجات الطبية أو التدخلات، وأظهرت التجارب السريرية الأولية تحسّن أعراض نقص التروية خلال الثلاثة أشهر الأولى في 70% ممن عُولجوا بهذه العملية، وكانت الآلية الأصلية التي تم اقتراحها بخصوص هذه العملية الجراحية أو بالقسطرة -إعادة توعّي عضلة القلب عن طريق الجلد- هي أن تتوسّط القنوات تدفّق الدم المباشر بين تجويف البطين الأيسر وعضلة القلب الإقفارية فيما بعد تم تقديم العديد من التفسيرات البديلة بما في ذلك التروية المحسّنة عن طريق تكوين الأوعية الدموية والتأثير المخدّر عن طريق تدمير الأعصاب وتأثير العلاج الوهمي، وقد يتم إجراء عملية إعادة التوعّي بالليزر كأحد التقنيات العلاجية الجديدة بهدف توصيل الدم المؤكسد عبر سلسلة من القنوات إلى المناطق الإقفارية في القلب جراحيًا أو بإجراءاتٍ طفيفة التوغّل، وسيناقش هذا المقال أسباب إجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب وكيفية إجراءها والنتائج المحتملة.
أسباب إجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
لم يتم تحديد مؤشرات حاسمة لإجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب مع ذلك فقد قدّمت عدة دراسات بعض المبادئ التوجيهية كما يلزم قبل إجراء العملية أن يتم الحصول على مسح التروية النووية وأن تُظهر نتائجه دليلًا على وجود نقص التروية بالإضافة إلى التأكّد أنّ الوظيفية البطينية معقولة بحيث يكون الكسر القذفي للبطين الأيسر أعلى من 20% ويجب أن يكون المريض يعاني من أعراض لا يمكن علاجها بالتقنيات التقليدية ولم يستجب للعلاجات الطبية، ومن هنا تُعدّ الفئات التالية هي المُرشحة لإجراء العملية:
-
المرضى الذين يعانون من ذبحة صدرية شديدة ورغم العلاج بالأدوية فإنها تؤثر على الأنشطة اليومية وتسبب الاستيقاظ ليلًا بسبب الألم.
-
أن يكون المريض قد أجرى سابقًا عملية جراحة تحويل مجرى للشريان التاجي أو رأب الأوعية الدموية ولا يتوفّر أيّ تدخلات إضافية.
-
أن يصرّح الطبيب أنه لم يعد هناك ما يمكن القيام به للمساعدة على هذه الأعراض.
-
عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب تعدّ غير مناسبة للحالات التالية:
-
كون عضلة القلب متضرّرة بشدة بسبب النوبات القلبية، مثل أن تكون العضلة ميّتة أو متندبة.
-
ألّا تحتوي عضلة القلب على مناطق تعاني من نقص التروية.
كيفية الاستعداد لعملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
في الحقيقة يتم تحضير المرضى الذين ستُجرى لهم عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب بنفس الطريقة التي يتم فيها تحضير وتغطية المريض لأيّ جراحة تتضمّن القلب المفتوح، إذ يتم اتّباع ما يأتي:
-
يوضع لدى معظم المرضى قِثطار سوان غانتس -وهو قثطار مرن نفاخيّ وعديد الرؤوس لقياس ضغوط الدم- وقسطر شرياني بهدف المراقبة.
-
في حالة إعادة الجراحة يتم تطبيق وسادات الرجفان الخارجية قبل إجراء الشق.
-
يتم إجراء العملية تحت التخدير العام وبدون استخدام المجازة القلبية الرئوية او مضادات تخثر الدم.
-
يتم استخدام أنبوب رغامي مزدوج التجويف للسماح بالتهوية الانتقائية للرئة اليمنى، مما يوفّر كشفًا أفضل للقلب أثناء إجراء العملية.
-
للمراقبة يحتاج جميع المرضى إلى مخطط كهربية القلب ومراقبة ضغط الشرايين.
-
يتم تصوير صدى القلب -الإيكو- عبر المريء وذلك لتأكيد التكوين الدقيق للقنوات التحويلية التي تحدث نتيجةً لتبخر خلايا الدم الحمراء داخل جدار عضلة القلب.
-
يجب أن يتوافر في غرفة العمليات معدات الإنعاش لأنّ لمس عضلة القلب وتوليد شعاع الليزر قد يؤديان في بعض الأحيان إلى عدم انتظام ضربات القلب البطيني.
كيفية إجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
يعدّ مرض الشريان التاجي هو السبب الأكثر شيوعًا للوفاة في العالم الغربي حيث يصاحب مرور كل دقيقة في الولايات المتحدة الأمريكية موت أحد مرضى الشريان التاجي، قام الدكتور محمود ميرهوسيني بدورٍ رائد في إجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب بمساعدة ليزر ثاني أكسيد الكربون عالي الطاقة والمعروف بإسم ليزر القلب، واعتمادًا على حقيقة أن قلوب الزواحف فيه قنوات تؤدي مباشرة من التجويف البطيني الأيسر إلى عضلة القلب وأن هذه القنوات نفسها تتواجد في الجنين البشري -كما أنها قد تستمر بعد الولادة في بعض حالات متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج- ومن هنا فقد تم توصيل نبضات ليزر لمدة 35-50 مللي ثانية إلى البطين الأيسر لإنشاء قنوات بقطر 1 مم يتراوح عددها من 15 إلى 30 قناة، من النِخاب إلى الشِغاف -بطانة القلب- إذ يتم ذلك على القلب النابض من خلال بضع -شق- الجزء الأيسر من الصدر، تختم أو تُسد فتحات الليزر الموجودة على النخاب ولكن بقية القنوات تبقى جليّة، وهنا يمكن تلخيص كيفية إجراء عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب بخطوتين:
-
يقوم الجرّاح بشقّ الجانب الأيسر من الصدر ليستطيع الوصول إلى القلب.
-
باستخدام الليزر يقوم الجراح بحفر سلسلة من الثقوب أو القنوات من خارج القلب إلى تجويف الضخ من القلب.
النتائج المنتظرة من عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
معظم الدراسات السريرية تشير إلى أنّ عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب وبغض النظر عن نوع الليزر المستخدم تؤدي إلى تحسينٍ عميقٍ وفوريٍّ في أعراض الذبحة الصدرية لدى مرضى الشريان التاجي واستمرار هذا التحسّن لمدة سنة، كما لها ميّزات تتفوّق فيها على عملية تحويل المجرى للشريان التاجي لكونها لا تتطلّب إيقاف القلب أو المجازة القلبية الرئوية، ولكن خلصت مراجعة كوكرين لعام 2015 إلى أنّ المخاطر المرتبطة بهذه العملية تفوق الفوائد السريرية المحتملة، وفيما النتائج المنتظرة من عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب تبعًا لنتائج الدراسات على المدى القصير والطويل:
-
أظهرت عمليات مسح الثاليوم-ديبيرايدامول وتخطيط صدى القلب من الدوبوتامين انخفاضًا واضحًا -بشكلٍ عام وإحصائيًا- في شدة ومدى نقص التروية لعضلة القلب بالإضافة إلى التحسّن في وظيفة الراحة واحتياطي الانقباض.
-
أفادت إحدى الدراسات أنّ إجراء هذه العملية لأحد وعشرين مريضًا يعانون من الذبحة الصدرية المستقرّة وغير مرشحين لإجراءات إعادة التوعّي التقليدية أظهرت انخفاضًا في استخدام الأدوية المضادة للذبحة الصدرية ودخول المستشفيات بسبب الحالات المتعلّقة بالقلب.
-
التأثير السريري الأكثر أهمية هو انخفاض كبير في شدة الذبحة الصدرية في المرضى الذين يعانون من الذبحة الصدرية من المرحلة الثالثة أو الرابعة إذ كانت نسبة الوفيات في الفترة المحيطة بالجراحة 9% بينما تحسّن معظم المرضى بحيث أصبح المرض من الدرجة الثانية أو أفضل وإذ لوحظت هذه الفائدة مباشرةً بعد إجراء العملية.
-
في الدراسات متعدّدة المراكز أفاد ثلث المرضى ارتياحًا كاملًا لأعراض الذبحة الصدرية بينما أشار الثلثين الآخرين إلى انخفاض فئتين من الأعراض على الأقل.
-
عند إجراء التصوير المقطعي المحوسب بانبعاث الفوتون لعضلة القلب لوحظ أنّ تحسّنًا في التروية الدموية للعضلة بشكلٍ كبير في المناطق الإقفارية.
-
على المدى الطويل أيضًا تتفوق عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب في خفص أعراض الذبحة الصدرية.
مخاطر عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
من المؤسف أنه لا يمكن أن يتم إجراء عملية جراحية بدون التعرّض لآثارٍ ضارة أو مضاعفاتٍ بما في ذلك عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب والتي تنطوي على عدة أخطار ومضاعفات منها:
-
لوحظ حصول تسارع القلب فوق البطيني بشكلٍ عرضي، والانصباب الجنبي والألم الجراحي ناتج عن شقّ الصدر في دراسة شملت 1500 مريض.
-
وفي حين أنّ ضغط التروية يحدّد التروية الدموية للدورة التاجية الجانبية فإنّ الحفاظ على ضغط التروية الكافي حتى يتعافى المريض تمامًا يعدّ أمرًا مهمًا، بالإضافة إلى تجنّب انخفاض ضغط الدم كما قد يلزم في بعض الأحيان دعم عضلة القلب باستخدام المضخة البالونية داخل الشريان الأبهر.
-
ترتبط نسبة الوفيات أيضًا بالكسر القذفي للبطين الأيسر إذ أنّ أعلى معدّل للوفيات المبكرة والمتأخرة هي في المرضى الذين يعانون من الأداء الوظيفي السيئ للبطين الأيسر.
-
قد تحدث الوفاة بعد العملية بسبب سكتة قلبية ناتجة عن احتشاء عضلة القلب الحاد.
-
يعدّ مرضى إعادة التوعّي عبر عضلة القلب أكثر عرضةً لخطر الإصابة بأمراض القلب والجراحة غير القلبية في الفترة المحيطة بالجراحة.
التعافي بعد عملية إعادة التوعّي عبر عضلة القلب
يُتوقّع أن يبقى المريض في المستشفى لمدة تتراوح بين 4-7 أيام بعد عملية إعادة التوعّي، وقد يستغرق التعافي وقتًا طويلًا وذلك يتطلّب الكثير من الراحة والحد من الأنشطة، وقد يوجّه الطبيب إلى البدء في تمارين أو برامج إعادة تأهيل القلب، وقد يحتاج الأمر مدة 3 أشهر أو أكثر لرؤية التحسن في أعراض مرض الشريان التاجي والذبحة الصدرية، وفيما يأتي بعض الملاحظات:
-
إذا كان المريض يعمل بوظيفة مكتبية فقد يتمكّن من العودة خلال 4 إلى 6 أسابيع.
-
المرضى الذين لديهم وظائف تتطلّب جهدًا جسديًا يحتاجون إلى فترةٍ أطول.
-
سيجد المريض نفسه قادرًا على القيام بالأنشطة التي لطالما سبّبت له الألم وقد يستغني عن الحاجة إلى تناول بعض أدوية القلب مثل النيتروجليسرين.