يُقصَد بإحياء الليل: قضاؤه كلّه، أو جزءاً منه في أداء العبادات، كالصلاة، والذِّكر، وتلاوة القرآن الكريم، ونحوها، ومن الجدير بالذِّكر أنّ إحياء الليل أعمّ من التهجُّد؛ لاشتمال الإحياء على عباداتٍ مُتنوّعةٍ، واختصاص التهجُّد بالصلاة دون غيرها من العبادات، وقد أجمع أهل العلم على استحباب إحياء الليل؛ سواء الليالي الفاضلة التي ورد فيها نصٌّ، أو غيرها من الليالي التي لم يرد فيها نصٌّ؛ لما ثبت في صحيح الإمام مُسلم عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت إنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام-: (كانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، وَيُحْيِي آخِرَهُ)، وممّا يدلّ على استحباب الذِّكْر، والدعاء، والاستغفار في الليل، وخاصّة في النصف الأخير منه ما رواه جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إنَّ في اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ، يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِن أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ)،بالإضافة إلى قَوْل الله -تعالى-: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ)
اختلفت آراء المذاهب الفقهيّة في بيان عدد ركعات صلاة التراويح، وبيان رأي كلٍّ منها فيما يأتي:
وتجدر الإشارة إلى أنّ الخلاف في عدد ركعات صلاة التراويح يُعَدّ خلافاً مُستساغاً؛ فلا بأس بالأخذ بأيّ رأيٍ من الآراء السابقة كما بيّن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، إذ قال: "والتراويح إنّ صلّاها كمذهب أبي حنيفة، والشافعي، وأحمد: عشرين ركعةً، أو: كمذهب مالك ستاً وثلاثين، أو ثلاث عشرة، أو إحدى عشرة فقد أحسن، كما نصّ عليه الإمام أحمد؛ لعدم التوقيف، فيكون تكثير الركعات وتقليلها بحسب طُول القيام وقُصره".
تعريف صلاة التهجُّد
بيان المقصود بالتهجُّد وصلاته في اللغة والاصطلاح الشرعيّ فيما يأتي:
عدد ركعات صلاة التهجُّد
اتّفق العلماء على أنّ أقلّ عدد ركعات صلاة التهجُّد ركعتَان خفيفتان؛ لِما ثبت في صحيح مسلم عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)، إلّا أنّهم اختلفوا في أكثر عدد الركعات، وبيان خلافهم على النحو الآتي:
وفي الحقيقة يرجع سبب الخِلاف بين العلماء في الحدّ الأعلى لعدد ركعات التهجُّد إلى اختلاف الروايات التي تُبيّن عدد ركعات تهجُّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إذ ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يُصلّي في الليل ثلاث عشرة ركعةً، وثبت عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (ما كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَزِيدُ في رَمَضَانَ، وَلَا في غيرِهِ علَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فلا تَسْأَلْ عن حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا)، وذكرت في روايةٍ أخرى أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كان يتهجّد بثلاث عشرة ركعةً، منهنّ صلاة الوتْر، وركعتا الفجر
موسوعة موضوع