مَنّ الله -تعالى- على عباده في شهر رمضان المبارك بكثيرٍ من النِّعَم والعطايا؛ ولا شكّ بأنّ تلك النِّعم تُشكّل حافزاً للمسلم يحثُّه على بذل المزيد من الجهد في الطاعة، والعمل؛ ابتغاء مرضاة الله -سبحانه-؛ ففي شهر رمضان تتجلّى معاني الرحمة الإلهيّة، والمغفرة للذنوب والخطايا، والعِتق من النيران، ودخول الجِنان، وقد ضاعف الله أجور الصائمين؛ إذ إنّ عبادة الصيام لا يَطّلع عليها أحدٌ إلّا الله، ومن النِّعم التي تتحقّق للعباد في شهر رمضان أيضاً مغفرة ذنوب الصائمين من رمضان إلى رمضان الذي يليه، كما أنّ الصِّيام من العبادات التي تشفع للعباد يوم القيامة، قال النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامَةِ، يقولُ الصيامُ:أي ربِّ إِنَّي منعْتُهُ الطعامَ والشهواتِ بالنهارِ فشفِّعْنِي فيه، يقولُ القرآنُ ربِّ منعتُهُ النومَ بالليلِ فشفعني فيه، فيَشْفَعانِ).
تتجلّى مظاهر رحمة الله -سبحانه- بعباده بالعديد من المظاهر، بيان وتفصيل البعض منها فيما يأتي:
حثّ الله -تعالى- عباده على التراحُم فيما بينهم؛ لعدّة أسبابٍ؛ فالله -سبحانه- رحيمٌ يحبّ الرُّحماء من عباده، ولذلك فالرحمة مطلوبةٌ من المسلم تِجاه أخيه المسلم، ومطلوبةٌ من الحاكم والمسؤول تجاه رعيّته، كما أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها-، أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (اللَّهُمَّ، مَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَشَقَّ عليهم، فَاشْقُقْ عليه، وَمَن وَلِيَ مِن أَمْرِ أُمَّتي شيئًا فَرَفَقَ بهِمْ، فَارْفُقْ بهِ)، وقال الله -سبحانه- مادحاً نبيّه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
ويُشار إلى أنّ الرَّحمة تضعف في قلوب العباد لعدّة أسبابٍ، منها: الذنوب، والخطايا؛ فالقلب يكتسي بالرّان بزيادة ذنوبه، فتزيد قسوة القلوب، قال الله -تعالى-: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ)، ومن أسباب قسوة القلب أيضاً المُسارعة في تحقيق الشهوات؛ فكان الصيام من أسباب استشعار المسلم حاجة أخيه المسلم، فتزداد الرحمة في قلبه، فيرحم غيره، ويشفق على أحوالهم، ويشاركهم همومهم وآلامهم، ومن مظاهر تراحم العباد ببعضهم البعض في شهر رمضان ما يأتي:
موسوعة موضوع