عباد الله الصالحين.

الكاتب: حنان حوشان -
عباد الله الصالحين.

عباد الله الصالحين.

 

تعريف عباد الله الصّالحين

 
ورد لفظ عباد الله الصّالحين في القرآن الكريم وفي الأحاديث النّبويّة وفي آثار الصّحابة رضي الله عنهم، فالعبد في اللغة هو المخلوق والمطيع، ويُطلق أيضاً على المملوك لغيره،[] أمّا في الاصطلاح فهو العابد لله -تعالى- المُطيع لأمره والمجتنب لنواهيه ومن أفرده بألوهيّته وربوبيّته وأسمائه وصفاته ولم يشرك به أحداً،[] امّا الصالح في اللغة فهو الرجل المستقيم المؤدّي ما عليه من الواجبات، والصّالحين في الاصطلاح هم من صَلُحت علاقتهم بالله -تعالى- فلم يعملوا إلّا ما أمرهم به الله تعالى، وانتهوا نواهيه، وأُطلق عليهم لفظ أولياء الله تعالى؛ حيث ورد في القرآن الكريم: (أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ*الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ*لَهُمُ البُشرى فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبديلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ).[]
 
 
 

صفات عباد الله الصّالحين

 
من أطاع الله -تعالى- والتزم أوامره واجتنب نواهيه كان من عباد الله الصّالحين وأوليائه، وفيما يأتي بيان صفات عباد الصالحين:[]
 
المداومة على قيام الليل، فإنّ عباد الله الصالحين يحبّون الاختلاء بالله -تعالى- ليلاً يتلون القرآن ويناجون الله -تعالى- بحبّهم له وحاجتهم كذلك؛ حيث قال الله تعالى في وصف حال قيامهم: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون).[]
الخوف من الله -تعالى- والتوسّل إليه للنّجاة من عذاب الآخرة.
التّوحيد الخالص لله -تعالى- وحُسْن التوكّل عليه.
عدم الأذيّة للنّاس والاعتداء على النّفس التي حرّم الله تعالى؛ فمن صفات المسلم سلامة النّاس منه.
التّوبة العاجلة وكثرة الإنابة والاستغفار إلى الله تعالى، والخشية من بلاء الذنب.
التواضع ولين الجانب وعدم التكبّر والغرور.
الحلم والعفو ومسامحة من أخطأ بحقّهم.
التوازن والاعتدال في كلّ شأنهم، فإنفاقهم ليس فيه سرف وكذلك فهم لا يبخلون على غيرهم بل يعلمون حقّ الله -تعالى- وحقّ النّاس في أموالهم.
عدم إتيان المعاصي والمحرّمات وعدم الجلوس في الأماكن والمجالس التي يُعصى فيها الله تعالى؛ حيث قال الله -تعالى- في القرآن الكريم: (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).[]
حرص الصالحين على تربية أبنائهم تربية صالحة تُرضي الله تعالى، والحرص على بناء الأسرة بأكملها لتكون لَبِنةً صالحةً في المجتمع المسلم.
حرص الصّالحين على الدّعوة إلى الله في المجتمع لإصلاحه والأمر بالمعروف والنّهي عن المنّكر.
التوجّه إلى الله -تعالى- بالسؤال والدّعاء في كلّ حين.
 
 
ثمرات الصّلاح
إنّ الصّلاح الذي يكون من العبد في حياته يترتّب عليه عدّة ثمار ونتائج، وبيان بعضها فيما يأتي:[
 
إنّ للصّالحين بشارات وكرامات من الله تعالى؛ حيث قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: (رؤيا الرجلِ الصالحِ جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوةِ).[]
الصّالحون يتولّاهم الله -تعالى- بقَدَر ولايتهم وإيمانهم وصلاحاهم؛ حيث قال الله تعالى: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).[]
الصّالحون مقرّبون في الدنيا وشفعاء في الآخرة، فعندما توفّي النجاشيّ في الحبشة وكان الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- في مكّة المكرّمة صلّى عليه صلاة الغائب وأمر الصّحابة -رضي الله عنهم- بالصّلاة عليه؛ لصلاحه.
الصّالحون منقلبهم في الآخرة في عليّين؛ حيث قال الله -تعالى- في الحديث القدسيّ: (أعدَدتُ لِعبادي الصَّالِحين ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سَمِعَت، ولا خَطَر على قلْبِ بشَرٍ).[]
الصّلاح سبب للتمكين في الأرض؛ حيث قال الله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ).[]
الصّلاح تصل بركته للأولاد فيحفظهم الله بحفظ وصلاح والدهم، وإنّ الولد الصّالح هو صدقة جارية للوالد.
الصّلاح سبب لتحقيق الأمان والسّلام والحفظ في الأرض، فالصّالحون محفوظون بحفظ الله تعالى، وسبب لحفظ لغيرهم كذلك.
الرجل الصالح إذا مات تقدّم جنازته ويجب الإسراع بها للنّعيم الذي ينتظرها، والرجل الصالح عندما يموت يأتيه رجل طيّب وجميل الرائحة والهيئة يؤنسه في قبره.
 
 

فوائد معرفة صفات الصالحين

 
إنّ معرفة صفات عباد الله الصالحين يعود على الإنسان بالخير والصّلاح والنفع، وبيان ذلك فيما يأتي:[]
 
الاقتداء بالصّالحين والاستفادة والاتعاظ من مواقفهم والاعتبار بها.
صلاح القلب ونزول الرّحمات عليه، حيث قال سفيان الثوريّ رحمه الله: (إنّ رحمة الله تتنزّل في مجلسٍ يُذكر فيها الصالحون)، وقال غيره: (إنّ ذكر الصالحين ينفع القلب ويحييه)، وذكر ابن القيم الجوزيّ رحمه الله: (إنّ تدارس الفقه وحده لا يكفي لحياة القلب، بل إنّ على المسلم أن يقرأ في الرقائق وفي سِير الصالحين).
تذكّر الإنسان لقَدر نفسه، فعندما يُطالع الإنسان همم الصالحين وعباداتهم، فإنّه يشعر بتقصيره ممّا يدفعه إلى شدّ العزم ليأتي ما فاته من خير وعمل، وقال ابن الجوزيّ: (ومن نظر في سير السّلف من العلماء العاملين استقرّ نفسه فلم يتكبّر).
محبّة الصّالحين، فالذي يقرأ في سيرة أحد الصّالحين يزداد حبّ الصالحين في قلبه ويعتزّ بهه وبأفضالهم، وبذلك ترتفع درجات المسلم في الآخرة، فالمسلم يُحشر مع مَن أحبّ كما دلّ على ذلك الحديث الشريف؛ حيث أورد الإمام مسلم في صحيحه ما يدلّ على ذلك؛ فقال: (جاء رجل إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقال: يا رسولَ اللهِ؛ متى الساعةُ؟ قال: وما أعددتَ للساعةِ ؟ قال: حُبَّ اللهِ ورسولِه، قال: فإنك مع من أحبَبتَ).[]
الاستفادة من تجارب الصالحين والأولياء وخِبراتهم والبناء عليها في حياة الإنسان الدينيّة والدنيويّة.
 
 
شارك المقالة:
88 مشاهدة
هل أعجبك المقال
0
0

مواضيع ذات محتوي مطابق

التصنيفات تصفح المواضيع دليل شركات العالم
youtubbe twitter linkden facebook