صلاة التراويح

الكاتب: مروى قويدر -
صلاة التراويح

صلاة التراويح.

 

 

مشروعيّة صلاة التراويح:

 

سَنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أداء صلاة القيام في شهر رمضان، مُبيّناً أجر الحرص على أدائها؛ إيماناً، واحتساباً؛ إذ أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ، إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، كما ثبتت تلك المشروعيّة بما ورد من فعل النبيّ أيضاً؛ إذ رُوِي عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-، أنّ النبيّ خرج إلى المسجد في ليلةٍ من ليالي رمضان؛ ليصلّي صلاة القيام، فرآه البعض من الصحابة -رضي الله عنهم-، فاقتدَوْا بصلاته، وتكرّر ذلك في بعض المرّات، إلّا أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- توقّف عن الإمامة في صلاة التراويح؛ خشية الاعتقاد بفرضيّتها على المسلمين، فقد أخرج الإمام البخاريّ عن عائشة -رضي الله عنها-، أنّ النبيّ قال: (قدْ رَأَيْتُ الذي صَنَعْتُمْ ولَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إلَيْكُمْ إلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ علَيْكُم)، ويتبيّن من ذلك أنّ صلاة التراويح ليست واجبةً، ولا فريضةً، وإنّما هي سُنّةٌ مُؤكّدةٌ.

 

صلاة التراويح جماعةً زمن النبيّ:

 

يتبيّن ممّا سبق أنّ الجماعة في صلاة التراويح شُرِعت بدايةً زمن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، إلّا أنّه لم يُداوم على الجماعة فيها، وتُوفّي على ذلك الأمر، واستمرّ الحال على ما كان عليه في زمن خلافة أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه-، وزمناً من خلافة عمر بن الخطاّب -رضي الله عنه- أيضاً.

 

صلاة التراويح جماعةً زمن عمر بن الخطاب:

 

كان عُمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أوّل من جمع المسلمين على إمامٍ واحدٍ في صلاة التراويح، بعد أن كانوا يُؤدّونها على أحوالٍ مختلفةٍ؛ فكان البعض يُؤدّيها مُنفرداً، وآخرون جماعةً، وكان إمامهم الصحابيّ أبيّ بن كعب -رضي الله عنه-، أخرج الإمام البخاريّ في الصحيح عن عبدالرحمن بن عبد القاري: (خَرَجْتُ مع عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه، لَيْلَةً في رَمَضَانَ إلى المَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، ويُصَلِّي الرَّجُلُ فيُصَلِّي بصَلَاتِهِ الرَّهْطُ، فَقَالَ عُمَرُ: إنِّي أرَى لو جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ علَى قَارِئٍ واحِدٍ، لَكانَ أمْثَلَ ثُمَّ عَزَمَ، فَجَمعهُمْ علَى أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ معهُ لَيْلَةً أُخْرَى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، قَالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذِه، والَّتي يَنَامُونَ عَنْهَا أفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقُومُونَ يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ وكانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ).


وقد ذكر المُؤرّخون في بعض الروايات أنّ جَمْع المسلمين على إمامٍ واحدٍ زمن عمر بن الخطّاب كان في السنة الرابعة عشرة للهجرة، وبعث إلى كلّ المناطق الواقعة تحت خلافته بأداء صلاة التراويح جماعةً، وقِيل إنّه جعل إماماً للرجال من المسلمين، وإماماً للنساء.

 

صلاة التراويح جماعةً بِدعةٌ حسنةٌ:

 

اعتبر عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّ أداء صلاة التراويح جماعةً بِدعةٌ حسنةٌ، وقد عبّر عن ذلك بقوله: "إن كانت تلك بدعةٌ، فنِعمَ البدعة"، وتجدر الإشارة إلى أنّه لم يقصد المعنى الشرعيّ للبِدعة كما بيّن ذلك كثيرٌ من العلماء، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن رجب؛ فالبِدعة في اللغة يُراد بها: القيام بالشيء على غير مثالٍ سابق، وعلى ذلك يكون جَمْع المسلمين على صلاة التراويح بِدعة بمعناها اللغوي فقط؛ أي أنّ الاجتماع للتراويح خلف إمامٍ وقارىءٍ واحدٍ بشكلٍّ مُستمرٍّ مُنتظمٍ لم يُعرَف إلّا في عهد ابن الخطّاب، إلّا أنّ فِعْله مُستندٌ إلى سُنّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ كان يُصلّي بالمسلمين صلاة القيام في رمضان جماعةً دون أن يُداوم عليها؛ خشية فَرْضها على أمّته، فكان جَمْع المسلمين عليها في عهد عُمر بِدعة حسنة؛ فهي من الأعمال الصالحة التي لا تُخالف الشريعة، باستثناء وجود الخشية من وجوبها على المسلمين، وقد زال ذلك الاستثناء بوفاة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


ويُضاف إلى ما سبق أنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- لم يشرع الجماعة في صلاة التراويح إلّا بالاستناد إلى ما كان على عهد النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، بالإضافة إلى اجتهاده في تلك المسألة، وإقرار الصحابة -رضي الله عنهم- من المهاجرين والأنصار على ذلك، ومنهم: عليّ، وعثمان، وطلحة، والزُّبير، ومعاذ بن جبل، وعبدالله بن عباس، ولو كان ذلك الأمر عن ابتداعٍ من عُمر لأنكرَه عليه كثيرٌ من الصحابة.

شارك المقالة:
72 مشاهدة
المراجع +

موسوعة موضوع

هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook