أسباب الشقيقه وعلاجها

الكاتب: وسام ونوس -
أسباب الشقيقه وعلاجها

أسباب الشقيقه وعلاجها

يُعرّف الصداع النصفي، أو الشقيقة، أو الشَّقَأ (بالإنجليزية: Migraine)، بأنّه ألمٌ حادٌّ شبيهٌ بالنبض يُصيب في الغالب جانباً واحداً من الرأس، وقد يُرافق هذا الألم ظهور بعض الأعراض الأُخرى، كالحساسية تجاه الضوء والصوت، والشعور بالغثيان، والتقيؤ، والجدير بالذكر أنّ الشقيقة تحدث على شكل نوبات؛ بحيث يمر المصاب بفترات من الصداع تُسمّى نوبات، ثمّ فترات طويلة من هدوء الأعراض وسكونها.ونظراً لعدم وجود فحوصات مخبرية أو تصويرية أساسية يُمكن استخدامها لتشخيص الشقيقة؛ فإنّ الطبيب يعتمد على الفحص البدني والأعراض والتاريخ المرضي للمصاب بشكلٍ أساسي للقيام بذلك، ومن الجدير بالذكر أنّه غالباً ما تشيع الإصابة بالشقيقة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 35-45 عامًا، لكنّها عادة ما تبدأ نوباتها بالظهور في عمر البلوغ، وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الأطفال قد يُصابون أيضاً بالشقيقة، ولكن عادة ما تكون مدة نوبة الصداع أقصر مقارنة بالبالغين، وقد ترافقها بعض الأعراض المرتبطة بالجهاز الهضمي بشكلٍ رئيسي، وعلى الرغم من تأثير الشقيقة في حياة الفرد وإعاقة قدرته على ممارسة بعض الأنشطة في بعض الأحيان، إلا أنّه من الممكن التقليل من فُرص الإصابة بها من خلال السيطرة على محفزاتها، واتباع نظامٍ صحيٍّ يتضمن: ممارسة التمارين الرياضية، وتناول الأغذية الصحية، والنوم جيداً، وشرب كمياتٍ كافيةٍ من الماء، وتجنب شرب الكافيين والكحول، كما أنّه توجد علاجاتٌ دوائيةٌ فعّالةٌ تلعب دوراً كبيراً في التخفيف من أعراضها ومنع حدوث نوبات الصُداع مستقبلاً، ولحسن الحظ، فإنّ المُصاب غالباً ما تتحسّن حالته مع التقدم في العمر؛فقد وجد أنّه في عمر الخمسين إلى الستين غالباً ما تتحسّن أعراض الشقيقة.


يُمكن تقسيم الشقيقة إلى نوعين رئيسيين بناءً على وجود أو غياب الاضطرابات الحسيّة السابقة لحدوث نوبات الشقيقة، وهما:

  • الشقيقة المصحوبة بالأورة (بالإنجليزية: Migraine with aura)؛ حيث تُعبّر الأورة (بالإنجليزية: Aura) عن الأعراض الناجمة عن تأثير الشقيقة في الجهاز العصبي، وتحديداً الأعراض المرتبطة باضطرابات البصر (بالإنجليزية: Visual disturbances)، كالشعور بوجود نقط أو خطوطٍ متعرجة في مجال الرؤية، وفقدان البصر مؤقتاً، والشعور كأنّ المصاب يرى من خلال نفق وهذا يُعرف بالرؤية النفقية (بالإنجليزية: Tunnel vision)، بالإضافة إلى أعراضٍ أخرى، كالانزعاج من الرائحة، وتيبّس الرقبة والأكتاف، والشعور بخدرانٍ في الأطراف وغيرها، وعادةً ما تحدث الأورة قبل خمس دقائق إلى عشرين دقيقة من بدء نوبة الصُّداع، وتستمر لأقل من ساعة.
  • الشقيقة غير المصحوبة بالأورة (بالإنجليزية: Migraine without aura)، ويُعدّ هذا النوع الأكثر شيوعاً بين المُصابين بالشقيقة؛ حيث تحدث نوبة الصّداع دون أن تسبقها أيّة اضطراباتٍ حسيّةٍ تُحذر من قدومها.

ولمعرفة المزيد عن الشقيقة يمكن قراءة المقال الآتي: (ما هي الشقيقة وعلاجها).

 

أسباب الشقيقة

في الحقيقة، لا يزال سبب الاصابة بالشقيقة مجهولًا إلى الآن، لكن يُعتقد أنها تحدث نتيجة وجود خللٍ في نشاط الدماغ، والذي بدوره يؤثر في السيّالات العصبيّة، والمركبات الكيميائية، والأوعية الدّموية الدماغية بشكلٍ مؤقتٍ؛ فمن المُرجح أنّ يكون للتغيّرات التي تحدث في جذع الدماغ (بالإنجليزية: Brainstem) وآالية تفاعله مع العصب الثلاثي التوائم (بالإنجليزية: Trigeminal nerve)، والذي يُعدّ أحد ممرات نقل الألم الرئيسة، دورٌ في تفسير سبب الاصابة بالشقيقة؛ إذ قد يحدث اضطرابٌ في مستويات المركبات الكيميائية الموجودة في الدماغ والتي لها دور في آلية الشعور بالألم، ومن الأمثلة على المركبات الكيميائية التي يلعب اضطراب مستوياتها دورًا في ظهور الشقيقة ما يأتي:

  • السيروتونين المعروف أيضًا باسم 5-هيدروكسي التريبتامين (بالإنجليزية: 5-Hydroxytryptamine)، وهو أحد المركبات الكيميائية الموجودة في الدماغ، والصفائح الدموية، والأمعاء، ويُعدّ أحد أهم النواقل العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات بين الخلايا العصبية، كما يلعب دورًا في العديد من الوظائف الأُخرى، كتنظيم الشّهية، والقدرة الحركية، والقدرة المعرفية، والمشاعر، والنوم، والهضم، والرغبة الجنسية، والمزاج، وقد تبيّن أنّ اضطراب مستوى هذا المركب أو الناقل العصبي قد يكون له دور في ظهور الشقيقة.
  • الببتيدات المرتبطة بجين الكالسيتونين (بالإنجليزية: Calcitonin gene related peptide)، وهي بروتينات صغيرة الحجم موجودة بكثرة في الأعصاب الحسيّة المُغذية للرأس والرقبة، وتلعب دوراً في نقل الألم وزيادة شدّته أثناء نوبة الشقيقة، كما يُرجح أنّها قد تكون سبباً في تخفيز حدوث النوبة.

 

وعلى الرغم من أنّ السبب الحقيقيّ الكامن وراء حدوث خلل في الدّماغ غير معروف أيضاً، إلاّ أنّه من الممكن أنّ يكون للجينات دورٌ في زيادة فرص الإصابة بالشقيقة عند التّعرض لمُحفزاتٍ مُعينة،[٩] وفي هذا السياق يُشار إلى أنّ الشقيقة ناجمة في أغلب الحالات عن وجود تغيّراتٍ أو طفراتٍ في عدّة جيناتٍ وليس جيناً واحداً مُحدداً، ويجدر التنويه إلى أنّ وجود هذه التغيرات الجينية لا يعني بالضرورة حتمية الإصابة بالشقيقة، فهناك عوامل بيئية مهمة في الغالب تعمل معاً إلى جانب العوامل الجينية لتحفيزها،[١٣] أما بالنسبة للألم المرافق للصداع النصفي، فيُفسّر بطريقة مماثلة لسبب حدوث الصداع النصفيّ؛ إذ ينتج عن تفاعل الإشارات بين الدماغ والأوعية الدموية والأعصاب المحيطة، حيث يتم تنشيط أحد الأعصاب المحيطة بالأوعية الدموية لإرسال إشارات الألم للدماغ، وإلى الآن لا يعرف سبب تنشيط هذه الأعصاب من البداية، ولكن على أية حال فإنّ مراكز الألم الموجودة في منطقة في الدماغ تُرسل إشارات إلى الأوعية الدموية، مما يسبب إفراز بعض النواقل العصبية، مثل: السيروتونين، مما يؤدي إلى تضخم الأوعية الدموية عند النهايات العصبية مسببة الشعور بالألم.[١٤]

 

عوامل خطر الشقيقة

يُمكن لأي شخصٍ أنّ يُصاب بالشقيقة، ولكن توجد مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بها، وفيما يأتي بيانٌ لأبرز هذه العوامل:

  • النوع؛ حيث تُعدّ النساء أكثر عرضةً للإصابة بالشقيقة من الرجال بحوالي ثلاثة أضعافٍ.
  • وجود تاريخ عائلي للإصابة بالشقيقة؛ إذ إنّ معظم المصابين بالشقيقة لديهم فرد من العائلة مصاب بها أيضاً.
  • وجود مشاكل صحيّةٍ أُخرى لدى الشخص، مثل: الاكتئاب (بالإنجليزية: Depression)، والقلق (بالإنجليزية: Anxiety)، والصرع (بالإنجليزية: Epilepsy)، واضطرابات النوم، والاضطراب ثنائي القطب (بالإنجليزية: Bipolar Disorder).

 

محفزات الشقيقة

تُعدّ محفزات الشقيقة فرديةً إلى حد كبير، بمعنى أنّها تختلف من شخص لآخر، وفي هذا السياق نشير إلى أنّ المُصاب قد يواجه صعوبةً في التفريق بين ما إذا كان المُحفّز حقيقياً للشقيقة أو أنّ ما يُعانيه من أعراضٍ ما هي إلاّ الأعراض الأولية لنوبة الشقيقة؛ لهذا يُنصح المصاب بتدوين يومياته ليتمكن من تحديد المُحفّزات الحقيقة الخاصة به، وبشكلٍ عام، هناك العديد من المُحفّزات المُحتملة للشقيقة، ومنها: المحفزات الهرمونية، والانفعالية، والجسدية، والغذائية، والبيئية، والدوائية، وفيما يأتي بيانٌ لكل نوعٍ منها بشيءٍ من التفصيل:

 

المحفزات العاطفية

يُعدّ التوتر أحد أكثر محفزات الشقيقة شيوعاً؛ إذ يعدّ التوتر المُحفّز المباشر لنوبات الشقيقة لدى بعض المُصابين، في المقابل يجعل بعضاً منهم أكثر عرضةً لنوبة الشقيقة المُحفزة نتيجة التعرض لعوامل أُخرى، ويعتقد أنّ هذا التأثير للتوتر ناجمٌ عن دوره في تحفيز إفراز بعض المواد الكيميائية في الدّماغ، وكذلك تأثيره في مستويات بعض المواد والهرمونات في الجسم، ويجدر التنبيه إلى أنّ تأثير التوتر يتفاوت من مصاب لآخر، وبالإضافة إلى التوتر هناك العديد من المُحفزات العاطفية التي قد تؤدي إلى حدوث نوبة الشقيقة أو تزيد حدتها، ومن أبزر هذه المُحفزات نذكر ما يأتي:

  • الخوف.
  • القلق.
  • الإثارة.
  • الأرق.
  • العصبيّة.
  • الاكتئاب.

 

المحفزات البدنية

من العوامل البدنية التي قد تُحفّز حدوث نوبات الشقيقة لدى البعض ما يأتي:

  • قلة النوم.
  • العمل بنظام المناوبات.
  • الجلوس أو الوقوف بوضعيةٍ غير مناسبة.
  • الشد العضلي في الكتفين أو الرقبة.
  • اضطراب الرحلات الجوية الطويلة (بالإنجليزية: Jet lag).
  • نقص سُكر الدّم (بالإنجليزية: Hypoglycaemia).
  • ممارسة التمارين الرياضية المُجهدة، خاصةً إذا كان المُصاب غير معتاد على ممارستها من قبل.

 

المحفزات البيئية

من العوامل البيئية التي قد تُحفّز حدوث نوبات الشقيقة لدى بعض المصابين بالمرض ما يأتي:

  • الأضواء الساطعة.
  • الروائح القوية.
  • التدخين السلبي.
  • الضوضاء.
  • قلة التهوية في المنزل.
  • شاشات الحواسيب؛ فقد يُحفّز النظر في شاشات الحواسيب لحدوث نوبة الشقيقة، مع الأخذ بعين الاعتبار طريقة جلوس الفرد والمدة التي يقضيها أمام شاشة الحاسوب.
  • التغيّرات الجويّة، والتي تشمل:
    • العواصف.
    • الحرارة العالية.
    • تغيّر الضغط الجوي.
    • الرطوبة العالية.

 

المحفزات الغذائية

توجد العديد من المواد الغذائية التي قد يُحفز تناولها حدوث نوبات الشقيقة لدى البعض، مثل الكحول، والشوكولاتة، واللحوم المُعالجة، والأسماك المُدَخّنة، وخلاصة الخميرة، والمواد الحافظة الموجودة في بعض الأغذية والتي تحتوي على النترات (بالإنجليزية: Nitrates) والنتريت (بالإنجليزية: Nitrites)، والمُحلّيات الصناعية، وملح غلوتامات أحادي الصوديوم (بالإنجليزية: Monosodium glutamate)، وهنا نشير إلى أنّ تناول هذه الأغذية لا يعني بالضرورة أنّها ستحفز نوبات الشقيقة لدى جميع المصابين على حدٍ سواء، كما أنّه قد يصعُب على المُصاب في بعض الأحيان تحديد الطعام المحفز لها؛ وذلك لأنّ بعض الأغذية تُحفّز الصداع مباشرةً بعد تناولها في حين أنّ بعضها تحفّز الصّداع بعد مرور وقتٍ على تناولها قد يصل إلى 24 ساعة؛ لذلك السبب يُنصح المصاب بتدوين الأطعمة التي يتناولها بشكلٍ يومي ليسهل عليه معرفة الغذاء المحفز للشقيقة وتجنّبه، وقد يُنصح بالتوقف عن تناول الغذاء الذي يعتقد أنّه حفّز نوبة الشقيقة لمدة شهرٍ كاملٍ ثمّ يُراقب أعراض الشقيقة خلال هذه الفترة للتأكد من أنّ هذا الغذاء هو محفزٌ حقيقيٌّ أم لا، ولكن يجدر التنبيه إلى أهمية عدم اتباع الحميات الصارمة والتي تتضمن الابتعاد عن أغذية معينة ليست بالضرورة أن تكون محفزةً للشقيقة؛ فقد تؤدي مثل هذه الحميات إلى فقدان الجسم للعناصر الغذائية الأساسية، كما يجدر على المُصاب الحرص على تناول وجباتٍ صغيرةٍ بشكلٍ متكررٍ ومنظمٍ خلال اليوم وعدم تخطي أيّ من الوجبات الرئيسة؛ فقد لوحظ أنّ تخطي بعض الوجبات غالبًا ما يحفز نوبات الشقيقة، وكذلك فإنّ المباعدة بين الوجبات لفترةٍ طويلةٍ قد تحفزها أو تزيدها سوءًا، وذلك بسبب انخفاض مستويات السّكر في الدّم خلال هذه الفترة.


ومن الجدير بالذكر أنّ الجفاف حتى وإنّ كان طفيفاً يُحفز نوبات الشقيقة لدى العديد من المُصابين، وعدا عن ذلك فإنّ الجفاف يُؤثر في الجسم في كافة المستويات وقد يتسبّب بشعور المُصاب بالدوخة والارتباك، وقد تزداد حالته سوءاً بحيث يتطلب ذلك التدخل الطبي الفوري، وفي هذا السياق يُشار إلى إنّه ببساطة يُمكن السيطرة على أعراض نوبة الشقيقة بشرب كأسٍ من الماء.

 

المحفزات الدوائية

في الحقيقة، إنّ الاستمرار في أخد الأدوية المُسكنّة لنوبات الشقيقة لمدةٍ تزيد عن عشرة أيامٍ قد يؤدي بحدّ ذاته إلى الإصابة بما يُعرف بالصداع الناتج عن الاستعمال المفرط للأدوية (بالإنجليزية: Medication overuse headache)، وفي هذه الحالة يُنصح بمراجعة الطبيب،ومن الجدير بالذكر أنّه توجد أدويةٌ أُخرى قد تزيد نوبات الشقيقة سوءًا، كحبوب منع الحمل (بالإنجليزية: Oral contraceptives)، والأدوية المُوسعة للشرايين مثل؛ النيتروغليسرين (بالإنجليزية: Nitroglycerin).

 

المحفزات الهرمونية

تُعدّ المُحفزات الهرمونية من العوامل التي قد تُحفّز نوبات الشقيقة، وتحديداً لدى النساء؛ فقد يُحفز تقلّب مستويات بعض الهرمونات، كهرمون الإستروجين (بالإنجليزية: Estrogen) قُبيل موعد الدّورة الشّهريّة حدوث نوبات الشقيقة خلال هذه الوقت من كل شهر، وفي هذا السياق نُشير إلى أن بعض النساء قد تُعاني من الشقيقة فقط في الفترة الممتدة من يومين قبل موعد الدورة الشهرية وحتى ثلاثة أيام بعد انتهائها، في المُقابل تُعاني معظم النساء منها في أوقاتٍ أخرى غير هذه الفترة، وينبغي التنويه إلى أنّ التقلبات الهرمونية المُحفزة للشقيقة قد تحدث أيضاً خلال فترة الحمل، وعند استخدام العلاجات الهرمونية أو موانع الحمل، وفترة انقطاع الحيض، وبالرغم من أنّ انقطاع الحيض قد يُحفّز الشقيقة في بعض الاحيان أو قد يزيدها سوءاً، إلاّ أن أعراضها تتحسن لدى العديد من النساء اللواتي يبلغن هذا العمر.

 

شارك المقالة:
71 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook