المحتوى

صحة صدقة المدين

الكاتب: يزن النابلسي -

صحة صدقة المدين

 

السؤال
 
هل تصح صدقة المدين؟ وماذا يسقط عن المدين من الحقوق الشرعية؟
 
 
الجواب
 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصدقة من الإنفاق المأمور به شرعاً، والإحسان إلى عباد الله إذا وقعت موقعها، والإنسان مثاب عليها وكل أمرىء في ظل صدقته يوم القيامة، وهي مقبولة سواء كان على الإنسان دين، أم لم يكن عليه دين إذا تمت فيها شروط القبول، بأن تكون بإخلاص لله عز وجل، ومن كسب طيب، ووقعت في محلها، فبهذه الشروط تكون مقبولة بمقتضى الدلائل الشرعية، ولا يشترط أن لا يكون على الإنسان دين، لكن إذا كان الدين يستغرق جميع ما عنده فإنه ليس من الحكمة، ولا من العقل أن يتصدق – والصدقة مندوبة وليست بواجبة- ويدع ديناً واجباً عليه، فليبدأ أولاً بالواجب، ثم يتصدق، وقد اختلف أهل العلم فيما إذا تصدق وعليه دين يستغرق جميع ماله، فمنهم من يقول: إن ذلك لا يجوز له؛ لأنه إضرار بغريمه، وإبقاء لشغل ذمته بهذا الدين الواجب.
ومنهم من قال : إنه يجوز ولكنه خلاف الأولى.
وعلى كل حال فلا ينبغي للإنسان الذي عليه دين يستغرق جميع ما عنده أن يتصدق حتى يوفي الدين؛ لأن الواجب مقدم على التطوع .
وأما الحقوق الشرعية التي يعفى عنها من عليه دين حتى يقضيه: فمنها الحج ، فالحج لا يجب على الإنسان الذي عليه دين حتى يقضيه ويوفي دينه.
أما الزكاة فقد اختلف أهل العلم هل تسقط عن المدين أو لا تسقط؟ فمن أهل العلم من يقول: أن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين سواءً كان المال ظاهراً أم غير ظاهر.
ومنهم من يقول: إن الزكاة لا تسقط فيما يقابل الدين بل عليه أن يزكي جميع ما في يده، ولو كان عليه دين ينقص النصاب.
ومنهم من فصل فقال: إن كان المال من الأموال الباطنة التي لا ترى ولا تشاهد كالنقود وعروض التجارة فإن الزكاة تسقط فيما يقابل الدين، وإن كان المال من الأموال الظاهرة كالمواشي والخارج من الأرض فإن الزكاة لا تسقط.
والصحيح عندي : أنها لا تسقط سواء كان المال ظاهراً أم غير ظاهر، وأن كل من في يديه مال مما تجب عليه الزكاة فعليه أن يؤدي زكاته ولو كان عليه دين، وذلك لأن الزكاة إنما تجب في المال لقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة:103) ولقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه – حينما بعثه إلى اليمن: (( أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم))373. والحديث في البخاري بهذا اللفظ، وبهذا الدليل من الكتاب والسنة تكون الجهة منفكة ، فلا تعارض بين الزكاة وبين الدين؛ لأن الدين يجب في الذمة، والزكاة تجب في المال، فإذاً كل منهما يجب في موضع دون ما يجب فيه الآخر، فلم يحصل بينهما تعارض ولا تصادم، وحينئذٍ يبقي الدين في ذمة صاحبه وتبقى الزكاة في المال يخرجها منه بكل حال.
والله أعلم.
 
المرجع موقع المسلم
شارك المقالة:
27 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook