صلاة الفَجر إحدى الصّلوات الخمس التي فرض الله عزّ وجلّ على المُسلمين أداءَها، فقد قال سُبحانه وتعالى في كتابه العزيز: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا). سُمِّيت الصّلاة بهذا الاسم؛ لأنّها صِلَة بين العبد وربِّه، فإنْ أراد الإنسان أنْ يصل ربّه ويدعوَه ويطلب منه حاجةً، لجأ إلى الصّلاة، وطلب منه ما يشاء.
صلاة الفجر من أهمّ الصّلوات، وآكَدِها، وأكثرها فضلاً؛ حيث إنّها تقطع على النّائمين نومهم، فلا ينهض وقت الفجر من النّاس لأداء الصّلاة إلّا من كان اتّصاله بخالقه وثيقاً، وكان في دينه وإيمانه صادقاً، فهي تُنبِئ عن صدق إيمان العبد، ومحبّته لخالقه وطاعته له، وقد قال المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في ذلك: (بَشِّر المَشّائينِ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنّورِ التامِّ يومَ القيامةِ)؛ ولذلك تُعدّ صلاة الفجر من أصعب الصّلوات على المنافقين، وأثقلها.
أجمع الفُقَهاء على أنّ عدد ركعات الفرض في صلاة الفجر ركعتان فقط، فصلاة الفجر من الصّلوات التي لا مثيل لها بين الفرائض؛ لأنّها الصّلاة الوحيدة بين الفرائض التي تُصلّى ركعتين، وقد وافقت في ذلك سُنّة اللّيل من القيام والنّفل وغيره، وهي صلاةٌ ليليّةٌ؛ أي تُؤدّى ليلاً، وهي كذلك صلاةٌ جهريّة؛ يجهر المصلّي عند القراءة بها، سواءً كان إماماً أو منفرداً.
لصلاة الفجر سنّةٌ راتِبةٌ قبليّةٌ فقط، وليس لها سُنّةٌ بعديّة، بل لا يجوز للمسلم أن يصلّي بعد أن يُتِمّ فرض الفجر؛ حيث إنّ للصّلاة أوقاتاً مكروهةً، كما إنّ لها أوقاتاً مُستحبّةً ومفروضةً، فإذا انتهى المُصلّي من صلاة الفجر كُرِهت له الصّلاة بعدها إلّا إن كان لم يصلِّ السُّنّة، فحينئذٍ يجوز له أن يصلّي السنّة، وتُعدّ في ذلك قضاءً لا حاضراً. ويجوز أن يصلّي المسلم قبل فرض الفجر ركعتَين، أو أربع ركعاتٍ، أو أكثر من ذلك، لكنّ الرّاتبة منها ركعتان فقط، ويُعدّ الباقي نفلاً أو تطوُّعاً، لا سُنّةً راتبةً، ودليل ذلك ما رُوِي من قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث صحَّ عنه أنّه قال: (عشرُ ركعاتٍ كان النّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يداومُ عليهِنَّ: ركعتينِ قبلَ الظُّهرِ، وركعتينِ بعدَ الظُّهرِ، وركعتين بعدَ المغربِ، وركعتين بعدَ العشاءِ، وركعتين قبلَ الفجرِ).
صلاة الفجر ركعتان، وتستوي في ذلك السُّنّة والفرض، فيكون أداؤهما متشابهاً لا فرق فيه إلا في النيّة فقط؛ حيث ينوي المصلّي عند أداء السُّنّة أنّه سيصلّي السنّة مُنفرِداً، فيما ينوي عند البدء بصلاة الفرض أنّه ينوي صلاة الفريضة إماماً أو مأموماً أو مُنفرداً، وخطوات الصّلاة فيها على النّحو الآتي:
وَرَد عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في وقت الصّلوات الخمس المفروضة عامّةً، وفي وقت صلاة الفجر خصوصاً ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه؛ حيث قال: (جاءَ جبريلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ زالتِ الشَّمسُ، فقال: قُمْ يا محمَّدُ، فصَلِّ الظُّهرَ، فقامَ فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ جاءَه حينَ كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثْلَه، فقال: قُمْ فصَلِّ العصرَ فقام فصلَّى العصرَ، ثمَّ جاءَه حينَ غابتِ الشَّمسُ، فقال: قُمْ فصَلِّ المغربَ، فقام فصلَّى المغرِبَ، ثمَّ مكَث حتَّى ذهَبَ الشَّفقُ، فجاءه، فقال: قُمْ فصَلِّ العِشاءَ، فقام فصلَّاها، ثمَّ جاءه حينَ سطَع الفجرُ بالصُّبحِ فقال: قُمْ يا محمَّدُ فصَلِّ، فقامَ فصلَّى الصُّبحَ، وجاءَه مِن الغدِ حينَ صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثلَه، فقال: قُمْ فصَلِّ الظُّهرَ، فقام فصلَّى الظُّهرَ، ثمَّ جاءَه حينَ كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مِثْلَيْهِ، فقال: قُمْ فصَلِّ العصرَ، فقام فصلَّى العصرَ، ثمَّ جاءَه حينَ غابتِ الشَّمسُ وقتًا واحدًا لم يَزُلْ عنه، فقال: قُمْ فصَلِّ المغربَ، فقام فصلَّى المغربَ، ثمَّ جاءَه العِشاءَ حينَ ذهَب ثُلُثُ اللَّيلِ، فقال: قُمْ فصَلِّ العِشاءَ، فقام فصلَّى العِشاءَ، ثمَّ جاءه الصُّبحَ حينَ أسفَر جدًّا، فقال: قُمْ فصَلِّ الصُّبحَ، فقام فصلَّى الصُّبحَ، فقال: ما بيْنَ هذَيْنِ وقتٌ كلُّه)، فيكون أوّل وقت صلاة الفجر حسب ما جاء في الحديث الشّريف عند بزوغ الفجر الصّادق، ويمتدّ وقتُه إلى ما قبل شروق الشّمس، وينتهي بشروقِها، وتُؤدّى بعد ذلكَ قضاءً.
موسوعة موضوع