طرق الحج بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

الكاتب: ولاء الحمود -
طرق الحج بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية

طرق الحج بالمدينة المنورة في المملكة العربية السعودية.

 
 
احتلت المدينة المنورة مكانة إستراتيجية مميزة في منطقة الحجاز مثلها مثل مكة المكرمة، ولا سيما بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إليها وأصبحت عاصمة الإسلام الأولى؛ حيث أخذ المسلمون من بلدان شتى بعيدة يتوافدون عليها لتأدية الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي  ،  كما كانت المدينة على مدار التاريخ ملتقى الطرق التجارية والحج، حيث وفرة المياه والمزارع والمراعي، بالإضافة إلى طبيعتها الجبلية التي توفر لها الحماية 
 
وتتصل المدينة بالحواضر والمراكز الرئيسة داخل الجزيرة العربية وخارجها بعدد من الطرق الرئيسة، بالإضافة إلى الطرق الفرعية الداخلية في منطقة الحجاز، ومن أهم الطرق التي تؤدي إلى المدينة ما يأتي:
 
 طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة (درب زبيدة).
 
 طريق الكوفة - المدينة المنورة (طريق النقرة - المدينة المنورة).
 
 طريق الأخرجة.
 
 الطريق الشرقي (السوارقية - صفينة - حاذة).
 
 طريق الحج الشامي.
 

طريق الحج من الكوفة إلى مكة المكرمة (درب زبيدة)

 
يعد من أهم الطرق القديمة الرئيسة التي كانت تربط الكوفة بمكة المكرمة والمدينة المنورة أيضًا منذ بداية العصر الإسلامي  ،  وقد لقي هذا الطريق كل الاهتمام والرعاية من الدولة العباسية التي اتخذت من بغداد عاصمة لها؛ ليستفيد منه كل من يسلكه من الحجاج والتجار  . 
 
وكان العصر الذهبي لهذا الطريق هو عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد 170 - 193هـ / 786 - 809م وزوجته السيدة زبيدة، فزود بكثير من العلامات الإرشادية والشواهد الحجرية والمنارات والمحطات، وكانت السيدة زبيدة مهتمة شخصيًا بتطوير هذا الطريق، وبذلت ما في وسعها لتوفير أقصى قدر ممكن من سبل الراحة لمن كانوا يسلكونه، ومن هنا جاءت تسميته (درب زبيدة)  
 
وينطلق هذا الطريق من الكوفة إلى مكة المكرمة تجاه الجنوب مخترقًا المناطق المعروفة اليوم بالحدود الشمالية، ثم إلى حائل، فالقصيم، والمدينة المنورة، ثم إلى مكة المكرمة. ويلتقي طريق الكوفة مع طريق البصرة في موضع معدن النقرة، حيث يتفرع منه طريق رئيس يتجه إلى مكة المكرمة، وهو استمرار لدرب زبيدة، وطريق رئيس آخر يتجه إلى المدينة المنورة، ويخترق درب زبيدة الجهة الشرقية من منطقة المدينة المنورة والمحطات الرئيسة والاستراحات والمنازل الواقعة في نطاق منطقة المدينة المنورة على امتداد هذا الطريق هي: الجفنَّة، الماوان، الصقعاء، الربذة، حمضان (الروثة)، الوسنة، السليلة، البريكة (الضبة)، العمق، معدن بني سليم، ضلع الشق (كراع)، أفيعية، خبراء الحاج (الكبوانة)، ثم يتجه الطريق إلى فيضة المسلح بمنطقة مكة المكرمة  
 
ومن أبرز المواقع الأثرية الإسلامية على هذا الطريق موقع الربذة، حيث كشفت التنقيبات الأثرية به عن آثار إسلامية متنوعة، سواء كانت معمارية أو تحفًا منقولة، كذلك عُثر في عدد من المواقع الأثرية الأخرى على كتابات إسلامية منقوشة على الواجهات الصخرية  
 

طريق الكوفة - المدينة المنورة (طريق النقرة - المدينة المنورة)

 
يتجه هذا الطريق من معدن النقرة غربًا إلى العسيلة، ومنها إلى بطن نخل (الحناكية اليوم) ثم الطرف (الصويدرة حاليًا) الواقعة غرب الحناكية، ثم إلى المدينة المنورة. ومن أهم المواقع الأثرية بهذا الطريق موقع الصويدرة، حيث عثر به على عدد من النقوش الإسلامية تعود في تواريخها إلى السنوات 101و 195و 205و 249هـ / 719 و 811 و 820 و 863م، وكذلك موقع السايبية (بئر السائب قديمًا) الذي عُثر به على أساسات مستوطنة إسلامية، وبئر، وعـدد مـن النقـوش الإسلاميـة، أحدهـا مـؤرخ بسنـة 165هـ / 782م  . 
 
تتفرع من طريق الحج بين الكوفة ومكة المكرمة (درب زبيدة) فروع كثيرة تصل إليه من طرق رئيسة أخرى، وأبرز فرعين رئيسين هما: طريق من النقرة إلى المدينة المنورة، وطريق السوارقية - صفينة - حاذة   (الطريق الشرقي).
 

طريق الأخرجة

 
يعرف في المصادر الإسلامية بهذا الاسم، وهو يتفرع من طريق الكوفة (درب زبيدة) عند وصوله إلى بلدة فيد، حيث يسير - حسبما ذكر الحربي - تجاه الأخرجة، ثم غمر مرزوق والسعد، ثم بطن نخل، والشقرة، وبئر السائب (السايبية) حتى يصل إلى المدينة المنورة  .  وهذا الطريق هو أحد فروع طريق البريد وطريق الحج في آن واحد  
 

الطريق الشرقي (السوارقية - صفينة - حاذة)

 
هو أحد الطرق الفرعية لدرب زبيدة، ويربط المدينة المنورة بمكة المكرمة  ،  ويعرف أيضًا بالطريق السلطاني، ومن أهم المحطات التي يمر بها: حاذة، وصفينة والسوارقية   وهذه المراكز الثلاثة هي واحات في حرة راهط (حرة بني سليم)  
 
ويتجه الطريق من النقرة إلى العسيلة ثم إلى المتعشى (المحدث)، ثم إلى بطن نخل، ثم إلى الطرف (الصويدرة) ومنها إلى المدينة، وتعد الصويدرة نقطة عبور للمسافرين قبل العصر الإسلامي وأثناءه، وتزخر هذه المنطقة بالنقوش الخطية الإسلامية، بالإضافة إلى النقوش العربية القديمة والرسوم الصخرية  
 

 طريق الحج الشامي

 
تمر بمنطقة شمال الحجاز مجموعة من الطرق   التي تربط بلاد الشام ومصر بالأمكنة المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وقد اهتم الحكام المسلمون بهذه الطرق في مختلف العصور؛ وذلك من أجل راحة الحجاج  ،  وأشهر هذه الطرق وأهمها طريق الحج الشامي، المحجة الرئيسة  ،  وعرف هذا الطريق في المصادر التاريخية باسم (الطريق التبوكية) لمروره بتبوك، ويقع جزء منه في تبوك، والجزء الأكبر في النطاق الجغرافي لمنطقة المدينة المنورة  . 
 
ويبدأ الجزء من مسار طريق الحج الشامي الواقع ضمن النطاق الجغرافي لمنطقة المدينة المنورة شمالي الحجر (مدائن صالح) مرورًا بوادي القرى (العلا)، والسقيا، والرحيبة، وذو المروة، والمر، والسويداء، وذو خشب، ثم المدينة  .  وقد ظهرت محطات جديدة في العصور الإسلامية الأيوبية، والمملوكية والعثمانية، واختفت بعض أسماء المحطات القديمة، ومن الأسماء الجديدة بعد أن يمر الطريق بالحجر (مدائن صالح)، العلا، وحفائر الغنم (مغيرة)، وسهل المطران، وزمردة، وبئر جديد، وهدية، وإسطبل عنتر، وبئر نصيف، ثم ينتهي الطريق بالمدينة المنورة  
 
ولا تزال الآثار الإسلامية على طريق الحج الشامي باقية إلى اليوم، وتتمثل في النقوش الإسلامية والمنشآت المعمارية، مثل آثار الحِجْر، ومنها قلعة ترجع إلى الحكم العثماني، شيدهـا حاكـم دمشـق أسعـد باشا العظم سنة 1156 - 1170هـ / 1744 - 1757م وبركة ماء وبئر. ومن آثار مدينة العلا البلدة القديمة، التي تعد النموذج الوحيد الباقي للمدن التي كانت على هذا الطريق  ،  وما زالت تحتفظ ببعض معالمها المعمارية مثل قلعة البلدة، ومسجدها الجامع، وحمامها العام (حمام تدعل)، بالإضافة إلى قلعة مغيرة المعروفة في المصادر التاريخية باسم قلعة الحفائر (حفائر الغنم أو أبيار الغنم)، وقد شيدت في العصر العثماني خلال القرن الثاني عشر الهجري (الثامن عشر الميلادي)، وقلعـة زمـرد التي شيدهـا حاكـم دمشـق العثماني محمـد ثابـت أبو الذهب سنة 1185 - 1197هـ / 1771 - 1783م، وبركة مجاورة لها وبئر، وقلعة أخرى شيدها حاكم دمشق العثماني وأمير الحج الشامي عثمان باشا 1112 - 1184هـ / 1761 - 1771م، وبئر، بالإضافة إلى قلعة إسطبل عنتر، وقلعة الفحلتين، وآبار نصيف، وقلعة الحفيرة  
 
وفي بداية القرن الرابع عشر الهجري (العشرين الميلادي) شهد طريق الحج الشامي ما لم يشهده طريق آخر من طرق الحج، فمدّ خط سكة حديد الحجاز في حكم السلطان العثماني عبد الحميد سنة 1318هـ / 1900م على مسار طريق الحج الشامي نفسه تسهيلاً لمواكب الحجيج، وتيسيرًا لفريضة الحج  ،  وقد وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في 1326هـ / 22 أغسطس سنة 1908م، ويبلغ امتداد طريق سكة الحديد في نطاق منطقة المدينة المنورة ما يزيد على 350كم  
 
شارك المقالة:
62 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook