الكسرة فن شعبي يمتاز بكثير من الذوق الفني وجودة المعاني وقصر العبارة وإيجازها، مع البناء الجيد والدقة في التعبير واختيار أسلوب الإثارة المناسبة، وتعبّر الكسرة عن مكنونات نفس قائلها ونفثات قلبه التي تجيء نتيجة معاناة خاصة أو موقف أثَّر فيه؛ ولذلك فغناء (الكسرة) وجداني عاطفي في أكثر مضموناته.

 

والكسرة لا بد أن تمتاز بالجودة والإبداع؛ لأنها - غالبًا - لا تزيد على بيتين من الشعر الشعبي، وهذان البيتان لا بد أن يعطيا المعنى المراد والصورة المطلوبة في جرس معين وتركيز خاص، وإلا لما غدت الكسرة صحيحة عند نقادها، والكسرة يقولها شاعرها نتيجة معاناة أو موقف خاص أو شرح حالة معينة، فيتناقلها عشاق هذا الفن حتى تصبح لديهم كالمثل السائر، وكلما عُرف موقف الكسرة أو الباعث على إبداعها تركزت في الأذهان وسارت بها الركبان من قرية إلى أخرى ومن شاعر إلى آخر ومن معجب محبٍّ لهذا الفن إلى آخر.

 

وتغنى الكسرة بشكل إفرادي وبصوت جميل يجسد معانيها ويظهر إبداعاتها، وقد تفنن في نغم صوتها بعضهم حتى صار مشهورًا بها شهرة شعرائها أنفسهم. ومن أبيات الكسرات:

 

 

يــا اللــه يــا نجــم يـا قـزاح     تشــرف علــى حــبيبي قـل لـه

قــل  لــه حــبيبك بصـبره بـاح     والليـــل مـــا يرقـــده كلّــه

ومنها:

 

يــا ســهيف الخــد يـا لمجـمول     يــا اللــي منــازلك فـي فـؤادي

لا تمنعـــه ريقـــك المعســـول     عنـــي وترميــه فــي الــوادي

ومنها:

 

أبــو صفــه كــامل الأوصــاف     اللـــي آذا النـــاس باوصافـــه

حــزين قلــب الــذي مـا شـاف     جـــريح قلـــب الــذي شــافه

ومنها:

 

بينـــي  وبينــك عهــود وحــد     يــــوم  المــــودة قســـمناها

واللــي  علــى  السـاس مـا ينهـد     يـــا  غايــة الــروح وامناهــا

ومنها:

 

يـــا  ســيد زاد الحــلا لــونك     ويش الســواد الــذي فــي العيـن

يــوم اســمع النــاس يطــرونك     سـالت  دمــوعي علــى الخــدين

ومنها:

 

يــا  رب تســقي بــدر والخـيف     والواســـــطة  وام ذيـــــاني

خــيف الحــزامي محــل الكـيف     وينزلــــه كــــل ديقــــاني

ومنها:

 

واللــه  بــدر يــوم يطــرا لـي     والشـــام كلـــه يــوم اطريــه

دمعـــي  علــى الخــد هلالــي     كــم  فــرق حــي تركتــه فيـه

ومنها:

 

يـا  بــدر يـا زيـن كـيف أرغـب     حـــبٍّ بـــدالك بحـــبٍّ جــا

وانــا الــذي كــل مــا أشـرب     أشـبح  خيــالك فـي حـوّاف المـا  

ومنها:

 

 

حـــب  الــوطن شــي ربــاني     يـاحر  يــا مــو مثــل الأحـرار

مهمــا  تضــرب  فــي الأكـواني     مــا تشــوف مثلــه ولا تختــار

وينبـــع  لهــا حــب وجــداني     بــالحيل  زايــد عــن الأقطــار

حــــتى  الـــذي راح لبنـــان     وأمســى  فـي أوروبـا عنـه مـادار

مناخهــــا  طــــب  لقمـــان     لاجـــو  بــارد ولا هــو حــار

ومنها:

 

غــاب القمـر واحتجـب فـي وقـت     حنـــا لضـــو القمــر أحــوج

ليــه يــا قمــر عنــي غبــت     ما  ابصـر طـريقي فـي ليـل أدلـج