طريق الحج الشامي:

 

تمر بالمنطقة مجموعة من الطرق التي تربط بلاد الشام بالأمكنة المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومن هذه الطرق طريق الحج الشامي الرئيس الذي يمر على مدينة تبوك، وطريق تيماء الذي يتفرع من الطريق الرئيسة بعد تبوك ويتجه إلى المدينة مرورًا بتيماء ثم خيبر، ودرب الظهر (طريق حسمى الشرقي) الذي يعبر جنوب الأردن إلى هضبة حسمى مرورًا بوادي رم ليتصل بطريق الحج الرئيس جنوب تبوك.

 

وقد اهتم الحكام المسلمون بطريق الحج الشامي الرئيس والطرق المتفرعة منه، فحفروا الآبار على مساراتها، وبنوا البرك في محطاتها، وأقاموا القلاع والأبراج لتوفير الحماية للحجاج، وبنوا الجسور على الأودية الخطرة، ومهدوا العقبات الصعبة، مثل: عقبة الأخضر، ووضعوا المنارات وعلامات الطرق.

 

طريق الحج الشامي الرئيس عرف باسم التبوكية نسبة إلى بلدة تبوك التي يمر عليها، ويدخل هذا الطريق حدود منطقة تبوك بدءًا من حالة عمار ثم يمر على محطات: ذات حاج، ثم تبوك، ثم الأخضر، ثم المعظم، ثم الدار الحمراء (البريكة)، ثم الأقرع، ثم الحجر، ثم العلا، ومن العلا يتجه إلى المدينة مرورًا بعدد من المحطات  

 

ولم يتغير مسار الطريق في جزئه الواقع بين تبوك والعلا طوال العصور الإسلامية، إلا أن بعض محطات هذا الجزء حملت أكثر من اسم، أما الجزء الواقع بين العلا والمدينة فقد كان له مسار قديم استخدم في الفترة الإسلامية المبكرة، ومسار متأخر استخدم بعد القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي  

 

وقد شهد طريق الحج الشامي ازدهارًا كبيرًا في عمارته خلال العصر العثماني، حيث شيد عليه كثير من القلاع والبرك والآبار، ويتوافر على جزء الطريق الشامي الواقع بمنطقة تبوك عدد من المعالم والمباني الأثرية، أبرزها: علم الطريق بحالة عمار، وقلعة ذات حاج  ، وبرك عين تبوك، وقلعة تبوك، وبئر الأخضر وبركة، وبقايا قلعة الأخضر، وقلعة المعظم، وبركة المعظم، وبركة الدار الحمراء وبقايا قلعتها، بالإضافة إلى العشرات من مواقع النقوش والكتابات التذكارية المتناثرة على مسار الطريق  

 

 طريق الحج المصري:

 

يعبر طريق الحج المصري الجزء الساحلي لمنطقة تبوك، فبعد أن ترحل قوافل الحجاج من أيله (العقبة) تمر على حقل ثم الشرف ثم مدين (مدينة البدع الحالية)، وكان لحجاج مصر في العصور الإسلامية المبكرة بعد رحيلهم من مدين طريقان: أحدهما داخلي، والآخر ساحلي؛ فأما الداخلي فيتجه إلى الداخل نحو شغب، ثم بدا، ثم يمر على عدد من المنازل إلى أن يصل إلى وادي القرى، حيث يلتقي في السقيا (الخشيبة) بطريق الحج الشامي ليسير معه إلى المدينة. وأما الطريق الساحلي فيسلك بعد مدين ساحل البحر، ويمر على عينونا، ثم النبك، (المويلح)، ثم ضباء، ثم العونيد (عنتر)، ثم الوجه، ثم الحوراء (أملج)، ثم نبط، ثم ينبع (النخل)، ثم الجار؛ ومن الجار يتجه الطريق إلى مكة المكرمة مرورًا بالجحفة، أو إلى المدينة المنورة مرورًا ببدر 

وكان الطريق الداخلي هو الأكثر استخدامًا خلال القرنين الأول والثاني للهجرة، وخلال القرن الثالث (السابع والثامن والتاسع الميلادي) زاد استخدام الطريق الساحلي حتى انتهى الأمر إلى ترك استخدام الطريق الداخلي في تاريخ لاحق. واستمر سفر الحجاج على الطريق الساحلي إلى منتصف القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي ثم توقف الطريق قرنين من الزمان بسبب الوجود الصليبي في بلاد الشام وخليج العقبة، ولم تَعُدْ الحركة إليه إلا في سنة 667هـ / 1269م بعد طرد الصليبيين وإلغاء السفر على طريق عيذاب، ومنذ ذلك التاريخ وطوال العصرين المملوكي والعثماني ظل طريق الحج المصري الساحلي في خدمة الحجاج المصريين حتى سنة 1301هـ / 1884م، وهو تاريخ مرور آخر قافلة رسمية للحج على الطريق البري، حيث عاد الحجاج بعد هذا التاريخ إلى السفر بحرًا من السويس إلى جدة على متن السفن البخارية والشراعية  

 

وطوال تاريخه نال طريق الحج المصري بمساريه الساحلي والداخلي عناية الحكام المسلمين الذين أقاموا عليه البرك، وحفروا الآبار، ومهدوا العقبات الصعبة، وبنوا المساجد والحصون والقلاع. كما أن بعض محطات الطريق؛ وبخاصة في منطقة تبوك تحولت إلى مدن وبلدات مزدهرة، مثل: حقل، ومدين، والعونيد، والحوراء. وتوجد على الطريق في الوقت الحاضر معالم ومبانٍ أثرية كثيرة يعود تاريخها إلى مختلف العصور الإسلامية، بالإضافة إلى أعداد كثيرة من النقوش الكتابية التذكارية التي كان الحجاج ينقشونها على صخور الطريق تذكارًا لمرورهم  

وأبرز هذه الآثار في منطقة تبوك: برك البدع، وآبار وقلعة المويلح، وقلعة الأزلم، وقلعة الزريب بالوجه، وآبار نبط، وبركة شواق، وبركة بدا.

 

 سكة حديد الحجاز: 

 

كان الدافع وراء إنشاء سكة حديد الحجاز خدمة حجاج بيت الله الحرام وتوفير وسيلة نقل حديثة تقلهم إلى الأراضي المقدسة، ولذا سارت عملية بناء الخط بسرعة فائقة، حيث شُرع في العمل بجزئه الأول (دمشق - درعا) في عام 1318هـ / سبتمبر 1900م ووصل أول قطار إلى المدينة المنورة في عام 1326هـ الموافق 22 أغسطس 1908م، وبلغ طول الخط من دمشق إلى المدينة 1302كم، وقد قُسم إلى خمسة أقسام؛ ويمتد القسم الأول من دمشق إلى درعا وطوله 123كم، والقسم الثاني من درعا إلى عَمَّان وطوله 99كم، والقسم الثالث من عمان إلى معان وطوله 237كم، والقسم الرابع من معان إلى تبوك وطوله 233كم، والقسم الخامس من تبوك إلى المدينة المنورة وطوله 610كم؛ ويتكون من قطاعين: قطاع تبوك العلا وطوله 288كم، وقطاع العلا المدينة المنورة وطوله 322كم  

 

والذي يهم من هذا الطريق الجزء الواقع في منطقة تبوك، فقد تم الاحتفال بوصول الخط الحديدي إلى تبوك في عام 1324هـ الموافق الأول من سبتمبر 1906م، وقد واجهت تنفيذ جزء الطريق الواقع جنوب تبوك بعض العقبات بسبب وجود تضاريس صعبة نسبيًا استلزمت إقامة عدد من الجسور على الأودية التي يعبرها الطريق بلغت أطوال بعضها 60م، وفي منطقة الأخضر التي تبعد 70كم إلى الجنوب الشرقي من تبوك نفذ نفق طويل تحت جزء من عقبة الأخضر، وعلى وادي الأخضر تم بناء أكبر جسر حجري على هذا الجزء من الطريق بلغ طوله 143كم واحتوى على عشرين قنطرة، كما تم إنشاء ست عشرة محطة على مسار السكة بين تبوك والعلا. وتختلف أحجام هذه المحطات من مكان إلى آخر، ففي تبوك أنشئت محطة رئيسة مكونة من مجموعة من المباني بالإضافة إلى مباني الحجر الصحي، وبعد تبوك تتوالى محطات صغيرة ذات تصميم موحد إلى أن يصل الطريق إلى الحجر. وهذه المحطات على الترتيب: وادي الأثيلي، وبرك، والأوجرية، ودار الحج، والمستبقة، والأخضر، وخميسة، والأسعد، والمعظم، وخشم صنع، والدار الحمراء، والمطلع، وأبو طاقة، والمزحم، والحجر (مدائن صالح)؛ كما توجد خمس محطات أخرى للسكة شمال تبوك تقع في الحدود الإدارية لمنطقة تبوك، وهي من الشمال إلى الجنوب: حالة عمار، وذات الحاج، وبئر ابن هرماس، والهضم، والمحتطب  

 

وبعض محطات سكة الحديد في منطقة تبوك في حالة إنشائية جيدة تسمح بالاستفادة منها بعد إجراء ترميمات لها، وبعضها الآخر أصابه الخراب فتهدم، ومعظم هذا الخراب حدث بفعل العابثين من الشباب الذين يحفرون في أرضياتها وتحت أساساتها باحثين عن كنوز مزعومة.