دور المرأة المسلمة

الكاتب: المدير -
دور المرأة المسلمة
"دور المرأة المسلمة




حَظِيَت المرأة بمكانة في الإسلام لم تتبوَّأها في أي حضارة أخرى، شهد بهذا الجميعُ بمن فيهم غير المسلمين، والجاحدون هم الذين ينكرون ذلك، ويحاولون أن يغطُّوا هذه الحقيقة ليبيِّنوا للناس أن الإسلام قد ظلم المرأة، بل ويُدلِّسون ويكذبون على الناس أن أول طريق تحرُّر المرأة هو تخلُّصها من دينها، وهم بذلك يُريدون لها القيدَ مِن حيث يُعلنونه حريةً، ويريدون لها التحقير من حيث يُعلنونه تحرُّرًا.

 

ولما كانتْ هذه المؤامرات ضد المرأة المسلمة شديدةً لزحزحتها عن مبادئ دينها؛ سواءٌ في فكرها أو ملبسها أو سلوكها، اقتضى هذا من المسلِمات - المثقَّفات منهن خاصة - أن يَقفن لها بالمرصاد، وأن يكنَّ إيجابيات ويَخدمنَ دينهن وينشرنَه بين المسلمات الجاهلات؛ حتى لا يقَعن فريسة لمؤامرات أعداء الإسلام، وينشرنه بين غير المسلمات ليُقنِعوهن به.

 

والقرآن وضَّح لنا في أكثرَ من موضع أنَّ خدمة الدين والدعوة إلى الله ليست حكرًا على الرجال فقط دون النساء؛ ففي سورة التوبة: ? وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? [التوبة: 71].

 

وفي سورة المسد يَضرب القرآنُ لنا المثال بامرأة سخَّرَت جهدها ووقتها لمحاربة دين الله وإيذاء نبيه؛ هي أم جميل أروى بنت حرب بن أميَّة زوجة أبي لهبِ بن عبدالمطلب عمِّ النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وقد يتساءل البعض: لماذا ذكَر زوجةَ أبي لهب مع أنها كافرةٌ ومُعاندة للإسلام؟

ولعلنا إن تتبَّعنا قصة (أم جميل) زوجة أبي لهب في السيرة عرفنا سرَّ ترشيح القرآن لها كمثالٍ في البذل للفكرة التي تؤمن بها - حتى وإن كانت خاطئة - فهي كانت شاعرةً واستغلَّت موهبتها الإعلامية في هجاء الإسلام وسبِّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولم تكتفِ بلسانها فقط؛ بل تحرَّكَت بجوارحها لتجمع الأشواك والقاذورات؛ لتُلقيَ بها أمام بيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي طريقه؛ لتعيق حركته ولتحجب الزيارات عنه، ولم تفعل هذا مرة أو مرتين، بل كانت دَؤوبًا ومُداومة على شرِّها.

 

والقرآن ذكَرها بصيغة المبالَغة: ? حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ? [المسد: 4]؛ أي: كثيرة حمل الحطب والشوك؛ لإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وقيل في تفسير (حمالة الحطب): إنَّها تَمشي بالنميمة.

 

بل إنها لم تكتفِ بنفسها، فحشَدَت زوجها وأولادها ليُعاونوها في فكرتها، فكانت كثيرةَ الإلحاح على أبي لهب ليُخاصم النبي صلى الله عليه وسلم وليؤذيَه، ويقطعَ كلامه في كل مناسبة يدعو فيها الناس إلى الإسلام، وحكَت لنا كتبُ السيرة أنَّ ولَدَيها (عُتبة وعُتَيبة) كانا قد تزوَّجا من بنتَي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أم كلثوم ورقيَّة) في الجاهلية، فلما صدَح النبي صلى الله عليه وسلم بالدعوة ما كان من أم جميل إلا أن قالتْ لولَدَيها: رأسي برأسيكما حرام إن لم تطلِّقا بنتَي محمد، فما كان من ولَدَيها إلا الرُّضوخُ وطاعةُ أمرها، بل وكانا يُعاونانِها في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم وإلحاق الضرر به.

 

بل إن حقدها على النبي صلى الله عليه وسلم وتشبُّعَها بكراهية الإسلام دفَعاها إلى أن خرجَت ذات يوم غاضبةً، حتى وصلَت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان جالسًا مع أبي بكر عند الكعبة، وكان في يدِها حجَر أرادَت أن تَضربه به، فذهب بصَرُها فلم ترَه، وقالت لأبي بكر: أين صاحبُك؟ قد بلَغَني أنه يهجوني، والله لو وجدتُه لضربتُه بهذا الحجر، ثم انصرفَت والغيظُ يَملؤُها؛ لأنها لم تنَلْ من النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: يا رسول الله، أما رأَتْك؟ قال: ((لا، لقد أخذ الله بصَرَها عني))!

 

وكأنَّ القرآن يُقدِّم لنا نموذجًا لامرأة كافرةٍ تحرَّكَت وبذلَت لمُناصَرة فكرةِ الكفر، ولم تَكتفِ فقط بتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والإعراض عنه، هذا وهي لا تَرتجي من وراء عمَلِها جزاء، فكيف يكون حالُ المسلمة التي تَرتجي رضا الله وجنَّتَه؟ وكيف يَكون حالُ المسلمة في واقعنا الحاليِّ الذي تكالَب فيه كلُّ أعداء الإسلام على مبادئه وقِيَمِه ليَفتكوا بها فتكًا؟!

 

إن المسلمة يجب أن تتسلَّح بالثقافة والمعرفة، وتتعلَّم من المهارات ما يُعينها على الدعوة إلى الله وتُطالع الأخبار حولها؛ لمعرفة مَكايد أعداء الإسلام ضدَّ هذا الدِّين الحنيف؛ سواءٌ كانوا أعداء خارجيِّين مدجَّجين بسلاح قاتل، أو سلاح إعلامي، أو كانوا أعداء داخليِّين جاهلين يُهاجمون الإسلام من حيث يظنون أنَّهم يَخدُمونه، أو مدعومين من غير المسلمين لحرب الإسلام من داخل حصونه.

 

والمسلمة يجب أن تتمَلَّكها الغيرة من (أم جميل)، وتبذلَ لإسلامها كما بذَلَت أم جميل لكفرها؛ كما غارَت منها بعضُ النساء الحاقدات على الإسلام، وتحرَّكنَ يُنافِسنَها في البذل لحرب الإسلام وطمسِ نوره، فعلى المسلمةِ أن توظِّف طاقاتها ومَهاراتها لخدمة الإسلام، وتُنشئ أولادها وتربِّيهم على قيم الإسلام، وتعين زوجها على العمل للإسلام، وتتحرك لتنشر فكرة الإسلام وقيمَه في بيئتها، وتتصدَّى لأعداء الإسلام ودُعاة السفور والانحلال، ولا تبخل بأي جهدٍ لدينها.


"
شارك المقالة:
30 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook