عُرفت زوجة نوحٍ -عليه السّلام- باسم: "والغة"؛ فقد كانت من المقبلين على الكفر الوالغين فيه، رفضت الإيمان، فكفرت بزوجها نبيّ الله نوحٍ عليه السّلام، وخانته بتركها لشريعته، بل بنقلها أخبار زوجها إلى أعدائه وأصحاب النفوذ من الضالين المضلّين في القوم، ويُظنّ أنّ زوجة نوحٍ -عليه السّلام- التي تزوّجها قبل أن يُنزل الله -تعالى- عليه الرسالة كانت من فئة الأغنياء والداخلين على السلاطين في قومها، فلمّا جاءها زوجها بدعوة التوحيد وترك الفساد والضلال، لم يلقَ منها الإجابة والقبول، بل ردّته وبقيت على كفرها، حتّى أخذها الطوفان مع من غرقوا حين أذن الله -تعالى- أن ينزل عليه العذاب، يُذكر أنّ هناك رأيٌ آخر يُخبر أنّ والغة قد ماتت قبل وقوع الطوفان الذي غرق فيه المشركون.
أرسل الله -تعالى- نبيه نوحاً؛ لدعوة قومه إلى التوحيد بعد أن انتشر فيهم الفساد والشرك بالله سبحانه، فجاءهم نبيّ الله داعياً وهادياً، وقد تحمّل عبء الدعوة وصبر في سبيلها؛ راغباً في هداية قومه، مستخدماً كلّ السبل لتحقيق ذلك، لكنّ القوم واجهوا نبيّهم بالكفر والعناد والإيذاء، حتّى طال الأمر على نبيّ الله وهم لا يستجيبون له، حتّى قال الله -تعالى- إنّه لم يؤمن مع نوحٍ إلّا القليل، مع أنّ نوحاً دعا قومه ألف سنةٍ إلّا خمسين عاماً، وحين لم يجد منهم الإجابة والقبول، دعا الله -تعالى- أن يُنجيه من القوم الكافرين، فأوحى الله -تعالى- له أن يصنع فلكاً تحملهم حين ينزل العذاب، فحملتهم السفينة وغرق كلّ من كفر بدعوة النبيّ بعد أن أرسل الله -تعالى- عليهم الماء من فوقهم ومن أسفل منهم، فكانت نهاية الكفر على الأرض زمن النبيّ نوحٍ.
تحمل قصّة نوحٍ -عليه السّلام- عِبراً للدعاة إلى الله تعالى، أهمّها الصبر والتحمّل في سبيل هذه الدعوة، والحاجة إلى الباع الطويل؛ حيث إنّ نوحاً دعا قومه ألف سنةٍ إلّا خمسين عاماً، لكن لم يؤمن معه إلّا ثمانين رجلاً فقط، وتعدّ هذه رسالةً وعبرةً لأهل الدعوة ألّا ييأسوا في الطريق، ولا يُحبطوا، ولا يضجر أحدهم ويتأفّف، بل يصبر وينتظر عون ربّه في طريقه.
موسوعة موضوع
العربية
