رفض التكنولوجيا وسوء التوظيف

الكاتب: المدير -
رفض التكنولوجيا وسوء التوظيف
"رفض التكنولوجيا وسوء التوظيف
فروقٌ وفواصل

 

ما من مرةٍ تكلمتُ فيها مع النَّاس بأيِّ صورةٍ حواريَّة - سواء أكانت في الخطب، أم الدروس، أم مسامرات الزيارات واللقاءات الخاصة، وأحذِّرهم فيها من خطر التلفاز، والإنترنت، والمحمول، والفضائيات، والفيس، والواتس، وغيرها من الوسائل المستحدَثة - إلا كان الاعتراض الموحَّد من فئة المعترضين يتلخَّصُ في أهميَّة مواكبة العصر، وعدم مشروعية الإعراض عن التكنولوجيا الحديثة!!

 

سبحان الله! خلط موحَّد، وتلبيس عامٌّ على الناس، إلا مَنْ رحم ربي!

إنَّ رفضَ التكنولوجيا ليس مخالفًا للشريعةِ فحسب؛ بل رفضُها يوجب على المجتمع معالجة صاحبها في مصحَّةِ الأمراض العقلية!

 

فاستخدامُ التكنولوجيا، والعَمَلُ على تَنْمِيَتِها وتطويرها واجبٌ شرعيٌّ على الأمَّة كلِّها، والتخصُّصُ فيها والعمل على التفوُّق في جميع مجالاتها - فرضُ كفاية، تأثمُ الأمَّة إن لم تَقُمْ بتوظيف بعض أبنائها فيها!

وبعضُ الخبثاء يُحَرِّف الحديثَ عمدًا، والواقع يشهد أنه لا يوجد في الأمة الإسلامية كلها على كثرة خلافها من بلغ به السَّفهُ مبلغًا يدعو معه المسلمين إلى الحج على ظهورِ الإبل، أو إعداد السيوفِ لتحرير الأقصى!

ومن ثمَّ فقضيةُ رفض التكنولوجيا قضيةٌ عبثيةٌ، يثيرها الخبثاءُ عن قصد بغرض صرف الحوار عن الموضوع الحقيقيِّ!

إذًا؛ فقضيَّة رفض التكنولوجيا على الحقيقة قضيةٌ مُخْتَلَقَةٌ لا تشير إلَّا إلى خبث مُفَجِّرها وسوء نيَّته في التضبيب على الموضوع الَّذي نتكلم فيه!

 

إذًا؛ فقضيَّةُ رفض التكنولوجيا ليست مجالًا للبحث، أو موضوعًا للمناقشة؛ لأنه في الحقيقة والواقع لا أحدَ دعا إليها في الأساس!

إنما هي خُطَّةٌ حقيرةٌ، وحيلة وضيعة دبَّرها من يجمع بين الخبث والضعف؛ لإلهاء الناس عن حقيقة القضية!

فالضعفُ والخبثُ والمكرُ صفات من يعترض على التحذير بقوله: يعني نرجع نركب الناقة ونجاهد بالسيف؟!

 

أيها الْمُلَبِّس على الناس، العاجز عن المواجهة! لقد عجزتَ عن المواجهة في الموضوع الحقيقيِّ، فاختلقت موضوعًا تافهًا، وجعلت تردُّ عليه وتجيب عليه!

وهذه آية العجز وأمارة الخبث!

 

وبناءً على ذلك، فكلُّ من يعلِّقُ على الموضوع قائلا: يعني تريدنا نعود لعصر الخيام والجمال والسيوف؟! فهو شخصية لا تستحقُّ أن نردَّ عليها؛ لأننا علمنا نيتَه في ذلك، وهي صرفُ تركيزِ الناسِ عن الخطر الحقيقي الذي نحذر منه!

إذًا؛ فنحن عندما نحذِّر، فتحذيرنا موجَّهٌ إلى سوء التوظيف لهذه التكنولوجيا!

أيها الناس، من فتح لكم موضوعَ رفض التكنولوجيا، لا تجيبوه بقولكم: الشيخ لا يريد هذا، ولم يقصده!

 

لا تنصرفوا عن الموضوع بالحوار معه؛ لأن هذا هدفه؛ أن ننشغل جميعًا بالحديث عن مشروعيةِ الاستخدام للسياراتِ والطائراتِ!

 

وهذه مُسَلَّمَاتٌ شرعيةٌ وبدَهيَّاتٌ عقليةٌ، لا يجوز التحدث فيها أصلاً!

فأَعْرِضوا عنه، والتفتوا لما يُراد بكم من وراء هذا الاستخدام الخطأ لهذه الوسائل الخطيرة!

 

فعلى حين يستخدمُ النبلاءُ هذه التكنولوجيا في إعداد البحوثِ العلميةِ، والارتقاء بالمستوى العلمي والوظيفي والتجاري، ويستخدمها الدعاةُ في توصيلِ دعوتهم لأبعد الحدود الممكنة!

 

نرى في الجانب الآخر، أن يجلس الأكثرون ممن فتنوا بهذه الوسائل، يتقلَّبون بين ألوف القنوات الفضائية!

جهاز فيه 10.000 قناة فضائية أو أضعاف ذلك العدد! متى يفرغ قلب أصحابه لله سبحانه وتعالى، أو لدينهم، أو لإدارة أمور الأسرة، وتسيير أحوالها وقضاء حوائجها الشرعية والمعنوية والروحية والمادية ومطالبها الحياتية!

وفوق هذا صفحة فيس بوك عليها مئاتُ الأصدقاء الوهميين؛ بل ربما الألوف!

وصاحب الصفحة مطالبٌ كلَّ يومٍ بمطالعة مئاتِ الرسائل والمنشورات والدعوات والإعجابات!

عشرات الوسائلِ للاتصال بالمجتمع الوهمي، مع قطع الاتصال الحيوي مع أقرب الناس، وعلى رأسها الأسرة!

 

إنَّ هدفي من هذه المقالة هدفٌ محددٌ:

1- إنني أحذِّرُ من الخطر الداهم للاستخدام السَّيِّئ لهذه التكنولوجيا وتركها في أيدي النساء والأبناء بغير ضوابط.

2- إِنَّنِي أحذِّر من خطر أعظمَ من ذلك، وهو خطر الملبِّسين على النَّاس دينهم، الذين يصرفون نظرهم دائمًا عن الخطر الحقيقي، ويشغلونهم بقضايا مخترَعة لا أساس لها أصلًا!

فعلى حين ينشغل النَّاس بخطر مُخْتَرَعٍ لا وجودَ له أصلًا، فإذا بهم يقعون في الخطر الحقيقي الذي شغلهم عنه ذلك الْمُلَبِّس عليهم!

ألا فانشغلوا - بارك الله بكم - بالتصدِّي للخطر الحقيقي، ولا يشغلنَّكم عنه ضالٌّ مضلٌّ غاوٍ لكم عن طريق ربكم سبحانه وتعالى.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.


"
شارك المقالة:
28 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook