تُعدّ مشكلة رائحة الفم الكريهة (Bad breath) شائعة لدى العديدين، حيث تقدر الدّراسات أن نحو 50% من الأشخاص البالغين يعانون منها في وقت ما من حياتهم. وتؤدّي هذه المشكلة للإحراج أو حتى القلق لدى مصابيها، إذ أنّها تضعف الثّقة بالنّفس.
وعلى الرّغم من أنَّ الصيدليّات والمحلّات التّجارية مليئةٌ بأصناف القطرات وغسولات الفم وحتى العلكة التي تحارب هذه الرائحة، إلّا أنّ هذه الأساليب العلاجيّة غالباً ما تكون مؤقتة.
ويعتقد العديدون بأنَّ رائحة الفم الكريهة تأتي فقط نتيجة لعدم الاعتناء الجيد بصحّة ونظافة الفم والأسنان، لكنّ هذا ليس صحيحاً دائماً، ولا يُعدّ السّبب الأكثر شيوعاً لهذه الرّائحة. فالسبب الأكثر شيوعاً لها غالباً ما يكون جفاف الفم. فعندما لا يكون هناك رطوبةٌ كافيةٌ فيه، فإن ذلك يشجّع البكتيريا على التّكاثر، مسبّبة للرائحة الكريهة، خصوصاً في فترة الصّباح.
فإن كانت رائحة الفم الكريهة تقتصر على فترة الاستيقاظ من النّوم فحسب، فعندها يكون الحلّ في التّنظيف الصّباحي للأسنان بالفرشاة والمعجون. أمّا إن استمرت لأكثر من ذلك، فعندها يختلف الوضع. ويُذكر أن نحو ثلاثة أرباع حالات جفاف الفم التي تستمر طوال النّهار لدى الشخص تأتي نتيجة لأدوية معينة يستخدمها، منها مضادات الهيستامين (Antihistamines) وأدوية ضغط الدّم ومضادات الاكتئاب.
وفي حالاتٍ أخرى، تكون رائحة الفم الكريهة ناجمةً عن مشاكل أخرى في الجسم. وقد تكون هذه المشاكل غير متوقعة. ويُشار إلى أنَّ طبيعة الرّائحة قد تحدد السبب وراءها.
تتعدّد أسباب رائحة الفم الكريهة، حيث تتضمن الآتي:
ان عدم العناية بصحة الفم والاسنان يُؤدّي ذلك إلى تراكم البكتيريا على وبين الأسنان، فضلا عن اللّثة واللّسان. ويُذكر أنّ هذه البكتيريا لا تسبب الى الرائحة اكريهة في الفم فحسب بل تؤدي ايضاً الى تسوس الأسنان وأمراض اللّثة وغيرها من الامراض.
ويمكن تجنب تكاثر هذه البكتيريا عبر القيام بتنظيف الأسنان بالخيط الطّبي والفرشاة بانتظام تجنباً لقيام البكتيريا بتحطيم بقايا الطّعام العالقة بين الأسنان وإصدار رائحةٍ كريهةٍ.
ويقوم تنظيف الأسنان بالفرشاة بإزالة البلاك (اللويحة السنية - Dental plaque). ويعرف البلاك بأنّه طبقةٌ تتراكم على الأسنان مسببةً للرائحة الكريهة.
كما ويجب تنظيف اللسان أيضاً، كون البكتيريا تعيش على سطحه، فذلك يساعد على تجنب الرّائحة الكريهة للفم. وينصح الجميع بعدم إهمال الزّيارات المنتظمة لطبيب الأسنان لتمكينه من اكتشاف المشاكل الفمويّة وعلاجها قبل أن تتفاقم مسببة للألم فضلاً عن الرائحة الكريهة.
ان الاصابة باحدى الحالات الصحية في الفم والاسنان مثل التعرض لخلع سنٍّ أو الإصابة بأمراضٍ لثويةٍ أو تسوسٍ في الأسنان أو التهابات فمويّة كالتّقرحات تسبب رائحة الفم الكريهة.
ويذكر أنَّ اغلب الحالات هذا تحدث هي ايضاً بسبب عدم العناية واهمال نظافة الفم والاسنان.
فالنظام الغذائي منخفض الكربوهيدرات، فضلاً عن الصيام والامتناع عن تناول الطعام، كلها تؤدي إلى رائحة الفم الكريهة. فهي تسبب تحطم الدهون لإنتاج الكيتونات (ketones) وهي مواد كيماويّة تظهر رائحتها في الفم.
يؤدي تناول الأطعمة ذات النّكهات القويّة إلى رائحة الفم الكريهة، ومن ضمن هذه الأطعمة البصل والثَّوم وبعض أشكال التوابل. فبعد تناول هذه الأطعمة، يقوم الجهاز الهضمي بامتصاص زيوتها قبل إطلاق هذه الزيوت إلى مجرى الدم، ومن ثَمَّ إلى الرئتين، حيث تؤثر على رائحة الأنفاس. وتبقى هذه الرّائحة لمدة قد تصل إلى 72 ساعة. كما وأن المشروبات ذوات الرائحة القوية تسبب ذلك أيضاً. ومن هذه المشروبات القهوة، فضلا عن الكحول.
ويشار إلى أن رائحة الفم الكريهة الناجمة عن الأطعمة والمشروبات تكون مؤقتةً.
فبالإضافة إلى كون التدخين ومنتجات التَّبغ الأخرى تسبب رائحة الفم الكريهة بشكل مباشر، فإنها أيضا تسببها بشكل غير مباشر، وذلك بالتسبب بحدوث الأمراض اللّثوية التي تسبب هذه المشكلة. فالإقلاع عن التدخين والتوقف عن تعاطي هذه المنتجات يساعد على التخلص من هذه الرائحة.
هناك العديد من الحالات المرضية التي تسبب رائحة الفم الكريهة، منها الآتي:
فبعض الأدوية تسبّب رائحة الفم الكريهة إمّا بشكلٍ مباشرٍ، وذلك عبر تحطمها داخل الجسم وإنتاجها لمواد كيماويّة تؤثّر على رائحة الفم. أو بشكلٍ غير مباشرٍ عبر تسببها بجفاف الفم. وتتضمّن هذه الأدوية الآتي:
ويُذكر أنَّ الطبيب قد يقوم باستبدال هذه الأدوية بأخرى في حالة تمكّنه من ذلك إن كانت مسألة رائحة الفم الكريهة مزعجةً للمريض. فهو وحده يمكن ان يستبدل هذه الادوية.
هناك ما يُعرف برائحة الفم الكريهة الكاذبة (false-halitosis) أو رائحة الفم الكريهة النّفسية (psychological halitosis)، وهي حالة من اضطراب الحواس تُؤدّي إلى إرسال إشاراتٍ خاطئةٍ للدّماغ توهم الشخص بأن لديه رائحة فمٍ كريهة رغم عدم وجودها في الحقيقة. وهذه الحالة تكون عبارة عن مشكلةٍ نفسيّةٍ.
عادةً ما يكون السبب وراء رائحة الفم الكريهة لدى الأطفال هو استقرار جسم غريب، كجزيء من الطّعام، في المنخر.
وكما هو الحال لدى البالغين، فإن رائحة الفم الكريهة لدى الأطفال تنجم عن أسباب عدّة، منها الآتي
تختلف أنواع رائحة الفم الكريهة، إذ تعتمد على السّبب المُؤدّي لها. ويُذكر أن البعض يركّزون في هذا الأمر حتى وإن لم يكن لديهم رائحة كريهة، وهناك من لا يلاحظون وجود تلك الرّائحة حتى وإن كانت موجودةً بالفعل.
ويُذكر أنَّ رائحة الفم الكريهة تتصاحب في بعض الأحيان مع طعم سيء في الفم. فإن لم يَزُل هذا الطعم حتى مع تنظيف الأسنان واستخدام غسول الفم، فعندها قد يكون ناجماً عن سببٍ مرضيٍّ أو دوائيٍّ.
يقوم طبيب الأسنان بطرح عدّة أسئلة حول رائحة الفم الكريهة، منها نوعيّة الطّعام التي يأكلها الشّخص وعدد المرات الّتي ينظف بها أسنانه وإن كان لديه أيّة أمراض أو حساسيّات معيّنة. كما ويقوم الطّبيب بتحديد موعدٍ صباحيٍ للشّخص قبل تنظيف الأسنان ليقوم بفحص رائحة الفم واللّسان والأسنان، إذ يقوم بشم رائحة الأنفاس الخارجة من فم الشخص ومن أنفه، ومن ثم يقيّم الرّائحة ،حيث أن رائحة الفم مصدرها هو أسفل اللسان.
وقد تم حديثاً اختراع كاشفاتٍ متطورةٍ يمكنها التّعرف على المواد الكيماويّة المسؤولة عن رائحة الفم الكريهة، لكنها غير متاحةٍ دائماً.
ويذكر أنه ليس من السّهل معرفة وجود رائحة الفم الكريهة دائماً، حتى أنَّ إخبار الشّخص بذلك ليس أمراً سهلاً لكونه مصدر إحراج.
لذلك، فبإمكانك إجراء اختبارٍ بسيطٍ لمعرفة ما إن كان لديك رائحة فم كريهة أم لا، وذلك عبر لحس داخل معصم اليد من أسفل اللسان والانتظار لبضع ثوانٍ حتى يجفّ اللُّعاب. فإن أصبحت رائحة معصم اليد كريهة، فالشخص حتماً لديه رائحة فم كريهة.
إنَّ علاج رائحة الفم الكريهة يعتمد على السّبب المؤدي لها. ولكن، بشكلٍ عامٍ، يُنصح بالحفاظ على النّظافة الصّحية للفم والأسنان لتجنب أمراض اللّثة والتّسوس وغيرهما من الحالات التي تسبب الرّائحة الكريهة.
ويُذكر أنَّه إن كانت رائحة الفم الكريهة ناجمة عن مرض آخر، فإن علاجه يزيلها. كما وقد ينصح طبيب الأسنان بشرب الكثير من الماء واستخدام اللُّعاب الصناعي إن كان السبب هو جفاف الفم.
يُنصح بالقيام بالخطوات الآتية لتجنب رائحة الفم الكريهة طبيعياً: