يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، المكتوب في المصاحف، والمحفوظ في الصدور، ويعدّ أول مصدرٍ من مصادر التشريع الإسلامي، وينقسم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربع عشرة سورة، وقد اختلف أهل العلم في سبب تسمية السورة بهذا الاسم، حيث قال بعضهم إن أصل التسمية مشتقٌّ من سور المدينة، وسبب التسمية أن السورة تحيط بآياتها كما يحيط السور بالبنيان، وقيل إن سبب التسمية لأن السورة تضم الآيات بعضها إلى بعضٍ كما يضمّ السور لبناته فوق بعضها البعض حتى يصل إلى الارتفاع المطلوب، وقال بعضهم الآخر إن التسمية مأخوذة من السورة بمعنى المنزلة والرتبة، وسبب التسمية أن سور القرآن مراتب ومنازل يرتقي فيها القارئ من مرتبةٍ إلى أخرى، أما اصطلاحاً فتُعرّف السورة على أنها مجموعة من آيات القرآن الكريم، جُمع بعضها إلى بعضٍ إلى أن بلغت ما شاء الله لها أن تبلغ من الطول.
سورة الإسراء سورةٌ مكية، حيث نزلت كل آياتها في مكة إلا الآيات: 26، 32، 33، 57 ، ومن الآية 73-80، فقد نزلوا في المدينة، ونزلت سورة الإسراء بعد سورة القصص، وترتيبها في المصحف السابعة عشر، ويبلغ عدد آياتها مئة وإحدى عشرة آية، ويرجع السبب في تسميتها بسورة الإسراء إلى تضمّنها ذكر معجزة الإسراء والمعراج التي أكرم الله -تعالى- بها نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم، وأما تسمية سورة الإسراء بسورة بني إسرائيل فقد وردت في حديثين صحيحين موقوفين عن الصحابة رضي الله عنهم، حيث رُوي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا ينامُ علَى فِراشِه حتَّى يقرأ بَني إسرائيلَ، والزُّمَرِ)، ورُوي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (بَنِي إسْرَائِيلَ، والكَهْفُ، ومَرْيَمُ، وطه، والأنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وهُنَّ مِن تِلَادِي).
ولم يؤكّد أهل العلم على ورود تسمية سورة بني إسرائيل في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- فحسب، بل قالوا إن هذه التسمية كانت الأشهر في ذلك الوقت، وذكروا أن سبب التسمية يرجع إلى ذكر السورة لمرحلةٍ مهمةٍ من مراحل قصة بني إسرائيل، والإشارة إلى إفسادهم في الأرض، كما لم يُذكر في غيرها من قصص بني إسرائيل في القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ* وَآتَينا موسَى الكِتابَ وَجَعَلناهُ هُدًى لِبَني إِسرائيلَ أَلّا تَتَّخِذوا مِن دوني وَكيلًا* ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلنا مَعَ نوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبدًا شَكورًا* وَقَضَينا إِلى بَني إِسرائيلَ فِي الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَينِ وَلَتَعلُنَّ عُلُوًّا كَبيرًا).
ورد في كتاب أسباب النزول للواحدي عددٌ من أسباب نزول سورة الإسراء، وفيما يأتي بيان بعضها:
تجدر الإشارة إلى أن ترتيب الآيات في السور ليس بحسب النزول، وإنما بحسب المناسبات والروابط، فلربّما تُرتّب الآية في الكتابة قبل آية سبقتها في النزول بسنوات، ويمكن استنباط الكثير من الفوائد من اقتضاء حكمة الله -تعالى- تسوير الآيات ومنها، تسهيل الحفظ، وبعث الهمة والنشاط لمتابعته، حيث إن الانتهاء من حفظ السورة يُشجّع على البدء بحفظ التي تليها، كما أن في التسوير تلاحق الأشكال والنظائر، ولذلك نجد أغلب آيات السورة تدور حول موضوعٍ واحدٍ، ومن الجدير بالذكر أن أسماء سور القرآن الكريم توقيفية من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيّما أنها كانت مشهورةً بأسمائها في عهده عليه الصلاة والسلام، وقد ورد الكثير من الأحاديث التي تثبت ذلك، منها ما رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقابِرَ، إنَّ الشَّيْطانَ يَنْفِرُ مِنَ البَيْتِ الذي تُقْرَأُ فيه سُورَةُ البَقَرَةِ)، وقد أكّد الإمام السيوطي -رحمه الله- في الإتقان على أن أسماء سور القرآن الكريم توقيفية من الأحاديث النبوية والآثار.
موسوعة موضوع