قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الذين يسعَون إلى العناية بكتاب الله -تعالى-؛ من خلال قراءته، وتدبُّره، وترتيله، والعمل به: (إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ ، من هُم ؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ)، وهم أولئك الذين يتأثّرون بكلام الله -تعالى-، ويستشعرون معنى كلّ حرف، وكلّ آية فيه، كما أنّهم يعملون بما جاء فيه طوال الوقت، فميّزهم الله -تعالى-عن غيرهم من البشر في الدُّنيا، والآخرة؛ ففي الدُّنيا هم خير الناس وأفضلهم، وفي الآخرة هم أهل الله وخاصّته، وقد ذكر التاريخ العديد من الرجال الذين أفنَوا أعمارهم في سبيل العناية بكتاب الله، وتفسيره، وحِفظه، والعمل به، وذلك منذ تمام عملية جَمع القرآن الكريم في عهد أبي بكر الصدِّيق -رضي الله عنه-، وصولاً إلى الوقت الحاضر، علماً أنّ الله -جلّ جلاله- اختصّهم بضمّهم إلى اسمه؛ تعظيماً لهم؛ لأنّهم كرّسوا حياتهم في العناية بكتاب الله -تعالى-، وكما يقال: بيت الله، فإنّه يُقال: أهل الله، ولا يُعَدّ من أهل القرآن إلّا من طَهَّر نفسه، ونقّاها من الذنوب سرّاً وعلانيةً، ظاهراً وباطناً، وتَجمَّل بالطاعة الخالصة لله -سبحانه وتعالى-.
وتتمثّل هذه الطريقة بتحديد الكَمّ؛ أي أن تُقسَّم السورة الواحدة إلى أكثر من قسم -حسب قدرة الحافظ على الحِفظ-؛ فمثلاً يحفظ سورة الكهف على أربعة مراحل، أو خمسة -حسب استطاعته-،[٥] وتقسيم الحافظ للسورة المُراد حِفظها لا بُدّ أن يكون وِفقاً للآيات المُترابطة في المعنى؛ فلا مانع من قراءة التفسير المُيسّر للآيات قبل الشروع في حِفظها؛ لزيادة التمكُّن، كما يحرص الحافظ على تكرير المقطع الواحد خمس مرّات فأكثر؛ حتى يترسَّخ في ذهنه دون تفلُّت، وعند الانتهاء من حِفظ المقطع الأوّل يبدأ بحِفظ المقطع الثاني من آخر آيةٍ في المقطع الأوّل؛ إذ يساعده ذلك على الرَّبط بينهما، مع ضرورة تكرار ما تمّ حِفظه بتركيز، ورَبط المقاطع جميعها ببعضها.
وعلى الرغم من صعوبة رَبط السورة دفعة واحدة؛ لاختلاف الأوقات، والظروف التي تمّ حِفظها فيها، إلّا أنّه من الممكن حلّ هذه المشكلة وتلافيها؛ بكثرة تلاوة الحافظ للسورة على دفعة واحدة في وقت واحد، ومع الوقت، فإنّه سيتمكّن من تسميع السورة دفعة واحدة، وتُعَدّ هذه الطريقة من الطرق المُنتشرة بين الحُفّاظ والمُقرِئين؛ لأنّ الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يأخذ القرآن من جبريل خمساً خمساً، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- لا يحفظون الجديد إلّا بعد إتقانهم الحِفظَ القديم، وعملهم بما جاء فيه، ويُشار إلى أنّ هذه الطريقة تساعد على ترسيخ الحِفظ، وهي من الطرق السهلة في تحفيظ القرآن للأطفال، ولِمَن تنقصهم الخبرة، كما أنّها تساعد الحافظ على التفريق بين الآيات المُتشابهة في التراكيب والألفاظ، علماً أنّه لا بدّ من وضع خطّة زمنيّة للحِفظ؛ حتى يتيسّر للحافظ تقسيم السورة، وحِفظها وِفق جدول زمنيّ يتناسب مع طاقته، وأحواله.
لا يمكن حِفظ القرآن الكريم دون عَونٍ من الله -سبحانه وتعالى-، ولذلك يُعَدّ الإخلاص لله -تعالى- في حِفظ القرآن، والاستعانة به من أنفع الطرق، وأفضلها، بالإضافة إلى أنّ لحافظ القرآن منزلة عظيمة ينالها، وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الطريقة تتمثّل بضرورة وجود شيخ مُتقِن للتجويد؛ تلاوةً، وترتيلاً؛ ليأخذَ الحافظ بإرشاداته، ويتلو عليه ما حَفِظه من آيات، فيُصحِّح له الشيخ تلاوته، ومن ثمّ يكون الجهد على الحافظ؛ وذلك بترديد ما حَفِظه من الآيات طوال يومه؛ حتى يتمكّن من حِفظها، مع مُداومته على مراجعة كلّ ما حَفِظه في الأيّام التالية، وترسيخه، وتثبيته؛ بكثرة قراءته؛ بحيث يقرأ كلّ يوم منه وِرْداً، وخير الأوقات وأفضلها للحِفظ والمراجعة ما يكون وقت الفجر؛ سواء كان قبل الفجر، أو بَعده، وينبغي على الحافظ أن يكون من الصابرين في حِفظه؛ فالصبر هو المُعين على المُداومة، والاستمرار في الحِفظ.
وتُسمّى هذه الطريقة (طريقة الحصون الخمسة)؛ وهي طريقة سهلة ومُيسِّرة لحِفظ القرآن الكريم في زمن يسير، وتتلخّص في خمسة حصون، بيانها فيما يأتي:
وهي طريقة الحِفظ بالتكرار؛ ويكون ذلك بتكرار الآية الأولى من المُراد حِفظه عشرين مرّة، ثمّ تكرار الآيات التالية؛ كلّ آية على حِدة؛ بواقع عشرين مرّة لكلّ آية، حتى تصل الآيات إلى أربع، ثمّ يتمّ الرَّبط بين الآيات الأربع، وتُكرَّر قراءتها عشرين مرّة، ثمّ تُحفَظ أربع آيات أخرى، وتُكرَّر كلّ آية عشرين مرّة بالطريقة السابقة نفسها، ثمّ يتمّ الرَّبط بين الآيات الأربعة الجديدة عشرين مرّة، وبعد ذلك يتمّ تكرار ما تمّ رَبْطه في الحِفظَين عشرين مرّة، وعند الانتهاء من حِفظ وجه واحد من المصحف وقبل الشروع في الحِفظ الجديد يُكرَّر هذا الحِفظ عشرين مرّة؛ حتى يترسَّخ، ويثبت، ثمّ يُشرَع في الحِفظ الجديد.
يُعَدّ اهتمام الأهل بتحفيظ أطفالهم القرآنَ الكريمَ من أفضل الأعمال، خاصّة إذا ابتُدِئ معهم ذلك منذ الصِّغر؛ فهو خير مُعين للطفل على حِفظ القرآن، والطفل الذي اعتاد سماعَ القرآن الكريم منذ صِغره يكون أسرع في الحِفظ من غيره، ويُمكن للطفل أن يبدأ بحِفظ القرآن بالتلقّي منذ عُمر الثالثة، والرابعة؛ فقد حَفِظ الطبريّ القرآن وهو في سنّ السابعة، وحَفِظه السيوطي وهو في السادسة من عُمره، وتجدر الإشارة إلى أنّ تحفيظ الأطفال يجب أن يكون من شخص مُتقِن لتلاوة القرآن الكريم؛ سواء كان أحد الوالدَين، أو مُعلّماً مُتقِناً لتلاوته من أهل القرآن، مع ضرورة وجود المصحف مع الطفل خلال الحِفظ؛ حتى يعتاد النَّظَر إلى الكلمات، وإلى طريقة رَسْمها، ويَربط بينها وبين حِفظه والنُّطق السليم لها، ومن الممكن الاستفادة من الأشرطة التعليميّة المُكرَّرة في تحفيظ القرآن، بالإضافة إلى البَدء بحِفظ السُّوَر القصيرة؛ حتى يكون ذلك أسهل عليه، ولحِفظ القرآن الكريم وسائل وأساليب عديدة تساعد على تيسير الحِفظ للأطفال، ومن هذه الوسائل ما يأتي:
هناك العديد من النصائح والتوجيهات لِمَن يودّ حِفظ القرآن الكريم، ومنها ما يأتي:
موسوعة موضوع