"رداء الغيوم

 

ربِّ لا تدَعْ مواسمَ الخير تمضي، دون أن تمطر عليَّ وتزرع سنابِلها في قلبي، دون أن تخضر مساحات رُوحي، وتَنبُت أُمنياتي لحصاد ميقات يوم معلوم.

 

أخشى أن أرى فيه أعمالي عجافًا قاسيةً كأَعجازِ نخلٍ خاويةٍ، مسَّها الضُّرُّ، وهزَمها الوهنُ، فأصبحت بالية، وأصبحتُ أنا المحروم.

 

أخشى أن تَضِلَّ نفسي فلا تجد لها مأْوًى وركنًا رشيدًا عليه تَستند، فيشتد عُودُها وتَقْوَى، وأين المفر إذ لم أَكُن لروحي مَأْمنًا، ولم يكن جسدي لها مُستقرًّا ومُستودعًا؟!

 

ربِّ أَمِدِّني بالإخلاص؛ لأتخلَّص من متاهات الذنوب، والندوب التي تُرهقني وتترك أثرها فيَّ، اجعَل من لون الغيوم رداءً لحُسن ظني، ولا تُردِيني بسوء فِعلي، دثِّرني بعمل يبقى بعدي ويمتد، فيكون سقايةً لي يَرويني، وبه أَسعَدُ، ونعوذ بك يا ربِّ مِن شرِّ رذاذ المعاصي التي نَظُنُّها صغائرَ، فتَعمى منها البصائرُ! فلا ترى بعدها أي الطريقين أزكى، وأيهما خيرٌ وأبقى!


"