يُعبّر مصطلح العقم (بالإنجليزية: Infertility) طبيّاً عن عدم حدوث الحمل بعد مرور سنة كاملة من محاولة الزوجين الإنجاب بممارسة العلاقة الزوجية بشكلٍ منتظم، ودون استخدام أحد موانع الحمل، أو أحد طرق العزل المختلفة، وتُقدّر نسبة الأزواج الذين يعانون من مشكلة العقم حول العالم بما يتراوح بين 8-12%، ويجدر بالذكر أنّ مشكلة العقم قد تحدث في حال وجود عوامل أو مشاكل تؤثر في خصوبة الرجل، أو المرأة، أو وجود عوامل تؤثر في الخصوبة لدى كلا الزوجين؛ حيث تُقدّر نسبة الرجال أو الذكور المسؤولين عن مشكلة العقم بشكلٍ منفرد دون أن يكون لدى الزوجة عامل يؤثر في خصوبتها بما يتراوح بين 20-30% من هذه الحالات، بينما وُجد أنّ العقم يحدث بتوفر عوامل تؤثر في خصوبة كل من الرجل والأنثى في 50% من الحالات أيضاً، وذلك بحسب إحصائية تمّ إجراؤها بالتعاون بين قسم أمراض العقم في جامعتي لوفان (بالإنجليزية: Louvain)، وسانت لو (بالإنجليزية: Saint-Luc) في بلجيكا. ولفهم أسباب حدوث العقم عند الرجال أو الذكور لابدّ من توضيح بعض العمليّات المعقّدة المسؤولة عن خصوبة الرجل، والشروط الواجب توفرها فيما يأتي:
يمكن بشكل عام القول أنّ عقم الرجال أو الذكور يحدث بسبب المشاكل الصحية التي تؤدي لضعف في إنتاج الحيوانات المنوية، أو تؤثر في عملها، أو حركتها، أو تتسبب بإعاقة خروج الحيوانات المنوية، أو في بعض الحالات النادرة نتيجة اضطرابات في الغدة النخامية ومنطقة تحت المهاد في الدماغ التي تؤثر بدورها بشكل غير مباشر في الخصيتين، وعدا عن ذلك تبقى العديد من حالات العقم لدى الرجال مجهولة السبب، وفيما يلي بيان لأهم مسببات العقم لدى الرجال:
يجدر بالذكر أنّ الإصابة بدوالي الخصية (بالإنجليزية: Varicoceles) لا تعني بالضرورة معاناة الذكر من العقم، فالكثير من الرجال المصابين بدوالي الخصية لا يواجهون مشاكل في الإنجاب، ولكن قد تؤثر دوالي الخصية في إنتاج الحيوانات المنويّة ونموها الطبيعيّ بسبب منع التصريف الطبيعيّ للدم من الخصيتين، كما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الخصيتين ممّا يؤثر أيضاً في إنتاج الحيوانات المنويّة، ويقلل فرصة حدوث حمل.
ومن أبرزها التهاب الخصية النكافيّ (بالإنجليزية: Mumps orchitis)؛ ففي بعض الحالات قد تؤثر عدوى النكاف (بالإنجليزية: Mumps) في الخصيتين وتلحق بهما الضرر، بالإضافة إلى الغدد اللعابيّة ممّا قد يؤدي إلى حدوث ضرر طويل الأمد في الخصيتين.
تُعرَف أيضاً بالخصية المعلّقة والخصية غير النازلة (بالإنجليزية: Undescended testicles)، ويحدث هذه الاضطراب نتيجة عدم انتقال إحدى الخصيتين أو كلتيهما من منطقة البطن حيثُ يتمّ تطورهما أثناء الحمل، إلى كيس الصفن قبل موعد الولادة، وتجدر الإشارة إلى أنّه في العديد من الحالات تنتقل الخصية الهاجرة إلى مكانها الطبيعيّ خلال السنوات الأولى من الولادة، أمّا في حال عدم انتقالها مع عدم اتّخاذ الإجراءات العلاجيّة المناسبة فقد يؤدي ذلك إلى اضراب في وظائف الخصيتين.
قد يؤدي التعرّض لإصابة في الخصيتن إلى حدوث ضرر في الخصيتين، وانخفاض إنتاج هرمون التستوستيرون، أمّا في حال تعرّض إحدى الخصيتين فقط للضرر، فقد لا تحدث مشكلة في إنتاج التستوستيرون لدى الشخص المصاب.
في بعض الحالات النادرة قد يكون سبب العقم لدى الرجل المعاناة من اضطراب مناعيّ يتمثل بإنتاج أجسام مضادّة (بالإنجليزية: Antibodies) تعمل على مهاجمة الحيوانات المنويّة وإضعافها.
فقد تؤثر الإصابة ببعض أنواع السرطان والأورام في خصوبة الرجل، وإضافة إلى ذلك قد يؤدي الخضوع لبعض أنواع العلاج الكيميائيّ (بالإنجليزية: Chemotherapy)، بالإضافة للعلاج الإشعاعيّ (بالإنجليزية: Radiation therapy) الموجّه للأعضاء التناسلية، أو لمنطقة قريبة من البطن، أو الحوض، أو العمود الفقري، أو العلاج الإشعاعي الموجّه إلى الدماغ والذي يمكن أن يؤثر في وظائف الغدة النخامية، إلى انخفاض إنتاج الحيوانات المنويّة وهرمون التستوستيرون من الخصيتين، ولكن، يجدر بيان أنّه في العديد من الحالات يستعيد الشخص المصاب الوظائف الطبيعيّة للخصيتين خلال عدّة أشهر من انتهاء العلاج.
فيما يلي بيان لبعض الاضطراب التي تؤثر في نقل الحيوانات المنويّة في الجهاز التناسليّ للرجل، ممّا قد يؤدي إلى الإصابة بالعقم: إذ يوجد العديد من النُّبَيباتُ (بالإنجليزية: Tubules) أو الأنابيب الدقيقة المسؤولة عن نقل الحيوانات المنويّة عبر الجهاز التناسليّ للرجل، إذ يمكن أن يحدث العقم في حال حدوث عيب خلقي تسبب بعدم نمو أحد هذه الأنابيب الدقيقة أو أكثر، كما يمكن أن يحدث العقم في حال وجود انسداد في أحد هذه الأنابيب الدقيقة سوءاً كان ذلك داخل الخصيتين أو في أيّ من المناطق الأخرى التي تعبر من خلالها الحيوانات المنويّة مثل: الأسهر، والبربخ، والقنوات الدافقة، والإحليل، وتوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انسداد في أحد هذه الأنابيب مثل: المعاناة من مرض التليف الكيسيّ (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis)، والخضوع لعمل جراحيّ أو التعرّض لإصابة في المنطقة.
هنالك عدة أنواع من اضطرابات القذف التي قد يعاني منها الرجل، منها ما يأتي:
إنّ الإصابة بقصور الغدد التناسليّة الثانويّ يحدث نتيجة اضطراب في عمل الغدّة النخاميّة، أو منطقة تحت المهاد في الدماغ، ممّا يؤدي إلى انخفاض مستوى الهرمونات التي تحفز الخصيتين على إنتاج هرمون التستوستيرون، وبشكلٍ طبيعيّ يتمّ إنتاج الهرمون المطلق لموجهة الغدد التناسليّة (بالإنجليزية: Gonadotropin-releasing hormone) واختصاراً GnRH من منطقة تحت المهاد، والذي بدوره يعمل على تحفيز الغدّة النخاميّة على إنتاج الهرمون المنشط للحوصلة (بالإنجليزية: Follicle-stimulating hormone) واختصاراً FSH، والهرمون المنشط للجسم الأصفر (بالإنجليزية: Luteinizing hormone) واختصاراً LH، ممّا يؤدي إلى تحفيز إنتاج هرمون التستوستيرون من الخصيتين، لذلك فإنّ أيّ اضطراب في هذه السلسلة من الهرمونات ينجم عنه اضطراب في إنتاج التستوستيرون من الخصيتين، وفيما يلي بيان لبعض الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بقصور الغدد التناسليّة الثانويّ:
بعض الاضطرابات الكروموسومية أو الجينية تؤثر في خصوبة الذكر مثل: متلازمة كلاينفلتر (بالإنجليزية: Klinefelter's syndrome) والتي تحدث نتيجة اضطراب في الجينات المسؤولة عن الصفات الجنسيّة لدى الرجل، حيثُ يمتلك الرجل بشكلٍ طبيعيّ واحداً من كل من الصبغيّ X والصبغيّ Y، أمّا في حال الإصابة بمتلازمة كلاينفلتر فيمتلك الرجل المصاب أكثر من نسخة من الصبغيّ X ونسخة واحدة من الصبغيّ Y، ممّا يؤدي إلى اضطراب في نمو الخصيتين، وانخفاض قدرة الخصيتين على إنتاج التستوستيرون.
يتمّ تصنيف نسبة كبيرة من حالات العقم لدى الرجال تتراوح بين 40-50% ضمن العقم مجهول السبب، ففي العديد من حالات العقم لدى الرجال لا يمكن تحديد المسبّب الرئيسيّ للعقم واضطراب نتائج تحليل عينة السائل المنوي للرجل على الرغم من التقييم الدقيق لجميع الأسباب المحتملة التي قد تؤدي إلى الإصابة بالعقم، ومن الجدير بالذكر أيضاً وجود حالات تكون فيها نتائج تحليل السائل المنويّ للرجل طبيعيّة والمرأة لا تعاني من أيّة من المشاكل الصحيّة الظاهرة التي قد تؤثر في خصوبتها إلّا أنّ الحمل لا يحدث، وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنّ كون العقم مجهول السبب لا يعني أنّه لا يوجد خيارات علاجية وطبية يمكن تقديمها للمصاب حتى يتمكن من إنجاب الأطفال.
توجد مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر إصابة الرجل بالعقم، وفيما يلي بيان لبعض منها:
يعتمد علاج العقم عند الرجال بشكلٍ أساسيّ على مسبّب العقم، وقد تحتاج بعض الحالات خضوع الشخص المصاب لبعض أنواع العمليّات الجراحيّة لتصحيح بعض التشوهات الخلقيّة أو الأضرار الحاصلة على الجهاز التناسليّ للرجل، وبعض أنواع الأدوية التي تساعد على علاج بعض المشاكل الصحيّة التي تؤدي إلى الإصابة بالعقم مثل: اضطراب الهرمونات في الجسم، إضافة لإمكانية اللجوء لوسائل التلقيح الصناعي وبعض العمليّات التي تساعد على نقل الحيونات المنويّة للبويضة لتلقيحها.