سورة محمد

الكاتب: مروى قويدر -
سورة محمد

سورة محمد.

 

 

التعريف بسورة محمدٍ:

 

تُعتبر سورة محمدٍ من السور المدنية، فقد نزلت في المدينة المنورة بعد سورة الحديد، وقبل سورة الرعد، وترتيبها في نزول سور القرآن الكريم السادسة والتسعين، وأمّا في ترتيب المصحف العثماني فهي السورة السابعة والأربعين، وعدد آياتها تسعٌ وثلاثون آيةً، ومن الجدير بالذكر أنّها عُرفت في كتب السنة بسورة محمدٍ، وكذلك ترجمها البخاري في صحيحه من رواية أبي ذر عن البخاري، مع العلم بأنّها سمّيت في بعض الروايات في صحيح البخاري بسورة الذين كفروا، ويرجع السبب في تسميتها بسورة محمدٍ إلى أنّ اسم رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ذُكر في الآية الثانية منها، فعُرفت به قبل نزول قول الله تعالى في سورة آل عمران: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ)، وقيل إنّ السبب في تمسيتها بسورة محمد يرجع إلى ما ورد فيها من أنّ الإيمان بما أُنزل على محمدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- متفرّقاً، أعظم من الإيمان بكلّ ما نزل على الأنبياء -عليهم السلام- مجموعاً، وعُرفت سورة محمدٍ أيضاً بسورة القتال، وقيل إن السبب في هذه التسمية يرجع إلى الآية رقم عشرون التي ورد فيها القتال، وهي قول الله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سورة فَإِذَا أُنزِلَتْ سورة مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ)، وقيل إنّ ذكر مشروعية القتال فيها هو السبب في تسميتها، وقيل لأنّ القتال هو موضوعها والعنصر البارز فيها، وتجدر الإشارة إلى ارتباط السورة بالسورة التي سبقتها؛ وهي الأحقاف، كما بيّن ابن كثير، حيث قال: (لا يخفى قوة ارتباط أولها بآخر السورة قبلها، واتصاله وتلاحمه، بحيث لو سقطت من البين البسملة، لكانا كلاماً واحداً، لا تنافر فيه، كالآية الواحدة آخذاً بعضها بعنق بعضٍ).

 

تفسير بعض آيات سورة محمدٍ:

 

ثمة العديد من المقاصد العظيمة في سورة محمدٍ، حيث إنّ الله تعالى حرّض المؤمنين في معظم آياتها على قتال الكفار في ساحة المعركة، فقد افتُتحت السورة الكريمة بما يثير غضب المؤمنين من أعداء الله، الذين كفروا به وصدّوا عن سبيله، وحاربوا دينه، وقد بيّن الله -عزّ وجلّ- أنّه أبطل أعمال المشركين؛ بسبب إعراضهم عن الحقّ، واتّباعهم الباطل، ووعد الله تعالى المؤمنين المدافعين عن الحق بالنصر والتمكين، ونيل الجنة والنجاة من النار، وفيما يأتي تفسير بعض الآيات التي حثّت المؤمنين على القتال:

  • افتتح الله تعالى السورة الكريمة بقوله: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّـهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ)، أي أنّ الله تعالى أشقى الذين جحدوا وحدانيته، وأحبط أعمالهم، وأبطلها بسبب كفرهم.
  • قال الله تعالى: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّـهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَـكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)، حرضّ الله تعالى المؤمنين على قتال الكفار عند لقائهم في ساحات الوغى، حيث أمرهم بالضرب فوق الأعناق، حتى يكثر القتل في الأعداء، وتُكسر شوكتهم ويضعفوا، وبعدها أسر من تبقّى منهم، ثمّ خيّر الله تعالى عباده المؤمنين بين المنّ على الأسرى وإطلاق سراحهم من غير فديةٍ، أو أخذ الفدية بدل إطلاق سراحهم، وأمرهم بالاستمرار على ذلك الحال طيلة فترة الحرب، ثمّ بيّن الله أنّه لو أراد لانتصر من الكفار، ولكنّه لم يفعل ذلك مباشرةً، وإنّما كلّف عباده المؤمنين بقتالهم، وجعل عقوبة الكافرين على أيديهم، بالإضافة إلى ابتلاء المؤمنين بهم، ولذلك شُرع الجهاد في سبيله، وجعل لمن يُقتل في سبيل الله الثواب والأجر العظيم.
  • قال الله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سورة فَإِذَا أُنزِلَتْ سورة مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ)، بيّن الله تعالى في الآية الكريمة أنّ المؤمنين كانوا يتمنّون نزول سورةٍ تأمرهم بالجهاد، فلمّا أنزل الله تعالى سورةً مُحكمةً أمرهم فيها بالجهاد، نظر المنافقون والذين في قلوبهم شكٌّ من دين الله تعالى إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كما ينظر المغشي عليه؛ بسبب شدّة خوفهم من الموت، ثمّ أخبر الله -عزّ وجلّ- أنّ أولئك هم الذين في قلوبهم مرضٌ.
شارك المقالة:
74 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook