سورة الجاثية سورةٌ مكيَّة، عدا الآية الرَّابعة عشرة منها فهي مدنيَّة، عدد آياتها سبع وثلاثون آية، نزلت بعد سورة الدُّخان، وهي السُّورة الخامسة والأربعون في ترتيب المصحف، وتقع في الجزء الخامس والعشرين منه، ولفظ الجاثية لغةً مشتقٌّ من جثا يجثو، جَثواً وجُثُوَّاً، فهو جاثٍ، وجثا الشَّخص أي جلس على ركبتيه، وسُمِّيت سورة الجاثية بهذا الاسم، بسبب ذكرها جُثوِّ الخلائق على الرُّكب في انتظار الحساب، لما يَلقونه من الأهوال في يوم الفَزَع الأكبر، وقد ذُكِر لَفظ الجاثية في الآية رقم من هذه السُّورة: (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٍ كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلىَ كِتَابِهَا اليَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)[الجاثية: 28 ]، ولسورة الجاثية أسماء أخرى مثل: سورة الشَّريعة، وسورة الدَّهر.
تناولت سورة الجاثية كغيرها من السور المكيَّة مواضيع العقيدة، والإيمان بالله تعالى ونبيِّه محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم والقرآن الكريم، والأدلًّة على وحدانية الله تعالى، وذكر الآخرة والبعث والجزاء، وفي ما يلي عرض لأهمِّ مواضيع هذه السِّورة:
رُوي أنّ أبا جهل طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة فتحدَّثا في شأن النبي عليه السَّلام، فقال أبو جهل: والله إنِّي لأعلم إنَّه لصادق، فقال له : وما دلَّك على ذلك ؟ فقال : يا أبا عبد شمس كنَّا نسميه في صباه الصَّادق الأمين، فلما تمَّ عقله، وكَمُل رشده، نسمِّيه الكذَّاب الخائن، والله إنِّي لأعلم إنَّه لصادق، قال: فما يمنعك أن تصدِّقه وتؤمن به؟ قال: لا أحب أن تقول عنِّي بنات قريش أنِّي اتَّبَعْتُ يتيم أبي طالب من أجل كسرة، واللَّات والعُزَّى لا أتَّبعه أبدًا؛ فنزلت: (أَفَرَأَيْتَ مَن اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ)[الجاثية:23].
موسوعة موضوع