هي كبرى طوائف مفصليات الأرجل؛ إذ يبلغ عدد الأنواع المعروفة منها أكثر من 800 ألف نوع  ،  وتعد أكثر أنواع الحيوانات انتشارًا في العالم وأكثرها تنوعًا وعددًا، وهي حيوانات أرضية المعيشة غالبًا، إلا أن بعضها يعيش في المياه العذبة، وبعضها يقطن الشواطئ، وقليل منها بحري المعيشة. وتعد هذه الحشرات اللافقريات الوحيدة التي تستطيع الطيران، وينقسم جسمها إلى ثلاث مناطق واضحة هي: الرأس، والصدر، والبطن. ويتكون الرأس من ست حلقات مندمجة تحمل أعضاء الحس المتمثلة في زوج من قرون الاستشعار، والأعين البسيطة والمركبة، وأجزاء الفم المتحورة؛ لتناسب طبيعة تغذية الحيوان. ويتكون الصدر من ثلاث حلقات هي: الصدر الأمامي، والمتوسط، والخلفي، ويحمل الصدر أعضاء الحركة التي تتمثل في ثلاثة أزواج من الأرجل (في جميع الحشرات)، وزوجين من الأجنحة في الحشرات المجنحة، وقد يتحور الزوج الثاني أو يختزل (كما في الذباب)، وقد ينعدم وجود الأجنحة في بعضها (كما في القمل)، وتصبح عاجزة عن الطيران، أما البطن فيتكون من عدد من الحلقات 6 - 11 حلقة، ولا تحمل حلقات البطن لمعظم الحشرات الكاملة سوى الملامس، والقرون الشرجية، وأعضاء التناسل الخارجية. ويتم التنفس بطرق كثيرة، منها: القصبات الهوائية (الحشرات الأرضية)، والخياشيم القصبية (الحشرات المائية)، وجدار الجسم الرقيق (الحشرات الطفيلية). والتحول والنمو في الحشرات غير متجانسين، إلا أنها تمر بمراحل نمو متتالية حتى تصل إلى الطور اليافع ثم البالغ، وتمر بعض الحشرات بتحول ناقص (بيضة - حورية - حشرة كاملة) أو تحول تام (بيضة - يرقة - خادرة - حشرة كاملة). ويعيش كثير من أنواع الحشرات حياة اجتماعية تعاونية يعمل فيها الفرد لصالح المجموعة مثل: النمل، والنحل، والنمل الأبيض، ولبعض الحشرات أهمية اقتصادية، كما أن لبعضها مضار صحية واقتصادية على الإنسان وعلى حيواناته ومزروعاته، وتصنف طائفة الحشرات إلى أكثر من 26 رتبة فيها نحو 1000 فصيلة وعدة آلاف من الأجناس  .  ومن رتب الحشرات ما يأتي:

 

أ- رتبة الصراصير (Order Dictyoptera):

 

هي حشرات خارجية الجناح، وصغيرة إلى كبيرة الحجم، ويصل طولها إلى 7سم، وقد وصف منها تقريبًا 3500 نوع على مستوى العالم تتبع ثماني فصائل، ويوجد منها في المملكة الصرصور الأمريكي والشرقي والألماني.

 

- الصرصور الأمريكي (Periplaneta americana L): 

 

من فصيلة الصراصير (Family: Blattilidae). يوجد نحو 550 نوعًا من الصراصير في العالم تنتمي إلى أجناس متعددة. ويتميز هذا النوع بلونه البني، والأجنحة فيه لكلا الجنسين تفوق البطن في الطول، وللإنسان دور كبير في انتشار هذه الأنواع واستقرارها في مناطق العالم المختلفة.

 

ينتشر هذا النوع في جميع مناطق المملكة، وعادة ما يعيش في مجاري الصرف الصحي والبالوعات وغيرها من الأمكنة القذرة، وتتجول الصراصير بين المأكولات وأواني الطعام عند مرورها عليها؛ ما يجعل هذه الحشرة ناقلاً ميكانيكيا لعدد من مسببات الأمراض، وتضع الإناث بيضها الملقح في أكياس وقائية مسننة الحافة ذات لون بني غامق، وتعرف هذه بـ (القارب)، ويختلف عدد الأكياس باختلاف النوع، فالصرصور الأمريكي مثلاً تضع أنثاه 90 كيسًا خلال حياتها في كل كيس 16 بيضة، وتحمل الأنثى الكيس في مؤخر بطنها مدة تصل إلى أسبوع، ثم تضعه قبل الفقس بقليل في الشقوق، والفجوات، والأركان، وخلف الدواليب وداخلها، ويفقس البيض - عادة - بعد شهر إلى ثلاثة أشهر، وتخرج الحوريات التي يكون لونها فاتحًا عند الفقس، ثم ما تلبث أن يدكن لونها عند تعرضها للهواء خصوصًا الأكسجين؛ ما يجعلها تنسلخ ثلاث عشرة مرة خلال مدة قد تصل إلى السنة، ومن ثم تتكون الحشرة الكاملة. وتتغذى الصراصير على مواد الطعام، ولا ينشأ ضررها من قيمة ما تستهلك من غذاء، ولكن مما تخلفه من براز وفضلات، وما تتقيؤه من إفرازات ذات رائحة كريهة ومميزة. وتتميز الصراصير بالعدو السريع؛ إذ إن أرجلها متساوية في الحجم ورشيقة القوام؛ ما يساعدها على التجوال والفرار من الأعداء. وتعدُّ الصراصير عائلاً وسيطًا لبعض الديدان التي تتطفل على الحيوانات المجترة والإنسان، مثل: بيض الدودة الشريطية، والاسكارس والانكلستوما، والبلهارسيا. كما أنها تنقل البكتيريا المسببة لمرض الجذام، ومرض الطاعون، والبكتيريا المسببة للإسهال عند الأطفال، وبكتيريا التسمم الغذائي (السالمونيلا)، وبكتيريا التيفوئيد، والبكتيريا المسببة لحبوب الوجه، والدمامل والخراجات. كما تنقل بعض الفطريات المسببة لمرض القدم بين الأصابع المعروف بمرض الرياضيين. وتتم مكافحة هذه الحشرة باتباع طرق منها: النظافة العامة، والتخلص من النفايات والقمائم ووضعها في أمكنة محكمة لحين التخلص منها، وعدم ترك بقايا الطعام مكشوفة في المطابخ والأسواق، بل حفظها دائمًا بعيدة عن هذه الحشرة، وسد الشقوق والفجوات، وتحريك الأدوات بين الحين والآخر، وتعفير أو رش الأمكنة التي تغشاها الصراصير ببعض المبيدات الحشرية.

 

 

ب- رتبة مستقيمة الأجنحة (Order Orthoptera):

 

تعدُّ معظم أفراد هذه الرتبة آفات ضارة بالمحصولات الزراعية، وهي حشرات متوسطة إلى كبيرة الحجم، والأجنحة الأمامية - إذا وجدت - تكون جلدية والخلفية غشائية، وأجزاء الفم قارضة، وقد وصف منها أكثر من 19000 نوع تتبع 14 - 27 فصيلة، وقد سجلت منها أنواع كثيرة في المملكة بما فيها الجراد، والنطاط، وصراصير الغيط، والحفارات.

 

- الجراد المحلي (حصان الملح أو أبو حليمة) (Poiklocerus bufonius vittatus) (Klug, 1832): 

 

من عائلة الجراد المحلي (Family: Pyrgomorphidae)، وتمتاز الحشرة بلونها القاتم، ويوجد على الرأس والصدر بقع صفراء متصلة على شكل شريط، والزوج الأمامي من الأجنحة قاتم اللون، بينما الأجنحة الخلفية تتميز بأنها حمراء شفافة وحوافها سمراء، ويلاحظ أن طول الأجنحة أقصر من طول البطن.

 

يوجد هذا النوع من الجراد في جميع مناطق المملكة الزراعية والصحراوية، خصوصًا المنطقتين الوسطى والغربية، وتضع الإناث البيض في التربة الرخوة بكميات وفيرة، فيفقس عن حوريات صفراء اللون، وحجمها أصغر من الحشرات الكاملة. وتكمن أهمية الجراد المحلي في كونه يتغذى على جميع النباتات والثمار، كما أنه يتميز بغذائه على نبات العشار، والحنظل، والحرمل، والتي تعد غير مستساغة للجراد الصحراوي، كما أنها تحوي نسبة عالية من القلويدات السامة. وتكافح هذه الحشرات بجمعها مع الحوريات وإعدامها، أو ربما استخدام الرش والتعفير، أو نثر الطعم السام في أمكنة وجودها.

 

 

ج - رتبة متساوية الأجنحة (Order Isoptera):

 

هي حشرات رهيفة يراوح طولها بين 2 و 12مم، وتعيش معيشة اجتماعية في شكل مستعمرات؛ حيث تضم أفرادًا خصبة (الملك والملكة)، وأخرى عقيمة غير مجنحة (الشغالات والجنود). وقد وصف منها نحو 2120 نوعًا، وسجل منها عدد من الأنواع في المملكة مثل النمل الأبيض.

 

- النمل الأبيض (Anacanthotermes ochraceus) (Bumeister): 

 

من فصيلة هودوترميتيدي (Family: Hodotermitidae)، ويحتوي هذا الجنس على ثلاثة عشر نوعًا منتشرًا في كثير من بلدان العالم، وخصوصًا دول الشرق الأدنى. وقد تم تسجيل هذا النوع في مناطق مختلفة من جزيرة العرب بما في ذلك السهلان الساحليان الشرقي والغربي، وهو يصيب الأعشاب الجافة والأخشاب في المباني القديمة. ويتميز أفراد النمل الأبيض بين جميع رتب الحشرات بأن أنواعه تسلك سلوكًا اجتماعيا حقيقيا؛ فكل فردين متزاوجين يمكن أن يكونا مستعمرة متكاملة، فبعد فترة من الطيران التزاوجي تسقط الحشرات أجنحتها، وتبحث عن مكان ملائم تحت التربة أو في الأخشاب حسب نوعها، ثم تضع الأنثى بيضها الذي يفقس عن حوريات هي بمثابة الشغالات الأولى، ويقوم أفراد هذه المجموعة بمهمة البحث عن الغذاء وجمعه، وإطعام الأفراد المتزاوجة والحوريات الصغيرة. ويتميز أفراد النمل الأبيض باحتواء القناة الهضمية على كثير من الحيوانات الأولية السوطية التي تساعدها في عمليات هضم المواد السليلوزية، وقد لوحظ أن النمل الأبيض تلتهم جلود انسلاخها وبرازها؛ كي تحافظ على الكائنات الأولية في أمعائها، وكذلك تلتهم البيض الفائض عن الحاجة والأفراد الميتة منها؛ لتعوض احتياجاتها من البروتين الذي تقل نسبه عادة في وجبة السليلوز.

 

تتكون مستعمرة النمل الأبيض من مجموعات تمثل الأفراد الخصبة الوحيدة في المستعمرة، وتكون مجنحة، ولها أعين مركبة، وعوينات بسيطة، وتسقط الأجنحة بعد التزاوج، ويزداد طول جسم الأنثى ليستوعب الكم الهائل من البيض الذي تنتجه، بينما حجم الذكر يبقى دون تغير. وعادة ما يكون في المستعمرة فرد واحد من كلا الجنسين الذكر والأنثى الخصبين، وتتميز هذه الأفراد بأنها تعمر طويلاً نسبيا إذا ما قورنت بالأفراد العقيمة. والملاحظ أن الحوريات أثناء نموها تتحول إلى أشكال متخصصة ومختلفة شكليا بما في ذلك الشغالات (Workers)، وهي المسؤولة الأساسية عن جلب الغذاء، والنظافة، وبناء العش، والعناية بالأطوار الصغيرة. والشغالات غالبًا مبصرة وعقيمة وغير مجنحة، ولها فكوك قوية قارضة. أما الجنود (Soldiers) فهي مزودة بزوج متضخم من الفكوك العلوية، ومهمتها الدفاع عن المستعمرة، بالإضافة إلى ما حباها الله به من وجود بروز في الجبهة يشبه الخرطوم؛ حيث يفرز سائلاً كيميائيا يتحول إلى مادة غروية لاصقة تشل حركة الأعداء صغار الحجم خصوصًا النمل.

 

- النمل الأبيض (الأرضة) (Psaotemes hypostoma) (Desneux):

 

يتبع فصيلة النمل الأبيض (Family: Rhinotermitidae)، وتضم مستعمرة النمل الأبيض أفرادًا خصبة مجنحة منها؛ الزوج الملكي (الملك والملكة)، وأفرادًا عقيمة ذكورًا وإناثًا هي الشغالات ذات الفكوك القصيرة، والجنود ذات الرأس الكبير والفكوك القوية والكبيرة  .  ويعيش أكثر أنواع الأرضة انتشارًا في المملكة على مهاجمة المواد السليلوزية الجافة والأخشاب، وتسكن التربة. وقد تم جمعها من مناطق مختلفة بما في ذلك المنطقة الوسطى، والقصيم، والمنطقة الشرقية. وتعيش هذه الحشرات معيشة اجتماعية؛ إذ تعتمد على وجود مجموعات مختلفة من الأفراد تؤدي كلٌّ منها وظيفة معينة لخدمة المجموعة، وبمجرد أن تصل الأفراد التناسلية الثانوية المجنحة طور النضج التناسلي تترك العش فجأة في صورة أسراب تظهر في فصل الربيع أو الخريف؛ إذ تقضي فترة من حياتها طائرة في الجو غير مبتعدة عن مكان أعشاشها، وتعرف هذه الحالة بـ (رحلة التشتت)، ثم تسقط بعدها على الأرض، وتنقصف أجنحتها وتتجمع في أزواج تتحرك مثنى مثنى، ويتبع كل ذكر أنثى بحثًا عن مكان مناسب لإقامة العش، فإذا عثرا على شق في التربة أو حفرة مناسبة بدأ كلاهما في إعدادها لتكون نواة لعش المستقبل، ثم يتم التزاوج، وتبدأ الملكة بوضع البيض الذي ينتج عنه حوريات صغيرة تبدأ الأم (الملكة) بتغذيتها حتى يصبح الفريق أفرادًا كاملة عقيمة غير مجنحة يطلق عليها اسم (الشغالة)، وهذه الشغالة تأخذ بدورها العناية بالملكة وتغذيتها حتى تتفرغ لوضع البيض، وتقوم الشغالة أيضًا بعمل الأنفاق، وتوسيع العش، والعناية بالحوريات الصغيرة وتغذيتها، والملاحظ أن الأم تستمر في وضع البيض، حتى إن بعض الأنواع يصل عدد بيضها نحو مليون بيضة في السنة، وعادة ما تعيش الملكة نحو خمس سنوات، يصل عدد أفراد العش خلالها إلى عدة آلاف. ويختلف الأفراد في الشكل، وتكون الغالبية من الشغالة صغيرة الحجم العقيمة، وهناك أفراد أقل عددًا تمتاز بكبر الرأس، ووجود فكوك علوية قوية، وربما تكون لها القدرة على إفراز مادة كاوية، وهذه الأفراد هي الجنود أو العسكر، وعادة تتولى هذه المجموعة الدفاع عن المستعمرة ضد الحشرات الأخرى التي تهاجم العش خصوصًا النمل الأسود. هذا مع العلم بأنه يوجد في المستعمرة أفراد خصبة، بعضها طويل الأجنحة، وبعضها الآخر من دون أجنحة، ويمكن لأيٍّ منها أن تحل محل الأفراد التناسلية (الملك أو الملكة) حال فقدها أو موتها. ويسبب النمل الأبيض أضرارًا جسيمة بالغة للأخشاب، والمصنوعات الخشبية، والأثاث المنـزلي، والمباني الريفية، وأعمدة الهاتف المصنوعة من الخشب، وفلنكات السكك الحديدية، والأقمشة، والمفروشات، والخيش، والموكيت، والحصير، والورق، والكرتون، والحبوب المخزونة. وقد وجد أن لهذه الحشرة القدرة على إصابة الكثير من المواد غير السليلوزية مثل: البلاستيك، والبولي إثيلين، والمطاط.