سورة الحشر

الكاتب: مروى قويدر -
سورة الحشر

سورة الحشر.

 

 

القرآن الكريم

 

يُعرّف القرآن الكريم على أنه كلام الله -تعالى- المنزل إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام، المكتوب في المصاحف، والمحفوظ في الصدور، والمُقسّم إلى ثلاثين جزءاً، ويبلغ عدد سوره مئة وأربعة عشر سورة، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، ومن الجدير بالذكر أن القرآن الكريم نزل على مرحلتين، حيث كان النزول الأول جملةً واحدةً من الله -تعالى- إلى بيت العزّة في السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك، مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، وأما الثاني فقد كان نزولاً منجّماً أي مفرّقاً، حيث نزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحسب الأحداث والوقائع خلال ثلاثٍ وعشرين سنة، مصداقاً لقول الله تعالى: (وَقُرآنًا فَرَقناهُ لِتَقرَأَهُ عَلَى النّاسِ عَلى مُكثٍ وَنَزَّلناهُ تَنزيلً).

 

معلومات عن سورة الحشر

 

التعريف بسورة الحشر

 

سورة الحشر من سور المُفصل التي نزلت في المدينة المنورة، وكان نزولها بعد سورة البيّنة، ويبلغ عدد آياتها أربعاً وعشرين آية، وترتيبها التاسعة والخمسون في المصحف، وتجدر الإشارة إلى أن سورة الحشر من المسبّحات، حيث افتتحت السورة بفعلٍ ماضٍ وهو (سبّح)، وهو من أساليب التسبيح والثناء على الله تعالى، ويعدّ اسم السورة من أسماء يوم القيامة، ويرجع السبب في تسمية السورة الكريمة بهذا الاسم إلى أن الله -تعالى- قد حشر اليهود وجمعهم خارج المدينة المنورة، وهو الذي سيجمع الناس ويحشرهم يوم القيامة للحساب.


ومن أسماء سورة الحشر بني النضير، ومن الجدير بالذكر أن السورة الكريمة تعالج الجانب التشريعي؛ كالجهاد، والفيْء، والغنائم، كما هو الحال في سائر السور المدنية، والموضوع الأساسي الذي أشارت إليه هو غزوة يهود بني النضير الذين نقضوا العهد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فأجلاهم عن المدينة المنورة، ولذلك عُرفت باسم سورة بني النضير، كما تطرّقت سورة الحشر إلى ذكر المنافقين الذين تحالفوا مع اليهود بشكلٍ موجز

 

أسباب نزول سورة الحشر

 

ورد ذكر العديد من أسباب النزول لآيات سورة الحشر، وفيما يأتي بيان بعضها:

  • الآية الخامسة: قول الله تعالى: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّـهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ)، نزلت الآية الكريمة عندما حاصر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهود بني قريضة، فتحصّنوا في حصونهم، فأمر -عليه الصلاة والسلام- بقطع نخيلهم وإحراقها، فلمّا شاهدوا ذلك دبّ الله الرعب في قلوبهم، وقالوا: "زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح، أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر، وقطع النخيل، وهل وجدت فيما زعمت أنه أمزل عليك الفساد في الأرض"، فشقّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد المسلمون في أنفسهم من قول اليهود، وخافوا أن يكون ذلك من الفساد في الأرض، وقال فريقٌ منهم : لا تقطعوا النخيل فإنه مما أفاء الله علينا، وقال الفريق الآخر: بل اقطعوه، فنزلت الآية الكريمة لتصوّب رأي الفريقين بأن قطع النخيل أو تركه بإذن الله عز وجل.
  • الآية السادسة: قول الله تعالى: (وَمَا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَـكِنَّ اللَّـهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، ذكر علماء التفسير أن الآية الكريمة نزلت في يهود بني قريضة، وذلك أنهم لمّا قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة عاهدوه على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه، وبعد أن أكرم الله -تعالى- المسلمين بالنصر يوم بدر، قالت يهود بني النضير: "والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة، لا تردّ له راية"، ولكن بعد أن هُزم المسلمون في معركة أحد، نقضت يهود بني قريضة العهد، وأظهروا العداوة للنبي -عليه الصلاة والسلام- والمسلمين، فحاصرهم عليه الصلاة والسلام، ثم أجلاهم عن المدينة المنورة.
وقيل إن سبب النزول أن كفار قريشٍ كاتبوا يهود بني قريضة بعد معركة بدر، وهدّدوهم بالحرب إن لم يقاتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجمع بنو قريضة على الغدر، وأرسلوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطلبون منه الخروج إليهم ومعه ثلاثين رجلاً من الصحابة رضي الله عنهم، حتى يلتقي بثلاثين حبراً من أحبارهم ويسمعوا دعوة الإسلام، ثم أرسلوا إليه يطلبون منه الخروج بثلاثةٍ من الصحابة للقاء ثلاثة من علمائهم ليسمعوا منهم، وكانوا قد أعدّوا خناجرهم للفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت امرأةٌ ناصحةٌ من بني قريضة إلى أخيها وهو رجل من الأنصار وأخبرته بالأمر، فخرج الرجل مسرعاً حتى لقي النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخبره بخيانة بني النضير، فرجع النبي عليه الصلاة والسلام، وفي اليوم التالي غدا عليهم بالكتائب، وحاصرهم.

 

مقاصد سورة الحشر

 

تضمّنت السورة الكريمة الحديث عن جلاء بني النضير، وبيان موقف المنافقين في واقعة بني قريضة، وذكر أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وبيان أن جملة الخلائق تسبّح لله -تعالى- وتقدّسه، وتطرّقت للتفصيل في أمر المهاجرين والأنصار، وتقسيم الغنائم، كما وردت الإشارة إلى برصيصاء العابد، للنظر في العواقب، ومن أسمائها سورة بني النضير، مصداقاً للحديث الذي رواه سعيد بن جبير: (قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ).

 

سبب تسمية القرآن بهذا الاسم

 

اختلف أهل العلم في سبب تسمية القرآن الكريم بهذا الاسم، حيث نقل ابن المنظور عن الإمام الشافعي أنه قال إن القرآن اسم وليس بمهموز، ولم يؤخذ من قرأت وإنما اسم للتنزيل العزيز، كالإنجيل والتوارة، وقال بعض العلماء أن أصل التسمية مُشتقّ من القرء، وهو الجمع، حيث تقول العرب: "قرأت الماء في الحوض؛ أي جمعته"، وسبب التسمية يرجع إلى أن القرآن الكريم جمع أنواع العلوم، وجمع ثمرات الكتب السماوية السابقة، وقيل إن التسمية مشتقة من الفعل قرن، وقرن الشيء بالشيء أي ضمّ أحدهما إلى الآخر، وسبب تسمية القرآن بهذا الاسم لأنه مكوّن من سورٍ وآياتٍ يضمّ بعضها بعضاً، ولمناسبة كل آية بين ما سبقها وما لحقها من الآيات، وبين كل سورة وسورة مناسبة كذلك، مما يجعل اقتران الآيات والسور مع بعضها البعض واضحاً جليّاً.

شارك المقالة:
94 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook