تعدُّ سورة العصر من السور المكية، حيثُ نزلت على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة بعدَ سورة الانشراح وقبل سورة العادياتِ، وهي في الجزءِ الثلاثينَ من القرآن الكريم، رقمُها من حيثُ الترتيب في المصحفِ الشريف 103، عدد آياتها 3 آيات، سُمِّيَت في بعض كتب التفسير وفي صحيح البخاري "سورة والعصر" بإثباتِ حرف الواو، كما وردَ في أوَّل آيةٍ فيها، وسنبيِّنُ في هذا المقالِ فضل سورة العصر وبعضَ ما وردَ فيها من عبرَ وأحكام.
سورةُ العصر سورةٌ قصيرةٌ، وهي من إحدى ثلاثِ أقصر سورٍ في القرآن الكريم وهنَّ: "سورة العصر وسورة الكوثر وسورة النصر"، لكنَّ سورةَ العصر رغم قصرِها واشتمالها على ثلاثِ آياتٍ فقط؛ فإنَّها عظيمةٌ جدًّا في المعاني والكلماتِ والدلالاتِ العميقةِ التي وردَت فيها، فقَد بدأ الله فيها بقسمٍ عظيم أقسمَ فيه -سبحانه وتعالى- بالعَصر وهو الدهرُ على خسارةِ الإنسان وضياعِه في هذه الدنيا بسببِ كفرِه وبُعدِه عن سبيلِ الإيمان الواضحِ البيِّنِ واتِّباعه سبُل الهوى والزيغِ والضلال، لكنَّ الله تعالى استثنى من هذه القاعدةِ المؤمنينَ الذين يثابرونَ على الأعمال الصالحة الحسنة، والذين يوصِي بعضهم بعضًا بالصبرِ والثبات على الحقِّ؛ قال تعالى: "وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)"،، لذلك تعدُّ سورة العصر قاعدةً عامَّة شاملة تؤكدُ لنا أنَّه لا نجاة لأيِّ إنسان كان إلا باتباعِ منهجِ الله تعالى الذي بيَّنتهُ هذه السورةُ الكريمة