تعد هذه الرتبة رابع أكبر الرتب الحشرية المعروفة، وتمثل الذباب الحقيقي؛ وهي واسعة الانتشار، ووصف منها 100.000 نوع تتبع أكثر من 105 فصائل، ويستطيع الشخص أن يميز الذباب الحقيقي عن بقية أنواع الحشرات بوجود الزوج الأمامي من الأجنحة، في حين الزوج الخلفي متحور إلى دبوس توازن (Halter)، وأجزاء الفم لاعقة أو ثاقبة ماصّة. والتحول في هذه الرتبة تامّ، واليرقات أسطوانية وعديمة الأرجل، والعذارى حرة أو مستورة، وتعد من أهم الرتب الحشرية من الناحية الطبية والبيطرية، وأيضًا ذات أهمية اقتصادية، وقليل منها نافع للإنسان.

 

1 - ذبابة القرعيات (Daccus ciliatus): 

 

من فصيلة ذبابة الفاكهة (Family: Tefritidae)، وهي صغيرة الحجم نسبيًا، ويصل حجمها إلى نصف حجم الذباب المنـزلي، ولونها بني فاتح، وعلى مؤخرة صدرها من الجهة العليا بقعة صفراء واضحة. وقد سجل وجود هذا الذباب في مناطق مختلفة من المملكة، بما في ذلك المنطقة الشرقية، والرياض، وشمال منطقة القصيم، وحائل وغيرها  

 

وتظهر هذه الذبابة في أشهر الربيع، حيث تتغذى على المواد السكرية في النبات، مثل: رحيق الأزهار، الندوة العسلية، وبعد 2 - 3 أيام تتزاوج، وتبدأ الإناث بوضع البيض داخل قشرة الثمرة بوساطة آلة وضع البيض الحادة، وغالبًا ما تضع الذبابة بيضها الذي يراوح عدده بين 50 و 150 بيضة في أكياس، وبمعدل عشر بيضات في الكيس الواحد، ويفقس البيض عن يرقات صغيرة بيضاء اللون، يصل طول كل منها إلى 1مم، وتبقى داخل الكيس مدة 2 - 3 أيام في أنسجة الطبقة السطحية من الثمرة تحت القشرة، وخلال ذلك تحفر أنفاقًا دقيقة متعرجة، وتقذف ببرازها إلى الخارج؛ حيث يتجمع البراز على سطح الثمرة، ويدل على وجود اليرقة، ثم تنسلخ اليرقات، وبعد ذلك تسلك كل يرقة طريقها في لب الثمرة حافرةً أنفاقًا يزداد اتساعها كلما اتجهت الدودة إلى الداخل، وتتحول هذه الأنفاق إلى اللون البني، وتنسلخ اليرقة ثلاث انسلاخات، ويصبح طولها 12مم قبل أن تتحول إلى خادرة، وبعد نحو 7 أيام تتحول إلى حشرة بالغة، ومن المشكلات التي تسببها أنثى هذه الحشرة قيامها بإدخال جراثيم العفن خلال عمليات وضع البيض، وهذا العفن يتكاثر في أنسجة الثمرة؛ الأمر الذي يسهل هضم تلك الأنسجة الصعبة بوساطة اليرقة؛ حيث لا تتمكن اليرقة من التغذية الجيدة من دون هذا الهضم المبدئي، بل قد تموت جوعًا، وأعراض الإصابة بهذه الذبابة ظهور التشوه على ثمار القرعيات خصوصًا حول مكان وضع البيض، وقد يحدث اعوجاج في ثمار البطيخ، والكوسة، والقرع العسلي. ولهذه الحشرة 4 - 6 أجيال في الموسم الواحد، وللحشرة البالغة القدرة على العيش أكثر من ستة أسابيع في غياب العائل، وتتغذى على ما تجده من مواد سكرية إلى أن تنجح في الحصول على العائل، وإذا فشلت في ذلك تهرم الذبابة وتموت دون وضع البيض. ولم يُسجل لهذه الذبابة أعداء طبيعيون؛ لذا يجب مكافحتها بالمواد الكيميائية أو استعمال الدورة الزراعية.

 

2 - ذباب الرمل (Phlebotomus papatasi) (Scopoli): 

 

تتبع فصيلة سيكوديدي (Family: Psychodidae)، وهي ذبابة صغيرة شبيهة بالفراشات، ويغطي جسمها شعر كثيف، وأرجلها طويلة ورفيعة.

 

تعد هذه الذبابة ليلية المعيشة، وتعيش في الأمكنة الرطبة الظليلة، وفي المراحيض، وفي الأمكنة المظلمة المهجورة، وفي شقوق القوارض وجحورها، وتوجد اليرقات في المواد العضوية المتحللة، وفي الوحل والمستنقعات، وقد سجل وجود الحشرة اليافعة في جميع مناطق المملكة العربية السعودية  ،  بما في ذلك الرس في منطقة القصيم.

 

تمتاز الحشرة البالغة بحجمها الصغير 2 - 5مم، وبمظهرها الشعري، وعيونها السوداء الكبيرة، وأرجلها الطويلة نسبيًا، وتمتاز أيضًا بأن جميع جسمها بما في ذلك الأجنحة مغطّى بشعر كثيف وطويل، وأجزاء الفم قصيرة وغير واضحة، لكنها متحورة لامتصاص الدم، وأجنحتها تنتصب فوق الجسم عند الراحة. وتضع الأنثى من 5 - 100 بيضة مفردة مزركشة، وعادة يوضع البيض في شقوق المباني، وأرضيات الإسطبلات، وبيوت الطيور الداجنة، وجذور الأشجار، ويحتاج البيض إلى أمكنة رطبة؛ حيث لا يقاوم الجفاف، ويفقس بعد 7 - 18 يومًا في الظروف المثالية، واليرقات الناتجة تتغدى على المواد العضوية المتحللة، وتمر اليرقة بأربعة انسلاخات تستمر بين 22 و 60 يومًا، وتتحول إلى عذراء تحتاج من 7 - 14 يومًا لتنسلخ إلى الحشرة اليافعة، ومدة الجيل تراوح بين 30 و 100 يوم معتمدة على المواد الغذائية، والظروف البيئية، بخاصة درجة الحرارة.

 

ويتغذى الجنسان (الذكر والأنثى) على عصارة النبات والإفرازات السكرية، إلا أن الإناث بالإضافة إلى ذلك تمتص الدم من الفقريات، بما في ذلك الحيوانات المنـزلية، والكلاب، والقوارض، والثعابين، والسحالي، والبرمائيات. ويمتاز ذباب الرمل من جنس (فليبوتومس) بأنه يقوم بوخز الإنسان، وبأنه يعيش في المنازل أو حولها، كما يمتاز بالظهور الموسمي، إذ تظهر البالغات في أشهر الصيف فقط.

 

وتمتاز ذبابة الرمل هذه بأنها ناقلة لمرض اللشمانيا، وربما هي الناقل الوحيد لهذا الطفيل الذي غالبًا ما تنقله إناث الذباب من الحيوانات الخازنة إلى الإنسان، إذ يتسبب في حدوث داء اللشمانيا الجلدي (Cutaneous leishmaniasis)، والذي يعرف بـ (الحبة الشرقية) (Oriental sores) أو (الأخت).