سيرة الفاروق عمر بن الخطاب

الكاتب: مروى قويدر -
سيرة الفاروق عمر بن الخطاب

سيرة الفاروق عمر بن الخطاب.

 

 

عمر بن الخطاب..

 

هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العزّى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مُدرِكة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن مَعَدِّ بن عدنان، أبو حفص العدوي، وأم عمر حنتمة بنت هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أخت أبي جهل بن هشام، وعمر -رضي الله عنه- من أشراف قريش في الجاهلية، له المكانة الرفيعة عندهم، والكلام المسموع بينهم، صاحب فراسةٍ وفطنةٍ ودهاءٍ، متميزٌ بالشجاعة والقوة والهيبة، حتى قال فيه ابن مسعود رضي الله عنهما: (ما زلنا أعزّةً منذ أسلم عمر).

ذُكر عن عمر -رضي الله عنه- أنّه كان طويلاً وجسيماً، حتى فاق الناس في طوله، أصلعاً شديد الصلع، أبيضاً فيه حُمرةً، وأمّا في عباداته وعلاقته بربه، فقد كان يتميّز بطول القيام والصلاة، رقيق القلب، كثير الصيام والصدقة، عظيم الخشية لله تعالى، حتى ورد عنه أنّه نظر إلى تِبنٍ فقال: (ليتني كنتُ هذه التّبنة، ليتني لم أُخلق، ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أكن شيئاً، ليتني كنت نسياً منسيّاً)، وبالرغم مِن رقّة قلبه ولينه وخشوعه بين يدي الله -تعالى- إلا أنّه كان قوياً شديداً ينصر المسلمين ويَردّ كيد المشركين، حتى لقّبه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالفاروق، ويُقصد أنّه يفرّق بين الحقّ والباطل، ناصرٌ لدين الله، حتى كره الشيطان لقاءه ومواجهته.

 

إسلام عمر ومكانته

 

رُوي في قصة إسلام عمر بن الخطاب أنّه سمع عن إسلام أخته فاطمة وزوجها سعيد، فانطلق باتجاههما بُغية أذيتهما لهذا، وكان عندهما خبّاب بن الأرت يعلمهما القرآن الكريم، فلمّا طرق عمر -رضي الله عنه- الباب، اختبأ خبّاب، ودخل عمر غاضباً فضرب أخته فشجّها، ثمّ طلب إليها أن تناوله الصحيفة التي في يدها فرفضت؛ لأنّه كافرٌ نجسٌ، وهذه الصّحيفة فيها قرآنٌ مطهّرٌ، وطلبت إليه أن يغتسل قبل أن يَمسّها، ففعل، ثمّ أخذها فقرأ منها سطراً واحداً، فانشرح صدره لها، فسأل أخته عن مكان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فخرج خبّاب من مخبأه، ودلّه على مكان النبيّ عليه السلام، فانطلق إليه عمر بن الخطاب، يطرق الباب، فلمّا عرف الصحابة أنّه عمر خافوا ووَجِلوا؛ لأنّه كان شديداً عليهم، فطمأنهم النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ أذن له فدخل، فلم يكد يرى النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حتى نطق الشهادتين وأعلن إسلامه.

كان إسلام عمر بن الخطاب انفراجاً لضيق المسلمين، وفتحاً لهم، وقد فرحوا بإسلامه فرحاً عظيماً، إذ أمِن المسلمون بعد إسلامه أنْ يُصلّوا في جوار الكعبة، وقد كانوا يخافون قبل ذلك، وقد حسن إسلام عمر رضي الله عنه، وفَاقَ مَن قبله ومَن بعده، حتى امتدحه النبيّ -عليه السلام- في أكثر من موضعٍ، إذ قال فيه مرّةً: (إنّ اللهَ جعل الحقّ على لسانِ عمر وقلبِه)، وقال عنه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كذلك: (قد كانَ يكون في الأمم قبلكم محدّثون، فإن يكن في أمتي منهم أحد فإنّ عمر بن الخطاب منهم)، وإنّ لعمر -رضي الله عنه- توافقٌ مع القرآن الكريم كذلك؛ إذ تعدّدت الكلمات التي قالها عمر، ثمّ نزل القرآن الكريم في نفس لفظه، وذلك مثل سؤاله للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنْ يتخذ من مقام إبراهيم مصلّى، فنزلت الآية الكريمة بعد ذلك: (َاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)، وفي موضعٍ آخرٍ حين ثارت الغيرة بين نساء النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فحذّرهنّ بطريقة نزلت فيها الآية بعد ذلك، وهي الآية الكريمة: (عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا).

 

عمر أمير المؤمنين

 

تولّى عمر خلافة المسلمين بعد أبي بكرٍ رضي الله عنهما، وذلك سنة ثلاث عشرة للهجرة، وقد ظهرت صفاته الشخصية جليةً وقت حكمه كذلك، فكان تقيّاً وَرِعاً، شديداً على الكفّار، متوسّعاً في الفتوحات، حتى فُتحت في عهده الفرس والرّوم، لكنّه وبالرغم من شدّته على الكفّار، إلّا أنّه كان رحيماً عطوفاً على المؤمنين، وقد ازداد عطفه وإشفاقه على المسلمين بعد توليه الخلافة إذ قال يوماً: (ثمّ إنّي قد وَلِيتُ أموركم أيّها الناس، فاعلموا أنّ تلك الشّدة قد أُضعِفت، ولكنّها إنّما تكون على أهل الظلم والتعدي على المسلمين، فأمّا أهل السلامة والدين والقصد، فأنا ألينُ لهم من بعضهم لبعض)، ولقد أصيب الناس بالمجاعة في عهده فغاب المطر وأجدبت الأرض، فكان عمر يأكل الخبز والزيت ويقول: (والله لا أشبع حتى يشبع أطفال المسلمين).

 

استشهاد عمر بن الخطاب

 

روت أمّ المؤمنين حفصة -رضي الله عنها- أنّ أباها عمر بن الخطاب كان يسأل الله -تعالى- الشهادة في سبيله في بلد رسوله عليه السلام، ولقد أجاب الله -تعالى- دعوته؛ فقد خرج يوماً على المنبر يخاطب المؤمنين يقول لهم: (إنّي رأيتُ رؤيا كأنّ ديكاً نَقرَني نَقرتين، ولا أرى ذلكَ إلا لِحُضور أجلي)، ولقد أخبر عمر أسماء بنت عُميس برؤياه، فأوّلت ذلك بأنْ يقتله واحدٌ من العجم، فكان كذلك؛ ففي صلاة الفجر في يومٍ كان يسوّي الفاروق الصفوف ثمّ كبّر للصلاة، فما إنْ كبّر حتى صاح: (قَتلَني الكلب)، إذ تلقّى طعناتٍ من مجوسيّ يُقال له (فيروز)، ثمّ هرب هذا المجوسيّ يقتل من يمرّ عليه من الناس فقتل سبعةً آخرين، فأقبل إليه رجلٌ من المسلمين ألقى عليه بُرنساً ولفّه به، فلمّا أيقن المجوسيّ أنّه قد أُلقي القبض عليه نحر نفسه فمات من فوره، وبقي عمر -رضي الله عنه- ينزف دماً بضع ساعاتٍ، أرسل فيها إلى أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- يستأذنها أنْ يُدفن بجوار صاحبيه رسول الله وأبي بكرٍ فأذنت له، ثمّ فارق الفاروق الحياة -رضي الله عنه- بعدها، ودُفن كما سأل الله تعالى، بمدينة صاحبه صلّى الله عليه وسلّم.

شارك المقالة:
79 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook