رمضان وما ينبغي من الاستعداد له

الكاتب: المدير -
رمضان وما ينبغي من الاستعداد له
"رمضان وما ينبغي من الاستعداد له

 

من الأزمنة الفاضلة التي يجتمع فيها من الطاعات وأبواب الخير ما لا يجتمع في غيرها من الشهور، شهر رمضان المبارك، ففيه شرف الزمان، وشرف الإنسان حيث يعتني الإنسان بغذاء روحه، ويسمو عن عالم الشهوات، يربي نفسه، ويرقى بروحه، وينعم بزيادة الأجر، ومضاعفة الحسنات، حيث يتعرض لنفحات الله عز وجل.

 

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: « افْعَلُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَتَعَرَّضُوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلَّهِ نَفَحَاتٍ مِنْ رَحْمَتِهِ يُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَسَلُوا اللَّهَ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وَأَنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ»[1].




فهو موسم الخيرات، وموضع النفحات، ضيف كريم، وزائر عزيز، فحريٌ بالمسلم أن يستبشر بقدومه، وأن يحتفي بلقائه.

 

وأن يشكر نعمة الله عليه أن بلغه موسم الرحمات، والمغفرة، والعتق من النيران.

 

المحروم حقًا من حرم هذا الخير، ولكي يحسن الإنسان الاستعداد لهذا القادم الكريم، لا بد أن يتهيأ لقدومه، وأن يستحضر في ذهنه اغتنام هذا الشهر بشتى أنواع الطاعات.

 

ومن هذه الأمور التي ينبغي الاستعداد بها:

1- الدعاء ببلوغ شهر رمضان:

من الأمور المهمة التي تبعث على الاستعداد لهذا الشهر الكريم الدعاء ببلوغ هذا الشهر؛ لأن بلوغ الشهر الكريم فرصة كبيرة للتزود من العبادة، وفرصة كبيرة للتزود من التقوى.

 

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ببلوغ رمضان فكان إذا دخل رجب يقول: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان خرجه الطبراني وغيره من حديث أنس.

 

قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم وقال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا[2].

 

2- استحباب التهنئة بهذا الشهر والفرح بقدومه:

الفرح بقدوم رمضان من باب تعظيم شعائر الله عز وجل، وتعظيم الأمر من تعظيم الآمر، واستشعار منة الله على عباده.

 

والله عز وجل يقول: ? وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ? [الحج: 32].

 

روى الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه يقول: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم.

 

قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان كيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان، كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران، كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشياطين، من أين يشبه هذا الزمان زمان؟![3].

 

ربما يرى البعض أن الفرح بقدوم الشهر من البدهيات، فكيف يحسن التنبيه عليه؟!

 

ولكنَّ الواقع يُحدث أن هناك من يستثقل قدومه، ويتمنى زواله، ويعزم على المعصية بل ويُعدُّ لها بعد انتهائه!!

 

وذلك لتوسعهم في الملذات كالذي قال:

رمضان ولى هاتها يا ساقي *** مشتاقة تسعى إلى مشتاق

 

يقول ابن رجب-رحمه الله-: (ومن كانت هذه حاله فالبهائم أعقل منه وله نصيب من قوله تعالى: ? وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا ? [الأعراف: 179]

 

وربما كره كثير منهم صيام رمضان حتى إن بعض السفهاء من الشعراء كان يسبه وكان للرشيد ابن سفيه فقال مرة:

دعاني شهر الصوم لا كان من شهر
ولا صمت شهرًا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقدرة
على الشهر لاستعديت جهدي على الشهر

 

فأخذه داء الصرع فكان يصرع في كل يوم مرات متعددة ومات قبل أن يدركه رمضان آخر وهؤلاء السفهاء يستثقلون رمضان لاستثقالهم العبادات فيه من الصلاة والصيام فكثير من هؤلاء الجهال لا يصلي إلا في رمضان إذا صام وكثير منهم لا يجتنب كبائر الذنوب إلا في رمضان فيطول عليه ويشق على نفسه مفارقتها لمألوفها فهو يعد الأيام والليالي ليعودوا إلى المعصية وهؤلاء مصرون على ما فعلوا وهم يعلمون فهم هلكى ومنهم من لا يصبر على المعاصي فهو يواقعها في رمضان[4]. نسأل الله السلامة.

 

3- استشعار قيمة الزمن ونعمة بلوغ رمضان:

الزمن نعمة من الله عز وجل لمن يغتنمه، ونقمة عليه إن لم يحسن استغلاله، وربما لا يشعر الإنسان بقيمة الزمن إلا إذا غادر الحياة، فلو قدر لنا أن نسأل الموتى ماذا تتمنون؟ لتمنوا يومًا من رمضان، لأنهم عاينوا الحقيقة، وعلموا قيمة اليوم.

 

فمن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه.

ولله عتقاء من النار في كل ليلة!!

أي فضل هذا!

المغفرة تغمرك من كل جانب، فحقُ من حُرم من هذه أن يكون محرومًا.

 

يقول ابن رجب رحمه الله: بلوغ شهر رمضان وصيامه نعمة عظيمة على من أقدره الله عليه ويدل عليه حديث الثلاثة الذين استشهد اثنان منهم ثم مات الثالث على فراشه بعدهما فرؤي في المنام سابقا لهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة وأدرك رمضان فصامه؟! فو الذي نفسي بيده إن بينهما لأبعد مما بين السماء والأرض خرجه الإمام أحمد وغيره من رحم في رمضان فهو المرحوم ومن حرم خيره فهو المحروم ومن لم يتزود لمعاده فيه فهو ملوم.

 

أتى رمضان مزرعة العباد
لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولا وفعلا
وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها
تأوه نادمًا يوم الحصاد[5]

 

4-  الحذر من قطاع الطريق:

هناك موانع وحُجُب تحجب الإنسان عن الله عز وجل وتقطع عليه طريقه، تدعوه للشر وتبعده عن الخير.

ومن المعلوم أن مصادر الشر تتمثل في مصادر خارجية: الدنيا وإبليس.

 

ومصادر داخلية: النفس ويدخل في النفس ما يتعلق بأمراض القلوب، والهوى وينسب إليه كل الانحرافات الفكرية.

 

ولله در القائل:

إني ابتليت بأربع ما سلطوا
إلا لشدة شقوتي وعنائي
إبليس والدنيا ونفسي والهوى
كيف الخلاص وكلهم أعدائي

 

لكن طريق خلاص عند المسلم معلومة، وهي الاستعانة بالله عز وجل، يستعين به على طاعته.

قال تعالى: ? إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ? [الفاتحة: 5].

 

وكما يقول ابن رجب - رحمه الله -: (فَمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ، فَهُوَ الْمُعَانُ، وَمَنْ خَذَلَهُ فَهُوَ الْمَخْذُولُ)[6].




لكن من الملاحظ في هذا الشهر أن الدنيا مهيأة لهذه الفريضة، والشياطين تصفد وتسلسل وتغل، أو يضيق عليها مجاري الدم فتضعف الشياطين باعتبار من قال أن التصفيد يكون لمردة الجن وليس للقرناء وهذا ما يفسر وجود بعض الشر في رمضان.

(فيا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر)

فسبيل الخير سهل ميسور مُعانٌ صاحبه.

فإذا استمر الإنسان على الشر دل على تأصل الشر في نفسه.

مكامن الشر ضعفت لكن بقيت النفس الأمارة بالسوء، بقيت عوامل أخرى كالهوي.

وهذه تحتاج إلى الجهاد الأكبر، جهاد النفس.

 

وما النفس إلا حيث يجعلها الفتى *** فإن أطمعت تاقت وإلا تسلت[7]




وقال عمرو بن العاص: المرء حيث يجعل نفسه إن رفعها ارتفعت وإن وضعها اتضعت. وقال بعض الحكماء: النفس عروفٌ عزوفٌ، ونفورٌ ألَوفٌ متى ردعتها ارتدعت ومتى حملتها حملت وإن أصلحتها صلحت وإن افسدتها فسدت[8].




والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا تردّ إلى قليل تقنع[9]




أمر آخر ينبغي الانتباه إليه يتمثل في:

• شياطين الإنس:

قال تعالى: ? وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ? [الأنعام: 112].

 

وعن أبي ذر، أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس قد أطال فيه الجلوس، قال فقال: يا أبا ذر، هل صلَّيت؟ قال قلت: لا يا رسول الله. قال: قم فاركع ركعتين. قال: ثم جئت فجلستُ إليه فقال: يا أبا ذر، هل تعوَّذت بالله من شرِّ شياطين الإنس والجن؟ قال قلت: يا رسول الله، وهل للإنس من شياطين؟ قال: نعم، شرٌّ من شياطين الجن![10].




قَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ: إِنَّ مِنَ الْإِنْسِ شَيَاطِينٌ كَمَا أَنَّ مِنَ الْجِنِّ شَيَاطِينٌ، وَالشَّيْطَانُ: الْعَاتِي الْمُتَمَرِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

 

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ شَيَاطِينِ الْجِنِّ، وَذَلِكَ أَنِّي إِذَا تَعَوَّذْتُ بالله ذهب عني شياطين الْجِنِّ، وَشَيْطَانُ الْإِنْسِ يَجِيئُنِي فَيَجُرُّنِي إِلَى الْمَعَاصِي عِيَانًا[11].




وإن كان بعض المفسرين[12] يرى أنَّ كلا الفريقين من شياطين الجن، غير أنه فريق يختص بالجن وآخر بالإنس؛ لكن رد الإمام الطبري -رحمه الله– بما يشفي الصدور، وبما يزيل الإشكال.

 

فقال: قال أبو جعفر: جعل عكرمة والسدي في تأويلهما هذا الذي ذكرت عنهما، عدوّ الأنبياء الذين ذكرهم الله في قوله: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًّا)، أولادَ إبليس، دون أولاد آدم، ودون الجن وجعل الموصوفين بأن بعضهم يوحي إلى بعض زخرف القول غرورًا، ولدَ إبليس، وأن مَنْ مع ابن آدم من ولد إبليس يوحي إلى مَنْ مع الجن من ولده زخرفَ القول غرورًا.

 

وليس لهذا التأويل وجه مفهوم، لأن الله جعل إبليس وولده أعداءَ ابن آدم، فكل ولده لكل ولده عدوّ. وقد خصّ الله في هذه الآية الخبر عن الأنبياء أنه جعل لهم من الشياطين أعداءً. فلو كان معنيًّا بذلك الشياطين الذين ذكرهم السدي، الذين هم ولد إبليس، لم يكن لخصوص الأنبياء بالخبرِ عنهم أنه جعل لهم الشياطين أعداءً، وجهٌ. وقد جعل من ذلك لأعدى أعدائه، مثل الذي جعل لهم. ولكن ذلك كالذي قلنا، من أنه معنيٌّ به أنه جعل مردة الإنس والجن لكل نبي عدوًّا يوحي بعضهم إلى بعض من القول ما يؤذيهم به[13].

 

ثم ساق الحديث السابق ذكره عن أبي ذر-رضي الله عنه.

ونحن نرى في الواقع شياطين الإنس تتمثل في أجهزة الإعلام المختلفة التي تعمل على إفساد صوم الصائمين، وقيام القائمين، وذكر الذاكرين، وتلاوة التالين.

 

فينبغي على العاقل أن يتنبه لمن يريد أن يقطع عليه سيره إلى الله -عز وجل- وأن يتخلص من العوائق والعلائق والصوارف والحجب المانعة عن ساحات الخير.

 

5- التخطيط الجيد لاغتنام الشهر:

إذا لم يضع الإنسان خطة لاغتنام الشهر، وحرص على تطبيقها من تنويع الطاعات:(ذكر لله تعالى، وقيام الليل، وعدد من ختمات القرآن الكريم، وإفطار للصائمين، وكثرة الدعاء، وصلة الأرحام، وإخراج للصدقات.. إلخ). لا شك أن الشهر سيمر عليه دون أن يشعر به، وندم حيث لا ينفع الندم.

 

والحكمة تقول: إذا لم تخطط خُطِطَ لك، ومالا يخطط لا ينفذ.

فينبغي على العاقل أن يستعد ذهنيًا ونفسيًا وروحيًا، لاغتنام هذا الشهر الكريم، وأن يُعدَّ له العدة.

قال تعالى: ? وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً ? [التوبة: 46].

 

يقول ابن القيم - رحمه الله -: (حذارِ حذارِ من أمرينِ لهما عواقبُ سوءٍ:

أحدهما: ردُّ الحقِّ لمخالفته هواك، فإنك تعاقَبُ بتقليب القلب، وردّ ما يَرِدُ عليك من الحق رأسًا، ولا تقبله إلا إذا برز في قالب هواك، قال تعالى: ? وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ? [الأنعام: 110] فعاقبهم على ردِّ الحق أول مرة بأن قلَّب أفئدتهم وأبصارهم بعد ذلك.

 

والثاني: التهاون بالأمر إذا حضر وقتُه، فإنك إن تهاونت به ثَبَّطك الله وأقعدَك عن مراضيه وأوامره عقوبةً لك.

قال تعالى: ? فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ? [التوبة: 83].

 

فمن سلِمَ من هاتينِ الآفتينِ والبليَّتين العظيمتينِ فَلْتَهْنِهِ السَّلامةُ.)[14].




سلمنا الله وإياكم من التخذيل والتثبيط، وإذا كان الإنسان في أمور الدنيا لا يدع صغيرة ولا كبيرة إلا وأخذ لها أُهبة الاستعداد، والحيطة واليقظة، واستعان بأهل الخبرة، حتى يخرج الأمر على أكمل الوجوه وأتمها، فهو في حق الآخرة أحق وأولى.

 

6-  رمضان بين الترغيب والترهيب:

من الدوافع التي ينبغي أن يضعها الإنسان نصب عينيه في هذا الشهر، أن يتذكر المرغبات التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث شتى.

 

• للصائم دعوة لا ترد

• مغفرة للذنوب

• عتق من النيران

• جزاء بلا حساب، أخفاه الله عن عباده لعظمه. كما في الحديث القدسي: (إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)[15].

• باب في الجنة يقال له: الريان يدخل منه الصائمون فقط

• شفيع للعبد يوم يفر منه أقرب الناس إليه.

• فرح العبد بلقاء الله تعالى.

 

• ليلة خير من ألف شهر، والألفاظ في السنة دقيقة لم يقل تساوي، وإنما قال (خير) وهي في اللغة اسم تفضيل، بمعنى أفضل من ألف شهر.

 

• اختصاص الله لهذا الشهر أن تتنزل فيه الكتب السماوية جميعًا وليس القرآن فحسب.

 

فإذا لم يسرع العبد إلى الله عزوجل على أجنحة من الشوق، كان الأمر الآخر: سيق إليه بسياط من الرهبة.

فإذا لم يتحرك الإنسان إلى الله تعالى خشي من الخسارة التي لا يعوضها شيء بعدها.

 

وهي: وصفه بالحرمان. فمن هو المحروم؟

• من حرم خير ليلة القدر فهو المحروم. ليس من فاته المال، أو المنصب، أو الجاه، أو الولد؛ لأن الحرمان من هذه الأشياء مؤقت، أما الحرمان الآخر فهو أبدي.

 

• مَن أُبعد عن الجنة. وهل بعد هذه خسارة؟!.

الفرصة ما زالت قائمة: قال الحسن البصري رحمه الله تعالى في قوله عز وجل: ? وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا ? [الفرقان:62] قال: من عجز بالليل كان له من أول النهار مستعتب، ومن عجز بالنهار كان له من الليل مستعتب.

 

أي: يستدرك، ويعوض في أحدهما ما يفوته في الآخر.

 

ختامًا:

كان مطرف يقول في دعائه: اللهم ارض عنا فإن لم ترض عنا فاعف عنا من عظمت ذنوبه في نفسه لم يطمع في الرضا وكان غاية أمله أن يطمع في العفو ومن كملت معرفته لم ير نفسه إلا في هذه المنزلة.

 

يا رب عبدك قد أتا
ك وقد أساء وقد هفا
يكفيه منك حياؤه
من سوء ما قد أسلفا
حمل الذنوب على الذنو
ب الموبقات وأسرفا
وقد استجار بذيل عفو
ك من عقابك ملحفا
رب اعف وعافه
فلأنت أولى من عفا[16]

 

[1] رواه الطبراني بسند حسن.

[2] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148).

[3] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148).

[4] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 146).

[5] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 148).

[6] جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 482).

[7] البيت من قصيدة بعنوان: صبرت على الأيام لما تولت، للشاعر الأديب: الحاجب المصحفي، جعفر بن عثمان بن نصر، أبو الحسن، الحاجب المعروف بالمصحفي. من شعراء الأندلس.

[8] تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، عبد الرحمن بن حسن الجبرتي المؤرخ (المتوفى: 1237هـ)، (1/ 24)

[9] البيت من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي يرثي بها أبناءه، وهو من الشعراء المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام.

[10] مسند الإمام أحمد (5: 178، 179). وذكر ابن كثير طرقًا أخرى للحديث ثم قال: ((فهذه طرق لهذا الحديث، ومجموعها يفيد قوته وصحته، والله أعلم)) .

[11] معالم التنزيل في تفسير القرآن = تفسير البغوي - إحياء التراث (2/ 153).

[12] قَالَ عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ وَالسُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ: مَعْنَاهُ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ الَّتِي مَعَ الْإِنْسِ، وَشَيَاطِينُ الْجِنِّ الَّتِي مَعَ الْجِنِّ، وَلَيْسَ لِلْإِنْسِ شياطين، وذلك أن إبليس قسم [4] جُنْدَهُ فَرِيقَيْنِ فَبَعَثَ فَرِيقًا مِنْهُمْ إِلَى الْإِنْسِ وَفَرِيقًا مِنْهُمْ إِلَى الْجِنِّ، وَكِلَا الْفَرِيقَيْنِ أَعْدَاءٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَوْلِيَائِهِ، وهم يَلْتَقُونَ فِي كُلِّ حِينٍ، فَيَقُولُ شَيْطَانُ الْإِنْسِ لِشَيْطَانِ الْجِنِّ:

أَضْلَلْتُ صَاحِبِي بِكَذَا فَأَضِلَّ صَاحِبَكَ بِمِثْلِهِ، ويقول شَيَاطِينُ الْجِنِّ لِشَيَاطِينِ الْإِنْسِ كَذَلِكَ، فَذَلِكَ وَحْيُ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ. راجع: تفسير البغوي - (2/ 153).و تفسير الطبري (12/ 53).

[13] تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (12/ 53).

[14] بدائع الفوائد ط عالم الفوائد (3/ 1128).

[15] رواه البخاري من حديث أبي هريرة: (5927)

[16] لطائف المعارف لابن رجب (ص: 206).


"
شارك المقالة:
32 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook