سياسة الملك فيصل بن عبدالعزيز الداخلية في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
سياسة الملك فيصل بن عبدالعزيز الداخلية في المملكة العربية السعودية

سياسة الملك فيصل بن عبدالعزيز الداخلية في المملكة العربية السعودية.

 
 
كانت سنوات حكم الملك فيصل حلقاتٍ متواصلةً من العمل للارتقاء بحياة المواطن السعودي، فمنذ بداية عهده أعاد النظر في تنظيم أسلوب التخطيط والإصلاح الإداري، فاستبدل بالمجلس الأعلى للتخطيط - الذي أُنشئ عام 1380هـ / 1960م - هيئة جديدة اسمها (الهيئة المركزية للتخطيط)، وتحولت هذه الهيئة إلى وزارة فيما بعد، فوضعت خطتها الخمسية الأولى للتنمية التي تميزت بالتنسيق بين القطاعات المختلفة وربطها بخطة التنمية العامة  . وقد كان لصدور أول خطة خمسية للمملكة صدىً داخليٌّ كبيرٌ في استشعار أهمية التخطيط، وضرورة ترابط برامج الإنفاق مع أهداف الخطة، ومنذ عام 1390هـ / 1970م أصبحت الدولة تسير في إستراتيجيتها وأهدافها وبرامجها وميزانياتها وفق خطة تنموية تُـقَـرُّ كل خمس سنوات  . وكانت أولى خطوات الإصلاح وضع عدة نُظُم للإصلاح المالي للتغلب على الأزمة الاقتصادية للدولة  .وكان من أهم أولويات الملك فيصل التعليم والصحة، وقد رأى أن يتقدم العمل فيهما بتؤدة وثبات  . 
 

 جهوده في التعليم

 
طوَّر الملك فيصل في ميدان التعليم فَشَكَّـلَ أول هيئة عليا للتعليم هي (اللجنة العليا لسياسة التعليم) التي كان من اختصاصها رسم السياسة التعليمية للمملكة، كما بلغت مخصصات التعليم في عام 1384هـ / 1964م ما نسبته 13% من ميزانية الدولة  .  وتزايدت مدارس البنين في كل المراحل التعليمية بشكل أحدث فرقًا شاسعًا بين ما كان عليه وضع التعليم وما أصبح عليه  ،  والحال نفسها في مدارس البنات التي توسعت في عددها وعدد الملتِحقات بها من البنات   وكانت قد بدأت في عهد أخيه الملك سعود بتشجيع تعليم البنات على الرغم من بعض المعارَضة في المجتمع السعودي؛ وكان للملك فيصل دور كبير في دعم قرار إدخال تعليم البنات وتنفيذه  .  كما نال التعليم الفني والصناعي وإرسال البعثات إلى الخارج عناية الملك فيصل. وقد ركز على محو الأمية بين جميع المواطنين في المملكة بمختلف فئاتهم وللجنسين، وفي عام 1392هـ / 1972م أصدر مرسومًا بذلك، وبناءً على توجيهاته تم وضع خطة شاملة للقضاء على الأمية في مدة أقصاها عشرون عامًا  ،  كما أسس مدارس متــنقلة لسكان البادية  . أمَّا فيما يخص التعليم العالي فقد افتتح في 8 شوال 1384هـ الموافق 9 فبراير 1965م كلية البترول والمعادن في الظهران، التي أصبحت - فيما بعد - جامعة البترول والمعادن، وبافتتاحها أدخل تعليم الصناعات البتروكيماوية الجديدة التي لم تكن قائمة في المملكة من قبل  .  كما حرص الملك فيصل على زيادة ميزانية الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. وفي عام 1391هـ / 1971م حُـوِّلَتْ جامعة الملك عبدالعزيز في جدة إلى جامعة حكومية بعد أن كانت أهلية  .  وفي عام 1394هـ / 1974م صدر قرار مجلس الوزراء بالموافقة على إنشاء جامعة الملك فيصل في الأحساء، وحرص الملك فيصل على تقديم كثير من المنح الدراسية العليا للطلاب في الخارج وزيادة الابتعاث  . 
 

جهوده في الخدمات الصحية

 
كانت ميزانية الصحة في ازدياد مستمر طيلة عهد الملك فيصل  ،  وقد ركزت الحكومة على الصحة الوقائية؛ فأنشأت المكاتب والمحاجر الصحية  .  ومن أبرز معالم الاهتمام بالصحة التوسع في إنشاء المستشفيات، ومن أهم المستشفيات التي أُنشئت: مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض  ،  وكذلك التوسع في إنشاء المستوصفات والوحدات السيارة في جميع المناطق، وتوفير الأخصائيين الوطنيين والمدارس الصحية، وإتاحة الحكومة مجانية العلاج للمواطن والمقيم  . 
 

 جهوده في تنمية الاقتصاد

 
سعى الملك فيصل إلى تقوية الاقتصاد الوطني، والتخلص تدريجيًا من احتكار شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو) شؤون النـفط، فدفع المؤسسة العامة للبترول والمعادن - التي عُرفت باسم (بترومين)، وقد تأسست في شعبان 1382هـ / نوفمبر 1962م - إلى تحقيق مشروعات الدولة في مجال الموارد المعدنية والنفطية  ،  وخلال الأعوام 1384 - 1388هـ / 1964 - 1968م اقتنت بترومين من أرامكو شبكة تسويق المنتَجات النفطية  .  وفي عام 1385هـ / 1965م تأسست شركة الأسمدة العربية (سافكو)، ومُنِحَت حـق البحث عن النفط في المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية  ،  وتبع ذلك إنشاءُ عدد من المؤسسات بلغ عددها 66 مؤسسة صناعية عام 1387هـ / 1967م  . ولسياسة الملك فيصل وحكمته نجح في عام 1392هـ / 1972م في الحصول على اعتراف شركة أرامكو بمبدأ المشاركة بنسبة 25% في الشركة لصالح الحكومة السعودية، وعُقِدَتْ اتفاقية بهذا الشأن في25 ذي القعدة 1392هـ الموافق 20 ديسمبر 1972م، وبموجب هذه الاتفاقية امتلك الجانب السعودي بحلول نهاية ربيع الأول 1402هـ / يناير 1982م نسبة 51% من الأسهم  .  وفي عام 1394هـ / 1974م تبوأت المملكة المركز الأول في العالم في تصدير النفط والمركز الثالث في إنتاجه  .  ووجَّـه الملك فيصل اقتصاد البلاد باتجاه البحث عن موارد أخرى مثل التنقيب عن المعادن، ونجح الـتـنقيب في الكشف عن مكامن أنواع مختلفة منها.كما شجع الملك فيصل الزراعة، ودعم البنك الزراعي. وأُقيمت في عهده مشروعات مختلفة مثل: إنشاء صندوق التنمية العقاري، وصندوق التنمية الصناعية السعودية، وصندوق الاستثمارات، وإقامة السدود، ومشروعات الري والصرف   .
 
 

جهوده في التنمية الاجتماعية والخدمات

 
كان عهد الملك فيصل حافلاً على المستوى الاجتماعي؛ فبعد إلغاء الرِّقَّ في عهد أخيه الملك سعود  ،  كما وضع نظام الضمان الاجتماعي الذي تَـكَـفَّـلَ بمعاش الشيخ والأرملة واليتيم والعاجز عن العمل  . وفي عام 1385هـ / 1965م أُلِّفَتْ لجنة وزارية عليا لإجراء البحوث والدراسات لحالة سكان البادية، وتقديم المقترحات لتطوير سُبل رفع مستوى المعيشة فيها  ،  ومن أهم المنجزات في هذا المجال: مشروع الفيصل النموذجي للتوطين أو ما يُعرف بـ (مشروع حرض)، الذي أُنشئ في عام 1391هـ / 1971م بهدف تحويل قطاع كبير من المجتمع من حياة الترحال إلى حياة الاستقرار والتحضر  . وبدأ الملك فيصل بنشر العمران في جميع أرجاء البلاد، مع توفير جميع الخدمات الضرورية والمرافق اللازمة للحياة من كهرباء، ومياه شرب، وصرف صحي، واتصالات، وشبكة طرق  ،  ومن ذلك تنفيذ طريق الهَدَا (مكة - الطائف) في عام 1385هـ / 1965م  ، الذي يُعَدُّ من المشروعات الضخمة التي أُنجزت، إضافة إلى طريق الدمام - الرياض - جدة  . 
 

 جهوده في بناء القوات المسلحة

 
تطورت في عهد الملك فيصل القوات المسلحة السعودية بأفرعها المختلفة من برية وجوية وبحرية، أنشئت المدن العسكرية المتخصصة في كُـلٍّ من خميس مشيط وتبوك والخرج، وافتتاح المدارس الخاصة بها، وإرسال البعثات إلى دول العالم المختلفة شرقًا وغربًا، كما تم تطوير قوات الحرس الوطني  .واهتم الملك فيصل بظاهرة محو الأمية في الجيش، من خلال المدارس المتوسطة والثانوية المنتشرة في الثكنات والتي يدخلها جميع الذين يخضعون لخدمة العَلَم إلزاميًا، كلٌّ حسب درجة ثقافته؛ مما يؤدي إلى أن تكون الجندية في البلاد امتدادًا للحياة المدنية  . 
 

جهوده في تطوير الإعلام

 
بدأ الإعلام السعودي تطوره في عهد الملك فيصل؛ إذ بدأ الإرسال التلفزيوني بعد عام واحد من مبايعته ملكًا، علاوةً على تحويله إلى النظام الملون بعد ذلك  .  ثم افتُتحت إذاعة الرياض عام 1384هـ / 1964م  ،  وبدأ تطوير بثها بحيث وصل إلى جميع أرجاء العالم وبلغات متعددة منها: العربية والإنجليزية والفرنسية والفارسية والسواحلية والأوردية والملاوية  .وتأسست في عهده سبع مؤسسات صحفية بناءً على نظام المؤسسات الصحفية الذي صدر في عام 1383هـ / 1963م  ،  فارتفع عدد الصحف إلى 15 صحيفة يومية وأسبوعية وشهرية، كما تم في عهده تأسيس وكالة الأنباء السعودية  . وهكذا بدأ عصر من التوسع الأفقي السريع لوسائل الإعلام، رافقه تحسن نوعي في المحتوى والعرض، ودُعم هذا التحسن بقاعدة من الأنظمة وتعزيز وسائل الإعلام بكفاءات عالية  . 
 
شارك المقالة:
122 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook