طاعة الله ورسوله وأولي الأمر

الكاتب: المدير -
طاعة الله ورسوله وأولي الأمر
"طاعة الله ورسوله
وأولي الأمر




يجب على جميع المؤمنين أن يطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر، وهم العلماء والأمراء، يقول الله تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ? [النساء: 59].

 

فإن حصل تنازع واختلاف بينهم في أي مسألة فليردوا حكمها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: ? وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللَّهِ ? [الشورى: 10].

 

فيستنبط من وفّقهم الله من أهل العلم حكمَ الله في المسألة المتنازع فيها كما قال سبحانه: ? وَلَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وَإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ? [النساء: 83]، ولم يقل: لعلموه كلهم، بل بعض العلماء يعلمه وبعضهم لا يعلمه، ولذا يحصل الخلاف في الفهم بين العلماء كثيراً، قال الله تعالى: ? وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ? [الأنبياء: 78 - 79].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (33/ 41):

فهذان نبيان كريمان حكما في حكومة واحدة فخص الله أحدهما بفهمها مع ثنائه على كل منهما بأنه آتاه الله حكماً وعلماً، فكذلك العلماء المجتهدون - رضي الله عنهم - للمصيب منهم أجران، وللآخر أجر، وكل منهم مطيع لله بحسب استطاعته، لا يكلفه الله ما عجز عن علمه.

 

والمسائل الاجتهادية هي التي ليس فيها نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع، أو فيها نصوص متعارضة في الظاهر، أو سنة مختلف في ثبوتها، فيختلف أهل العلم في المسائل الاجتهادية لاختلاف أفهامهم، فمنهم من يصيب فله أجران، ومنهم من يخطئ فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له؛ لأن إدراك الصواب في جميع المسائل الاجتهادية إما متعذر أو متعسر، وقد قال الله تعالى: ? وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ? [الحج: 78]، وقال ? يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ? [البقرة: 185]، وفي الصحيحين عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر، وهذا من رحمة الله وتيسيره لهذه الأمة، قال سبحانه: ? وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ? [الأحزاب: ?]، وفي الدعاء العظيم الذي علمه الله عباده في آخر سورة البقرة: ? رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ? [البقرة: 286] قال الله: قد فعلت كما في صحيح مسلم من حديث ابن عباس.

 

فإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز التشنيع على العالم إذا أخطأ في مسألة اجتهادية لم يوفّق للصواب في اجتهاده فيها، ولا يلزم من خطئه فيها أن يكون آثماً، بل له أجر على اجتهاده كما سبق بيانه، وكذلك لا يشنع على من أخذ بقوله من العامة، فإن الواجب عليهم سؤال أهل العلم كما قال الله: ? فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ? [النحل: 43]، فإن سألوا من يثقون بعلمه فقد قاموا بما أوجب الله عليهم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، قال شيخ الإسلام: الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه في مثل هذه المسائل... وكذلك قال غير واحد من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه، ولهذا قال العلماء: إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد وليس لأحد أن يُلزم الناس باتباعه فيها، ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر فلا إنكار عليه ا.هـ من مجموع الفتاوى (30/ 79).


"
شارك المقالة:
33 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook