أمر الله -سبحانه وتعالى- المؤمنين أن يقتدوا برسوله محمد -صلّى الله عليه وسلّم-؛ لِما في ذلك من خير، وسعادة، ونجاة لهم؛ قال -تعالى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)، واتِّباع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- هو أصل من أصول الدِّين المُقرَّرة؛ فلا إيمان للمرء ما لم يتبّع النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، ولا ينجو العبد من عذاب الآخرة إلّا إن كان مُتّبِعاً الإسلامَ، وسائراً على هَدي النبيّ محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، كما في حديث: (وأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)
أورد العلماء عدداً من الأقوال في عدد ركعات قيام الليل التي كان يُصلّيها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ واستدلوا بأحاديث عائشة -رضي الله عنها- في ذلك، ومن هذه الأقوال إنّه كان يُصلّي من الليل إحدى عشرة ركعة لا يزيد عليها؛ سواء في رمضان، أو في غيره، وفي قول آخر إنّه كان يُصلّي ثلاث عشرة ركعة؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: (كَانَتْ صَلَاةُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي باللَّيْلِ) وقد ضمّ بعض العلماء ركعتَي سُنّة العشاء، أو ركعتَي سنّة الفجر إلى عدد ركعات القيام؛ على اعتبار أنّ أيّ صلاة تُؤدّى بعد صلاة العشاء هي من صلاة القيام، وكان من هَدي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في القيام البدء بركعتَين خفيفتَين؛ قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ صَلَاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ).
يبدأ وقت صلاة قيام الليل بعد أداء صلاة العشاء وسُنتّها، إلّا أنّ الأفضل للمسلم أن يتّبع ما أرشده إليه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ بأن تكون صلاة الليل بعد أن يمضي نصف الليل، وتلك هي صفة صلاة داود -عليه السلام-؛ إذ كان يقوم ثُلُث الليل بعد أن ينام نصفه، وبعد القيام ينام السُّدُس الباقي؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (وَأَحَبُّ الصَّلَاةِ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السَّلَام، كانَ يَرْقُدُ شَطْرَ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْقُدُ آخِرَهُ، يَقُومُ ثُلُثَ اللَّيْلِ بَعْدَ شَطْرِهِ)،[ وقد فُضِّل آخر الليل للصلاة؛ لأنّ الله -سبحانه وتعالى- ينزل في ذلك الوقت إلى السماء الدُّنيا؛ فخير التوفيق أن يُوفَّق المسلم إلى قيام هذه الساعة؛ قال -عليه الصلاة والسلام-: (أقرَبُ ما يَكونُ الرَّبُّ منَ العبدِ في جوفِ اللَّيلِ الآخرِ ، فإن استَطعتَ أن تَكونَ مِمَّن يذكرُ اللَّهَ في تلكَ السَّاعةِ فَكُن)